العربية بين لغات العالم*

فتحي حسن ملكاوي
مستشار أكاديمي في المعهد العالمي للفكر الإسلامي
وعضو مجمع اللغة العربية الأردني


مقدمة
عندما يجرى الاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي، نجد كتابات كثيرة تتوزع على أهمية العربية بوصفها هُوية العربي وحاملة تراثه ومضمون ثقافته، وهي في الوقت نفسه لغةُ عبادة المسلم، الذي يرى أن الله سبحانه اختارها -بحكمته- لغةً لآخر كتبه المنزلة على آخر أنبيائه. وثمة حكم عام يستند إلى قدر من الحقيقة بأن العربية تستحق أكثر بكثير مما يوليها أبناؤها من عناية، فأغلب شعوب العالم تعطي لغاتها أكثر مما يعطي العرب لغتهم سواءً في اعتمادها لغة التعليم أو في عمليات التواصل. وقد نجد من يثق بمستقل العربية؛ لأنها محفوظة بحفظ القرآن الكريم، بالرغم من عجز أهلها عن حمايتها، وأن ثمّة من يحذِّر من عدم قدرتها على الصمود في وجه التحديات المرافقة للعولمة والتقدم التكنولوجي. وبعض الكتابات تربط حالة اللغة بحالة شعوبها من تقدم أو تخلف، ويمثلون لذلك بأنها كانت لغة الحضارة والعلم في العالم عدة قرون يوم كانت الحضارة العربية الإسلامية في أوج ازدهارها.
تسهم هذه الورقة في التذكير بشيء من تاريخ هذه اللغة، والسياقات الفكرية والحضارية التي حضرت فيها، وحالتها المعاصرة في الشابكة الدولية بوصفها مؤشراً مهماً على موقعها بين لغات العالم المعاصر. وتلقي الورقة الضوء على الطريقة التي جرى التعبير عن خصائص اللغة العربية ومزاياها عند غير أهلها من المستشرقين والمستعربين، والطريقة التي تتم فيها الدراسات القرآنية التي تتناول مفردات العربية وموضوعاتها. وتختم بالإشارة إلى بعض المبشرات المتاحة للغة العربية والتحديات التي تواجهها، والمسؤولية الملقاة على أبناء اللغة، لاستثمار المبشرات ومواجهة التحديات.
أولاً: العربية بين التاريخ والحضور المعاصر
1ـ لمحة عن السياق التاريخي والحضاري للغة العربية
حين نتحدث عن موقع اللغة العربية -اليوم- بين لغات العالم، فإننا نستطيع أن ننظر إلى هذا الموقع في السياق التاريخي والحضاري، ونتأمل الأبعادَ الدينية والاجتماعية والجغرافية التي رافقت ذلك السياق. فلا شك في أنَّ العربية انتشرت مع انتشار الإسلام، فأصبحت العربية لغة شعوب كثيرة، ورَسمتْ الأبجديةُ العربية صورةَ لغات متعددة أخرى، وأصبح المركز الجغرافي المتوسط للبلاد المتعربة تعريباً كاملاً مركز إشعاع حضاري وبيئةً للتثاقف مع بقية جغرافيا العالم، فترجمت علوم الحضارات السابقة إلى العربية، التي أصبحت مرجعاً لكتابة العلوم باللغات الأخرى. ومن ثَمّ، مدى لغة الحضارة والعلم لقرون متتالية، وشاركت بفعالية كبيرة عبر التاريخ في التقدم الحضاري العالمي بميادينه الفكرية والعلمية.[1]
ومن المؤكَّد أنَّ العربية قد مرّت بمحطات متعددة في تاريخها من حيث النطق والكتابة، فثمّة نظرياتٌ مختلفة عن أول من نطق بالعربية الفصيحة الشبيهة بلغة القرآن الكريم، ونظريات مختلفة عن كتابة الأبجدية العربية، بحروف تطورت رسومها، كانت تقرأ سليمة بالسليقة دون نقط ولا حركات تشكيل، وبعد الإسلام اقتضى ضبط اللفظ القرآني التمييز بين الأحرف المتشابهة بالنقط، وتمييز الإعراب بالحركات،[2] وكل ذلك كان تيسيراً على المقبلين عن تعلم عربية القرآن وضبط تلاوته. واستطاعت بذلك الاستجابة لعمليات التطور والتجديد، مع الاحتفاظ بجذورها العميقة. وقد أسهم نزول القرآن الكريم بالعربية، في توحيد ألفاظها، واستقرار قواعدها، وتكامل نظامها النحوي عبر القرون اللاحقة، واكتسابها شرف كونها لغة القرآن، فأصبحت تسمى اللغة الشريفة. [3] 
وقد أسهم الامتداد الجغرافي للإسلام في أنحاء العالم المعروف في اطلاع المسلمين على تراث الشعوب المختلفة، وبدأت عملية ترجمة هذا التراث إلى اللغة العربية، فحُفِظت مادة التراث بموضوعاتها العلمية المختلفة، وتوالت عملية البحث والتطوير والتجديد في هذه العلوم. وعندما بدأ الغرب الأوروبي بالنهوض كانت انطلاقته من هذه العلوم ولغتها، فدخلت مئات المفردات العربية في اللغات الأخرى. أما اللغات الإسلامية فكتبت بالأبجدية العربية، فاعتَمَدت معظمَ الألفاظ العربية ذات الصلة المباشرة بالإسلام في معاجم تلك اللغات.
2ـ تقدير اللغة العربية باعتمادها لغة عالمية وبيوم عالمي
حين نتحدث عن حالة اللغة العربية اليوم، يمكننا أن ننوّه بأنَّها أخذت موقعاً متقدماً في مصاف عدد من لغات العالم حين اعتُمدت لغة من لغات الأمم المتحدة، وأن الأمم المتحدة قررت تحديد يوم عالمي للغة العربية هو اليوم الثامن عشر من كانون أول (ديسمبر) من كلِّ عام. وإذا أجزنا لأنفسنا مخاطبة اللغة العربية، فإننا نقول: كلَّ عام… وكل يوم… واللغة العربية بخير وعافية. ففي مثل هذا اليوم من عام 1973، تقرر أن تكون العربيةُ اللغةَ السادسة من اللغات الرسمية في منظمة الأمم المتحدة، وقد اختير هذا اليوم تحديداً؛ لأنَّه اليوم الذي اعتمدت فيه العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة، وذلك عام 1973. (مع اللغات الخمس الأخرى الإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية.
ومما يلفت النظر أنَّ اللغات الخمس الأخرى في الأمم المتحدة لها أيام دولية للاحتفال بها، بدلالة محددة لكلَّ يوم من هذه الأيام؛ وهي دلالة تمثِّل مناسبة تاريخية مهمَّة في حياة اللغة، وهو تاريخ محدَّدٌ مسبقاً. فاليوم العالمي للإنجليزية هو يوم ميلاد وليام شكسبير. وللإسبانية يومُ وفاة مقويل سيرفاتيس وهو أعظم كاتب إسباني في نظر الإسبانيين. وللروسية يومُ ميلاد الشاعر الروسي ألكساندر بوشكن. وللصينية يوم تخليد ذكرى سانغ جيه مؤسس الأبجدية الصينية، ويوم الفرنسية هو اليوم الدولي للفرانكفونية. أما اليوم العالمي للغة العربية فلا علاقة له بتاريخ اللغة أو تاريخ العرب، ولم يكن باختيارهم، إلا إذا اعتبرنا اليوم الذي قررت فيه الأمم المتحدة اعتماد اللغة العربية لغةً رسمية هو يوم تاريخي!
ولو فرضنا أنه أتيح للعرب اختيار يوم عالمي للغة العربية، فما وسيلة الاتفاق على المناسبة التي يمثلها ذلك اليوم؟ ومَنْ من الدول والمؤسسات والمجامع اللغوية والشخصيات المعنيّة يمكنهم تمثيل العرب في اختيار ذلك اليوم؟ وإذا حصل توافق على اختيار يوم يختص بشخصية من شخصيات اللغة والأدب، فما المعايير الذي سوف يضعونها للاختيار من بين شخصيات مثل: عنترة من عصر المعلقات، وحسان من العصر النبوي، والدؤلي من عصر التابعين، والفراهيدي، والجاحظ، وسيبويه (الفارسي)، وابن جني (الرومي)، وأحمد شوقي الذي ولد لأبٍ كردي وأمٍّ تركية شركسية؟ وماذا سيكون رأي أصحاب القرار لو تم اقتراح اليوم الذي نزلت فيه آية “اقرأ باسم ربك”، أو آية “إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون”؟!
3ـ العربية في الشابكة
ومن أبرز الملامح التي تصف حال أيّة لغة من لغات العالم اليوم هو حالها في الشابكة العالمية التي تسمى الأنترنت. والشابكة هي شبكة الفضاء العالمي الواسعworld wide web   التي تختزن محتوى لغات الشعوب في هذا العالم. والحديث عن اليوم العالمي للغة العربية يقدم لنا سؤالاً محرجاً عن موقع العربية في الشابكة، ويظهر هذا الحرج من التدبر في بعض الإحصائيات.
فالمتكلمون باللغة العربية بوصفها لغة الأم 450 مليوناً وهذا العدد يجعل اللغة العربية هي الرابعة بين لغات العالم، بنسبة تصل إلى 5.5 % من سكان العالم. وتأتي في المرتبة بعد الإنجليزية 25%، والصينية 19%. والإسبانية 8%. والذين يستعملون الشابكة منهم حسب إحصائيات عام 2020 هو 247 مليوناً، أي بنسبة5.2  % من مجموع من يستعملون الشابكة بجميع اللغات. ويبدو أنّ من الصعب تقدير النسبة المئوية للمحتوى العربي في الشابكة، إذ تتفاوت التقديرات ما بين نسبة تقترب من نسبة العرب التي يستعملون الشابكة، وهي حوالي 5%،[4] وتوصف بأنها موجودة بنوعية ضعيفة،[5] والنسبة التي تتكرر كثيراً في المواقع العربية 3%.[6] بينما تشير الإحصائيات الأكثر دقة، إلى تقدير مختلف تماماً، فمنصة Statista مثلاً التي تقدم إحصائيات عن المحتوى الرقمي لمختلف لغات العالم، تضع المحتوى الرقمي العربي في الرتبة 19 بين سائر اللغات بنسبة لا تتجاوز 60. %. أما مؤشر المحتوى الرقمي العربي فإنه يشير إلى أن النسبة 0.89%،[7] وهو ما يميل إليه المدير التنفيذي لشركة الإدارة لشبكات الحاسوب في الأردن،[8] الذي يؤكد أن المحتوى الرقمي العربي لا يصل إلى 1% في مجمله.
وهذا يعني أن معظم من يستعملون الشابكة من العرب، من مجموع من يستعملون الشابكة في العالم، لا يضيفون شيئاً من المحتوى العربي إلى محتوى الشابكة يتناسب مع نسبتهم، إضافة إلى أنَّ المحتوى الرقمي العربي يختلط فيه العامي والفصيح، ويتضمن ما هو مكتوب بحروف عربية أو معرف على أنه عربي إن كان محتوى غير نصي مثل أغنية مثلاً، وتتم إضافة المحتوى العربي بسرعة تقل عن نسبة ما يضاف باللغات الأخرى، مما يجعل النسبة الكلية تتضاءل باستمرار. وتشير بعض الإحصائيات إلى 80% من المحتوى الرقمي العربي هو مادة مكررة، عن طريق النسخ والنقل، تغلب عليها المواد الترفيهية من أغاني ورياضة ومحادثات؛ إذ تتضاءل قيمتها الفكرية والحضارية. أما المواد ذات الطبيعة الفكرية والثقافية بما في ذلك كتب التراث المرقمنة، والمحتوى الأصيل غير المكرر فلا تتجاوز نسبتها 20%. ويلفت النظر أن البيانات والتقارير والإحصائيات الرسمية العربية المتاحة الآن[9] عن حالة المحتوى الرقمي العربي معظمها قديم زمنياً يعود إلى عشر سنوات، ويبدو أن مسألة الإحصائيات الدقيقة التي يكون لها معنى واضح ومحدد، هي أمر يتصف بقدر من التعقيد الذي قد لا تتوافر لدى كثير من المعنيين بالموضوع الخبرة الكافية في هذا المجال.
ثانياً: الوعي بمزايا اللغة العربية يسهم في تحديد مكانتها بين اللغات
1ـ مزايا العربية كما يراها المستشرقون
ونحن نجد أنَّ الحديث عن فضل اللغة العربية وما تتمتع به من خصائص ومزايا كثيرة، وعندما تطرأ مناسبة للحديث عن اللغة العربية، تكثر الكتابات شعراً ونثراً. ونجد في هذه الكتابات اقتباسات عن فضل العربية وخصائصها، منسوبة إلى شخصيات يراها الكتَّابُ ذات شأن، ولا سيما إذا كانت هذه الشخصيات أجنبية أو معادية.[10] وفي هذه الكتابات، يقتبس الكُتَّاب عبارات أوردها بعض المستشرقين عما وجدوه في اللغة العربية من مزايا لا يجدونها في أية لغة أخرى من لغات العالم. ونجد عشرات المقالات الصحفية ومئات المواقع الإلكترونية تنقل عدداً من الاقتباسات دون توثيق مناسب. ونذكر على سبيل المثال مقالة أوردت اقتباسات من كتابات مستشرقين غربيين، مثل: الألمانية زيغريد هونكه، والفرنسي إرنيست رينان، والألماني يوهان فك، والفرنسي وليم ميرسيه، والألماني كارل بروكلمان، والبريطاني الفريد جيوم، والنمساوي جوستاف جرونيوم، والأمريكي البلجيكي جورج سارتون، والفرنسي جاك بيرك، من بين اقتباسات أخرى.[11]
ومن هذه الاقتباسات مثلاً: ما نُسب إلى المستشرق الفرنسي إرنيست رينان (1823-1892) الذي يقول عن العربية: “تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها، ودقّةِ معانيها، وحسنِ نظامِ مبانيها، ولم يُعرف لها في كل أطوار حياتها طفولة ولا شيخوخة”.[12] وتورد المقالة عن مستشرق فرنسي آخر هو جاك بيرك (1919-1995) قوله: “إن أقوى القوى التي قاومت الاستعمار الفرنسي في المغرب هي اللغة العربية، بل اللغة العربية الكلاسيكية الفصحى بالذات، فهي التي حالت دون ذوبان المغرب في فرنسا، هذه الكلاسيكية العربية كانت عاملاً قوياً في بقاء الشعوب العربية.”[13]
أما كاتب هذه السطور فإنَّه يختار أن ينوِّه بما اطّلع عليه شخصياً من أعمال بعض المستشرقين. ولعلّ المستشرق الألماني كارل بروكلمان 1868-1956) هو أهم من خَبَر التراث العربي بما لم يختبره كثير من العرب في زمانه،[14] فأدرك صلة العربية بالإسلام، فكان مما قاله: “اللغة العربية لم تبق مقيَّدة بحدود أمَّة واحدة، بل صارت أداةَ كلِّ ثقافة وحضارة في المحيط الواسع الذي نفذ إليه الإسلام ديناً، من شواطئ بحر بنطس (الأسود) إلى زنجبار، ومن فاس وتمبكتو إلى كاشغر[15] وجزر الملايو.”[16] ويقول في مقام آخر: “وقد استوعبت لغة الشعر (العربي) هذه كل خصائص الأصل اللغوي السامي أكمل استيعاب، وإن لم تحتفظ في جميع نواحيها بأقدم الصيغ والقالب، ولم تضارعها لغة في نسبها السامي في مرونتها ودقتها في التعبير على العلاقات التركيبية. وهي مع واقعيتها التامة في وصف الأشياء تتأجج بروحانية تمكنها من التعبير عن أرق أحاسيس الحب، وكذلك عن أقوى خوالج الشعور بكرامة الرجولة.”[17]
ويعزو مؤرخ العلوم الأمريكي البلجيكي جورج سارتون (1884 – 1956) السبب في مثالية اللغة العربية إلى القرآن الكريم وإلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم فيقول: “إن لغة القرآن الكريم، باعتبارها لغة الله، كانت مثالية بالتعريف. ومن المصادفات العجيبة أن يكون النبي محمد متقناً للغة، وقادراً على تسجيل الوحي الإلهي على النحو اللائق أو صياغته بلغة شعرية قوية. لقد ساعد القرآن الكريم في توحيد اللغة العربية.”[18] ثم يقول: “إنَّ إصراره (النبي محمد) على تفوق اللغة العربية أو ضرورتها الدينية تسببت في انتشار هذه اللغة فعلياً، وتفوقها لعدة قرون. ولولا دفاعه الضمني عنها، لظلت اللغة العربية لغة قبَلية لا أهمية لها أو ربما اختفت تماماً كما سمح المسيحيون في الشرق الأوسط للغاتهم المقدسة، السريانية والقبطية، بالاختفاء. ومن هنا، فإن محمداً ليس مجرد رسول الإسلام، بل هو أيضاً نبي اللغة العربية والثقافة العربية بغض النظر عن العرق أو الجنسية أو العقيدة.”[19] ويضيف قائلاً: “خلال العصور الوسطى كانت اللغة العربية هي اللغة الأكثر عالمية على الإطلاق، حيث كان يتحدث بها ويكتبها ليس فقط شعوب العديد من الأمم (الشرقية والغربية) ولكن أيضاً، على عكس اللاتينية، من قبل شعوب العديد من الديانات.”[20]
أما المستشرق النمساوي غوستاف جرونبوم 1909-1972م فإنه ينقل معظم ما ذكره عن فضائل العربية ومزاياها مما وجده في هذا المجال في كتب التراب العربي، فكان مما قاله: دون أن ينسبه إلى غيره: “وما من لغة تستطيع أن تطاول اللغة العربية في شرفها، فهي الوسيلة الوحيدة التي اختيرت لتحمل رسالة الله النهائية، وليست منزلتها الروحية هي وحدها التي تسمو بها على ما أودع في سائر اللغات من قوة وبيان.”[21] ثم ينقل جرونبوم نصوصاً متعددة من كتب التراث العربي عن فضل العربية، وميزاتها على سائر اللغات، وسعة مفرداتها، وكثرة مترادفاتها، وجمال أصواتها، ووجازة تعبيراتها، ودقة أوصافها، واستعمالها للمجاز والكنايات والاستعارات مما يرفعها كثيراً فوق كل لغة بشرية أخرى، فضلاً عن خصائص الأسلوب والنحو…[22]
وننوّه في هذا السياق بما أورده كثير من المستشرقين والباحثين الغربيين عن إسهام الحضارة الإسلامية في النهضة الأوروبية والحضارة الغربية عموماً. ونكتفي بالإشارة إلى ما أردته الباحثة والمستشرقة الألمانية سنغريد هونكه في كتابها بعنوان: “عندما سطعت شمس العرب على الغرب”[23] حيث لم يغب عن الباحثة المكانة التي احتلتها اللغة العربية في الحضارة الإسلامية، والعامل الحضاري الذي أدته الترجمة إلى العربية.[24] واهتمت بملاحظة شغف الشعوب الإسلامية غير العربية بتعلم هذه اللغة، وما عرفوه عنها من خصائص التأثير والجمال. فكان ما قالته: “وكان من الطبيعي أن تصبح اللغة العربية لغة الإدارة والسياسة والقانون، بل لغة للتجارة والمعاملات وجمهور الناس. ومن ذا الذي يريد أن يخرج عن لغة الجماعة؟ وكيف يستطيع أن يقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرها الفريد، … فقد اندفع الناس الذين بقوا على دينهم في هذا التيار يتعلمون اللغة العربية بشغف، حتى إنّ اللغة القبطية، مثلاً، ماتت تماماً، بل إنَّ اللغة الآرامية، لغة المسيح، قد تخلَّت إلى الأبد عن مركزها لتحتل مكانها لغة محمد… وهكذا تحولت لغةٌ قبَلية في خلال مائة عام إلى لغة عالمية، … لقد وجدت اللغة العربية تجاوباً من الجماعات وامتزجت بهم وطبعتهم بطابعها، فكونت تفكيرهم ومداركهم، وشكلت قيمهم وثقافتهم، … حتى السلاجقة والأتراك والمماليك والتتار عندما وصلوا إلى الحكم ظلوا بقلوبهم رعايا مخلصين للثقافة العربية ولغتها ولأساليب الحياة العربية وفكرها. حقاً إن قدرة هذه العقلية العربية على طبع الشعوب لرائعة.[25] وقد بيّنت الباحثة ما أسهمت به اللغة العربية من إغناء اللغات الأوروبية من ألفاظ لم تقتصر على مصطلحات العلوم، بل تعدتها إلى ألفاظ الحياة العام.[26]
ونختم هذه الاقتباسات من الكتابات الغربية الموثقة بما قاله الكاتب الكولمبي غبريال غارسيا ماركيز أثناء برنامج إذاعي لRadio France Internationale :، عندما سئل عن اللغات التي سيستمر وجودها ولا تندثر، قال: الإنجليزية بحكم التكنولوجيا، الصينية بحكم الديموغرافيا، الإسبانية لأنها لغة الآداب، أما العربية فلأنها لغة الأخلاق والأدب، والعالم سيجد نفسه مضطراً إلى الرجوع إليها لاسترجاع قيمه الإنسانية بعد أن يكون قد فقدها بسبب النزعة المادية المتوحشة للحضارة الغربية .. !! أما بقية اللغات فستندثر.[27]
2 ـ جهود المستعربين الشرقيين في دراسة العربية
ولكن من واجبنا أن نشير إلى أنّ ثمَّة نوعاً آخر من الاقتباسات، التي لا تكتفي بما قاله المستشرقون الغربيون، بل تضيف أقوال باحثين من الشرق. ولا سيما عند ملاحظة الاتجاهات والأغراض الاستعمارية والتبشيرية للمستشرقين على الرغم من أن بعض كتاباتهم لا تخلو من شيء من الإنصاف أحياناً، ولا تخلو من شيء من النقص والقصور في الإحاطة بالمعلومات أو تفسيرها، أو التجنّي والإساءة المقصودة أحياناً أخرى.  ونحبُّ أن نؤكِّد في هذا المقام ضرورة اهتمام الباحثين العرب والمسلمين بالنظر في كتابات المستعربين من الشعوب الشرقية في الهند والصين واليابان وغيرها، ولا سيما في مجال دارساتهم حول اللغة العربية وقضاياها.
ومن أبرز من عرفتهم الساحة العربية حديثاً في مجال الدراسات اليابانية عن التراث العربي الإسلامي المستعرب توشيهيكو إيزوتسو.[28] فهو مثال على باحث من عالم الشرق بذل جهداً كبيراً في تقديم عدد من الدراسات الإسلامية، بمنهجية ودواع تختلف عن الدراسات الاستشراقية الغربية. ومن أعماله كتاب رائد في دراسة القرآن الكريم من مدخل علم الدلالة، أراد فيه “أن يقدم شيئاً جديداً في سبيل فَهْم أفضل لرسالة القرآن لدى أهل عصره ولدينا كذلك.”[29] وربّما تسهم دراسة إيزوتسو الدلالية في هذا الكتاب تحديداً، في بيان أهمية اللغة في تشكيل رؤية الإنسان للعالم الذي يعيش فيه، ومن ثم في حياته، ولا سيما الإنسان المسلم، حين يعيد تنظيم مفردات اللغة المكونة للمفاهيم الكبرى في القرآن الكريم، ويلاحظ ما بينها من أنساق وعلاقات جديدة تشكل فهماً جديداً لحياته وللعالم من حوله. ومع ذلك، فإن بعض الباحثين استدركوا على ايزوتسو بعض القضايا ذات الصلة بخصائص اللغة العربية.[30]
ومما جاء في كتاب إيزوتسو قوله: “علم الدلالة كما فهمتُه، دراسة تحليلية للتعبيرات المفتاحية في لغة من اللغات، ابتغاء الوصول أخيراً إلى إدراكٍ مفهوميّ “للنظرة إلى العالَم” لدى الناس الذين يستخدمون تلك اللغة أداةً، ليس فقط للتحدث والتفكُّر، بل أيضاً وهذا أكثر أهمية، لتقديم مفهومات وتفسيرات للعالَم الذي يحيط بهم. وإذ يُفهَم علمُ الدلالة على هذا النحو، يكون نوعاً مما يسمى بالألمانية weltanschauungslebre؛ أي دراسة لطبيعة النظرة إلى العالَم، وبنيةِ هذا النظرة لدى إحدى الأمم في مرحلة مهمة من تاريخها، وذلك من خلال تحليل منهجي منظَّم للمفهومات الثقافية الرئيسة التي أنتجتها الأداة نفسها، وبلورتها في المفردات المفتاحية الدالة في لغتها. وسيكون ميسوراً أن نرى الآن أنَّ كلمة قرآن في عبارتنا: “الدراسة الدلالية للقرآن” ينبغي أن تفهم فقط بمعنى نظرة القرآن إلى العالَمkoranic worldview… ستعالج الدراسة الدلالية للقرآن أساساً كيف، في رؤية هذا الكتاب المقدس، يُبْنَى عالَمُ الوجود، وما المكونات الرئيسة للعالَم، وكيف يُربط بعضها ببعض. وسيكون علم دلالات الألفاظ وتطوّرِها في هذا المعنى نوعاً من علم الوجود ontology؛ علم وجود محدد وحَيٍّ ومتحرك.”[31]
3ـ دراسات لغوية في القرآن الكريم
وأخيراً، وليس آخراً، فإنَّ بعض الكُتَّاب يفضِّل أن يكتفي، في سياق الحديث عن اللغة العربية، بالاستشهاد بالآيات القرآنية الكريمة التي وردت فيها ألفاظ مثل: “القرآن العربي” و”اللسان العربي”، وما حققه نزول القرآن بالعربية من ذكر وشرف للعرب. وربما يلتفتون إلى الألفاظ التي تتضمنها الآيات القرآنية وما يفهمون من هذا الألفاظ في سياقاتها، مثل ألفاظ البيان والاستقامة والعقل والذكر وغيرها. ويأتي تأكيد فضل العربية وخصائصها كما يفهم من القرآن الكريم، في دراسات التفسير، والدراسات المفاهيمية، والبحوث الفكرية العامة.
ومن الأمثلة على ذلك ما يمكن أن يتحدث به الباحث عن الدراسة القرآنية لمجمل ألفاظ العقل في القرآن الكريم،[32] من تدبر آيات قرآنية مثل قوله تعالى: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (يوسف: 1-2)، وفي قوله سبحانه: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (الزخرف:3). فقد أنزل الله القرآن عليكم أيها العرب، وجعله قرآناً عربياً؛ لأنَّ لسانَكم عربيٌّ وكلامَكم عربيٌّ، لتعقلوه وتفقهوا منه، وتفهموا معانيه وتعملوا بهديه، وتدركوا أنه ليس من كلام البشر وإنما هو وحي الله سبحانه؛ فتنتقلون به من حال إلى أحوال أعلى منها وأكرم.
وحين يشير إلى التغيير الجذري الذي طرأ على حياة العرب بعد نزوله، بالمقارنة بحياة النبي بينهم قبل نزوله، فإنّه يدعوهم إلى الإيمان بما جاء في هذا القرآن بصيغة الاستفهام الاستنكاري، الذي يعني أن من يُعمِل عقلَه لا بد أن يؤمن به، ومن لا يؤمن فكأنه لا عقل له. ﴿قُل لو شاء اللهُ ما تلوتُه عليكم ولا أدراكم به، فقد لبثت فيكم عمراً من قبله، أفلا تعقلون.﴾ (يونس: 16)؛ يعني أنَّ مثل هذا الكتاب العظيم بنظمه وعلومه وأحكامه إذا جاء على يد أمي لم يتتلمذ على عالِم، ولم يقرأ في الكتب، ويعرفه قومه بالصادق الأمين، يعلم من له عقل أنه لا يكون إلا وحياً، وإنكار ذلك يقدح في صحة عقل من ينكره، ولذلك جاء الخطاب بصيغة الاستفهام الاستنكاري.
ويتكرر الاستفهام الاستنكاري هذا حين يَمْتَنُّ الله عليهم بنزول هذا القرآن بلغتهم، على رسول منهم، يعرفون صدقه وأمانته، فيكون لهم به الشرف والسمعة الطيبة بين الأمم ﴿لَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكم كِتابًا فِيهِ ذِكْرُكم أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ (الأنبياء: 10) “وقَدْ أُوثِرَ هَذا المَصْدَرُ هُنا ﴿ذِكْرُكُم﴾  وجُعِلَ مُعَرَّفًا بِالإضافَةِ إلى ضَمِيرِ المُخاطَبِينَ لِيَكُونَ كَلامًا مُوَجَّها، فَيَصِحَّ قَصْدُ المَعْنَيَيْنِ مَعًا مِن كَلِمَةِ ”الذِّكْرِ“ بِأنَّ مَجِيءَ القُرْآنِ مُشْتَمِلًا عَلى أعْظَمِ الهُدى، هو تَذْكِيرٌ لَهم بِما بِهِ نِهايَةُ إصْلاحِهِمْ، ومَجِيئُهُ بِلُغَتِهِمْ، وفي قَوْمِهِمْ، وبِواسِطَةِ واحِدٍ مِنهم، سُمْعَةٌ عَظِيمَةٌ لَهم.” ولذلك جاء الاستفهام الاستنكاري ﴿أفلا تعقلون﴾ لأنَّ ما مَن جاءَهُ ما بِهِ هَدْيُهُ فَلَمْ يَهْتَدِ يُنْكَرُ عَلَيْهِ سُوءُ عَقْلِهِ، ومَن جاءَهُ ما بِهِ مَجْدُهُ وسُمْعَتُهُ فَلَمْ يَعْبَأْ بِهِ يُنْكَرُ عَلَيْهِ سُوءُ قَدْرِهِ لِلْأُمُورِ حَقَّ قَدْرِها.”[33] وفيه التقريع والتوبيخ والاستنكار “أفلا تعقلون” لمن لا يعقل ويتدبر هذا الهدى وما فيه من المصالح العاجلة والآجلة. ومثل ذلك في الذكر والتذكير قوله تعالى: ﴿وإنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ ولِقَوْمِكَ﴾ (الزخرف: ٤٤). وفي المنّة على العرب كما في قوله سبحانه: ﴿كَما أرْسَلْنا فِيكم رَسُولًا مِنكُمْ﴾ (البقرة: 151).
ثُمَّ إنَّ ثَمَّةَ صلةً بين إعْمال العقل والاتصاف بالعلم، فإنَّ عدم التعقُّل وتحصيل الفهم السليم هو نوع من الجهل وعدم العلم. ومن ذلك الإشارة إلى ما في القرآن من الأمثال: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ﴾. فقد رُوِيَ أنَّ المشركين سخِروا من أنَّ الله سبحانه يضرب المثل للذين اتخذوا من دون الله أولياء، بأن أولياءهم في الوهن كمثل الوهن في بيت العنكبوت،[34] فجاءت هذه الآية و”تلك الأمثال…” لتؤكد ما في ضرب الأمثال من “خَبِيَّات المعاني، ورفع الأستار عن الحقائق، حتى تريك المتخيَّلَ في صورة المحقق، والمتوهَّمَ في معرض المتيَّقن، والغائبَ كأنه مشاهدٌ. وفيه تبكيت للخصم الألد، وقمع لسَوْرة الجامح الأبىّ، ولأمرٍ مَّا أكْثرَ اللَّهُ في كتابه المبين وفي سائر كتبه أمثالَه، وفشَتْ في كلام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وكلام الأنبياء والحكماء.”[35] ولهذا خُتمت الآية “بجملة ﴿وما يعقلها إلّا العالمون﴾. والعقل هنا بمعنى الفهم؛ أي لا يَفهم مغزاها إلا الذين كملت عقولهم فكانوا علماء غير سفهاء الأحلام، وفي هذا تعريض بأن الذين لم ينتفعوا بها جهلاء العقول.”[36]
ويأتي العقل في القرآن الكريم ضمن شبكة من الألفاظ القرآنية الأخرى تمثل حقولاً دلالية في المعرفة، منها حقول دلالية كبرى وكل حقل كبير يتكون من حقول صغرى،[37] ومن الألفاظ ما يكون من معاني العقل مثل: النُّهى والحِجْر والحلم واللُّبّ والفؤاد والبصر؛ ومنها ما يتَّصل بالعمليات العقلية من تعلّم وتفكّر وتدبّر وتذكّر وتبصّر ونظر وقراءة وكتابة… ومنها ما يختص بأدوات هذه العلميات من سمع وبصر وقلم ومِداد ورَقّ وصحف وأسفار وكتب…[38]
وفي هذا السياق يمكننا أن نتساءل عما إذا كانت المستشرقة البلغارية ماي تسينوفا قد اطّلعت على هذه الآيات التي تربط سياقات المعاني في لغة القرآن بالعقل والعلم عندما نسب إليها قولها: “بعد دراستي اللغة العربية اكتشفت أن قد أصبح لفمي عقل!”[39]
ثالثاً مبشرات وتحديات
1ـ مفردات العربية في لغتها وفي لغات العالم
صحيح أنَّ لكلِّ شعب لغةً يعتَزُّ بها ويَعدُّها من أبرز عناصر هويَّتِه، لكن اللغة العربية تمتاز بكثير من المزايا التي تتجاوز مزايا غيرها من اللغات.
فقد أصبحنا عرباً؛ لأنَّ العربيةَ هي لغتنا الأم التي أعطتنا هُويتنا واسمنا العربي. ثم إنها اللغةُ التي اختار الله أن يُنزِّل بها آخر كتبه على آخر أنبيائه، فأصبحت لغةً مهمَّةً لكلِّ مؤمن بهذا الدين. وهي لغةٌ متميزةٌ بكثرة مفرداتها، وطرق اشتقاق هذه المفردات، وبما أنتجه وينتجه أدباؤها وشعراؤها من فنون لغوية. ففي الوقت الذي لا يتجاوز فيه عدد مفردات اللغة الإنجليزية 600 ألف، والفرنسية 150 ألفًا، والروسية 130 ألفًا، يبلغ عدد مفردات اللغة العربية دون تكرار إلى أكثر من 12 مليون كلمة؛ أي 25 ضعف عدد مفردات اللغة الإنجليزية.
ولا شك في أنّ كل ألفاظ القرآن الكريم ألفاظ عربية[40] في أصلها أو ألفاظ دخلت العربية من لغات أخرى، فعربت وأصبحت عربية. فإذا ورد شيء من هذه الألفاظ في القرآن الكريم فإنها كانت قد عُرفت في لسان العرب قبل نزول القرآن. وحتى العلماء الذي يرفضون القول بأن في القرآن ألفاظاً غير عربية، لا ينكرون أن مثل هذه الألفاظ قد تكون مشتركة بين العرب وغيرهم، كما هو الحال دائماً في الاقتراض اللغوي بين الشعوب، التي يختلط بعضها مع بعض، لأسباب مختلفة أو أن تلك الألفاظ قد عربت قبل نزول القرآن.
أما في اللغة العربية المعاصرة، فإنها تغتني كل يوم بكثير من الألفاظ الجديدة التي توضع أساساً تعريباً أو ترجمة لألفاظ من لغات أُخر، تحت تأثير المخترعات والمكتشفات العلمية، والتقدم في نظريات العلوم اللغوية والإنسانية والاجتماعية، وما تنتجه من مصطلحات جديدة. كما أن بعض الأحداث التي تتم في العالم العربي، وتغلب على وصفها ألفاظ عربية، يجري تداولها في وسائل الإعلام حتى تدخل لغة هذه الوسائل الأجنبية.
وقد كان الحرف العربي حاضراً في أبجدية أكثر من 120 لغة قبل الضغوط الاستعمارية، التي حولت معظم حروف اللغات إلى الحرف اللاتيني. ولا تزال بعض اللغات تكتب بالأبجدية العربية، ومنها: الفارسية، والسندية، والأوردية، والكردية، والملايوية (الجاوية)، والإيغورية. ولعلَّ اللغة العربية هي أقدم اللغات تاريخاً من حيث قدرة الناطقين بها اليوم على فهم ما كان ينطق بها الأجدادُ الأقدمون منذ ألفي سنة. وثمة استشرافات ترى أن العربية ستكون إحدى اللغات القليلة التي لن تندثر مع الزمن. كما أشار إلى ذلك الكاتب الكولمبي غبريال غارسيا ماركيز المشار إليه أعلاه.   
2ـ اللغة العربية بين المبشرات والتحديات
ما ذكر من المزايا الخاصة باللغة العربية، وغيرها مما لم يذكر ضمن تلك المزايا، تعد مبشرات في مستقبل مشرق للغة العربية. ونستطيع أن نؤكد أن العربية ارتبطت بالعقيدة الإسلامية، بوصفها لغة القرآن الكريم ولغة الحديث الشريف، وفي الوقت نفسه ننوّه بالإحصائيات التي لا تخطئها ملاحظة المعنيين بالدراسات الدينية، وهي أن الإسلام هو أكثر الأديان انتشاراً بين غير المسلمين، ولعل أول ما يبدأ به المسلم الجديد هو النطق بالشهادتين بالعربية، ثم البدء بتعلم ما يتيسر من عربية القرآن لإقامة شعائر الإسلام وأهمها الصلاة. هذا فضلاً عن أن المجتمعات المسلمة غير العربية، يتزايد لديها الوعي بأهمية العربية. لدرجة أن بعض هذه المجتمعات تحرص على أن تكون العربية لغة ثانية على الأقل؛ لأن هذه اللغة هي لغة شريفة ومقدسة عند المسلمين، بمعنى ديني يضاف أو يتجاوز في أهميته المعاني القومية.
ومن المفارقات العجيبة، أننا حين نجد شيئاً من التراجع في اهتمام العرب بلغتهم، نجد في الوقت نفسه اهتمام كثير من الشعوب غير العربية وغير المسلمة بها. ويتجلّى هذا الاهتمام بالتزايد الملحوظ في برامج تعليم العربية للناطقين بغيرها، في البلاد العربية والبلاد الأجنبية وفي الشابكة العالمية الإنترنت، ويُعزى هذا الاهتمام لأسباب مختلفة منها أسباب سياسة واقتصادية وإعلامية، فضلاً عن الأسباب الدينية والثقافية. حتى إن إنشاء هذه البرامج أصبح تجارة مجدية في كثير من الحالات.
ومن الطبيعي أن يقال: إنّ كلّ لغة هي أمر مهم عند كل أمة تنطق بها؛ لأن لغة الأمة هي أحد العناصر المكونة لشخصية الأمة وهويتها ووحدتها. لكنّ اللغة العربية -كما يبدو- هي العامل الوحيد الآن لأي نوع من الوحدة بين العرب، بعد أن أخذت كل العوامل الأخرى، تتآكل شيئاً فشيئاً، حتى التاريخ أصبحت كل دولة عربية تصنع تاريخها الخاص بها، الذي يبدأ منذ تقرر وجودها في صورة دولة مستقلة، وتحددت حدود معظم هذه الدول بإرادة خارجة عن شعوبها. لكنَّ العامل التوحيدي، الذي تمثله العربية، أخذ بالضعف كذلك؛ إذ تتزايد أهمية اللغات الأجنبية واللهجات المحلية، ولغات الأقليات القومية والعرقية، حتى أصبح من الصعب على العربية الفصيحة أن تنافس العامية أو اللغات الأخرى.
ولا شكّ في أنّ اللغة عنصر أساسي في هوية الأمة والمجتمع، وأنّ التهاون في استعمال اللغة العربية السليمة هو خلل في الانتماء، واستلاب في ثقافة أخرى. هذا الضعف ليس بالضرورة نابعاً من ضعف انتماء الفرد نفسه، بقدر ما هو انعكاس لمستوى الثقافة في المجتمع، فالتشريعات الخاصة بمكانة العربية في المجتمع لا تزال عاجزة عن حمايتها.
فعلى الرغم من وجود قرارات للقمة العربية وقوانين وطنية لحماية اللغة العربية، إلا أن نصوص القرارات والقوانين لا يتم في الغالب تفعيلها، وتترك مساحة كبيرة للفوضى اللغوية في المؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام، والحياة العامة، ونراها في التلوث اللغوي الذي يعطي لشوارعنا ومؤسساتنا الاقتصادية والتجارية مظاهر لا تدل على أنك في بلاد عربية.
ومن أمثلة التراجع في مكانة اللغة العربية أننا أصبحنا نعيش في بيئة من ثنائية اللغة والازدواجية اللغوية، وهذه البيئة تترك أثرها في حالة من التدهور، التي تعاني منها اللغة العربية في الاستعمال اليومي.
وثمّة وَهْمٌ يسيطر على بعض الجهات حين تظنُّ أنَّ الكتابة باللغة العاميَّة هو نوع من تبسيط وتقريب دلالات المحتوى، ليتحقق فهمه من أكبر عدد ممكن من الناس. والحقيقة أن نصوص الإعلانات والدعايات التي تكتب بالعامية أشدّ عسراً على التفكيك والفهم، من النص العربي السليم، وللأسف أصبح استعمال العامية في الإعلانات الدعائية لم يقتصر على القطاع التجاري فحسب، وإنما انتقل إلى المؤسسات الحكومية كذلك.
ومن أهم التحديات التي تواجه العربية اليوم السرعة، التي يتضاعف بها حجم المعرفية البشرية، التي كانت تتضاعف كل قرن، ثم أخذت تتضاعف كل ربع قرن، ثم في كل ست سنوات، ثم بعدد من الأشهر، والآن تفيد التقارير والإحصائيات أن حجم المعرفة في بعض المجالات العلمية والتقانية يتضاعف كل اثنتي عشرة ساعة.
3ـ مواجهة التحديات
 كل فرد في المجتمع يتحمل شيئاً من مسؤولية الارتقاء بمستوى حضور العربية في حياتنا وفي حضورها بين لغات العالم، وكل مؤسسة تتحمل هذه المسؤولية كذلك. فكلُّ أهل اللغة مسؤولون عن حمايتها واستعمالها، وإغنائها بالألفاظ والتراكيب والمعاني والمضامين الفكرية والحضارية.
ينحو بعضنا باللائمة على الحكومات، التي عليها اتخاذ القرار السياسي المطلوب عند الحديث عن عدم توفر العناية الكافية باللغة العربية السليمة، وغلبة العامية في الاستعمال اليومي، وحتى في التعليم، ووسائل الإعلام، وسيطرة اللغة الأجنبية في التعليم وفي التعامل التجاري والأسواق. حتى أصبحنا نعيش في حالة من الفوضى اللغوية، والعجز اللغوي، والعبث اللغوي. ولا شكَّ في أن الحكومات ملومة، فالقرار السياسي ضروري ومهم، لكن القرار السياسي يحتاج إلى ثقافة حاضنة للتنفيذ، ويحتاج إلى تشريعات قانونية متكاملة، وأنظمة وتعليمات إدارية مناسبة حتى تتحقق الأهداف المنشودة. لكنَّ المسؤولية مشتركة بين جميع أبناء اللغة في مختلف مواقعهم ومسؤولياتهم، وعلى سبيل المثال:
ـ كلَّ مدرس في المدرسة، وكل أستاذ في الجامعة يستطيع أن يتحدث بلغة عربية سليمة، مهما كان اختصاصه العلمي، لا يمنعه من ذلك إلا عجزه، وعدم كفاءته، وضعف انتمائه. ولا نزال نردد قاعدة تنص على أنّ “كلَّ معلم هو معلم للغة العربية”. فالأساس في اللغة استماع لكلام يَنطق به المتكلم، ليصل واضحاً مفهوماً عند المستمع. ثم تأتي الكتابةُ لتَكتُبَ الكلام، والقراءةُ لتقرأ المكتوب. أليست هذه هي المهارات الأربع التي تتضمنها مناهج التعليم لأية لغة؟!
ـ رؤساء الجامعات مسؤولون عن عدم تطبيق القوانين والتشريعات التي تُلزم بـ”استعمال اللغة العربية في تدريس جميع المواد، مع بعض الاستثناءات، عند الحاجة”، لكن الذي يحصل أن الاستثناء يصبح هو الأصل. ولو اتفق رؤساء الجامعات على قرار مشترك باستعمال اللغة العربية في تدريس جميع المواد، لكان ذلك أقوى من أيّ قرار سياسي، لكنَّهم لا يتفقون، وربما لا يجرؤون!
ـ الآباء والأمهات في الأسرة والعائلة يستطيعون أن يرضعوا أبناءهم حب اللغة العربية والمهارة في استعمالها، ولا يمنعهم من القيام بذلك أيُّ مانع غير عدم اهتمامهم، وضعف همتهم، وربّما عدم انتمائهم.
ـ نصف المتكلمين بالعربية في العالم يستعملون الشابكة، ويوظفون منصات وحسابات مختلفة سميت “وسائل التواصل الاجتماعي” مثل: فيسبوك، وإكس، وإنستغرام، وغيرها من الوسائل التي يضع مصمموها أسماءها بلغتهم، ونحن نكتفي باستعمال هذه الأسماء دون ترجمة. ولو حرص هؤلاء المستعملون على استعمال اللغة العربية السليمة في هذه الوسائل وحرصوا على الاهتمام بالأفكار وعناصر الثقافة، وتبادل المعلومات الجديدة المفيدة، لكان في فعلهم هذا إغناء للمحتوى الرقمي العربية، وأسهموا في معالجة مشكلة الفجوة المعرفية والرقمية التي تميز المحتوى الرقمي العربي في الشابكة.
ـ على أنّ الاهتمام باللغة العربية لا يعني إهمال تعليم اللغات الأجنبية وتعلّمها، فذلك فرض كفاية على كل مجتمع، أن يتقن نفرٌ من أبنائه لغات أخر في العالم، بالقدر الذي يحقق للمجتمع ما يلزم من أشكال التواصل الثقافي والحضاري. ولله در صفي الدين الحلّيّ حين يقول:
بِقَدرِ لُغـاتِ المَـرءِ يَكثُرُ نَفــعُهُ …… فتِلكَ لَهُ عِندَ المُلِمّاتِ أَعوانُ
تَهافَت عَلى حِفظِ اللُغاتِ مُجاهِداً … فَكُلُّ لِسانٍ في الحَقيقَةِ إِنسانُ
خاتمة
وضعُ العربية بين لغات العالم هو في الأساس ما يصنعه لها أهلها في هذا العالم، وما يكون للعربية في هذا العالم هو ما يكون لها في عالم أهلها أولاً. فهل يتوقع للغة مكانة مقدرة في العالم لا تنالها من أهلها؟!
نحن ندعو بالخير للغة العربية، لكن علينا أن نعترف بأنَّ اللغة العربية ليست بالخير الذي نأمُله، فالخير الذي نريده للعربية لا حدَّ له، فكلَّما وصلنا بالعربية إلى مستوى معين من المكانة الرفيعة يكون واجبنا أن نرتقي بها إلى مستوى أفضل وأكرم. فما الذي نريده للعربية في بلادها من المكانة المقدرة، التي تعلي مقامها في العالم؟
ـ نريد العربية السليمة لغة التدريس في كلَّ المواد في كلّ مدارسنا وجامعاتنا.
ـ نريدها لغة التخاطب والتحادث بين أبنائنا في كلِّ شؤونهم.
ـ نريدها أن تزيِّن أسماء المحلات التجارية في كلِّ شوارعنا وشركاتنا.
ـ نريد لجيل الأبناء في مجتمعاتنا العربية أن يستدرك في اكتساب مهارات العربية ما لم يتمكن الآباء والأجداد أن يحققوه.
ـ نريدها أن تُغْنِيَ المحتوى الرقمي العربي على الشابكة، لتنشر المضامين الفكرية والثقافية العربية في ساحة العالم.
ـ نريد الترجمة من وإلى العربية أن تنقل المضامين الفكرية والحضارية في العالم، ليكون التواصل الحضاري مع هذا العالم في اتجاهين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*  ورقة عرضت في اليوم العلمي الذي نظمه المعهد العالمي للفكر الإسلامي يوم 16 كانون أول (ديسمبر) 2024، بعنوان: العربية حضور ومنارات، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية لعام 2024.
[1] شاخت، جوزيف. تراث الإسلام، ترجمة محمد السمهوري وزملائه، الكويت: سلسلة عالم المعرفة رقم 11، 1978، نص 109-129.
[2] للمزيد عن التطور التاريخي لكتابة اللغة العربية ومسائل التنقيط والتشكيل، يمكن الرجوع إلى المراجع المختصة، من كتب التراث، أو من المراجع الحديثة، فمن مراجع التراث مثلاً:
ـ الداني، أبو وعمرو عثمان بي سيعد، المحكم في نقط المصاحف، تحقيق عزة، دمشق: مطبوعات مديرية إحياء التراث القديم في وزارة الثقافة 1960. ومن المراجع الحديثة:
ـ محمد، علي إبراهيم. تاريخ الكتابة العربية، القاهرة: دار المشرق العربي، ط1، 2019,
[3] لعلَّ أوَّل من أطلق على العربية صفة “الشريفة” ابن جني في كناب الخصائص: فقد تكررت هذه الصفة في الكتاب ثماني مرات، ومنها قوله: “وذلك أنني إذا تأمَّلْتُ حال هذه اللغة الشريفة، الكريمة اللطيفة، وجدت فيها من الحكمة والدقة، والإرهاف، والرقة، ما يملك عليَّ جانب الفكر، حتى يكاد يطمح به أمام غلوة السحر…” انظر:
ـ بن جني، أبو الفتح عثمان. الخصائص. تحقيق عبد الحميد الهنداوي، بيروت: دار الكتب العلمية، ط3، ج1، ص 99.
[4] Bieber, Selina. Arabic content: Why do you need to start using it? Godaddy website published 27 March 2023. The Arabic content penetration on the internet is around 5% with low quality. See the link:
ـ https://www.godaddy.com/resources/ae/skills/why-do-you-need-to-start-creating-arabic-conten
[5] فمعظم مضامين هذا المحتوى ليست ذات قيمة علمية وحضارية وثقافية يعول عليها، فالمواقع التي تهتم بالأدب والعلم والفن والإبداع الثقافي والشعر والترجمة عاجزة عن اللحاق بالرياضة مثلاً. ثم إن 80% من المحتوى الرقمي العربي هو مادة مكررة.
[6] رباعي، سيف الدين. المحتوى الرقمي العربي، موقع بي بي سي إكسترا، مقال منشور بتاريخ 9 حزيران يونية، 2023. بالإشارة إلى أحصائيات 2023. أن المحتوى العربي في الشابكة لا يتجاوز 3%. انظر ذلك في الرابط:  https://shorturl.at/arXQH
[7] انظر الرابط https://mawdoo3.com/arcontent
[8] هو الأستاذ مأمون حطاب خبير في لجنة اللغة العربية والتكنولوجيا في مجمع اللغة العربية الأردني في حوار خاص معه.
[9] في (كانون أول 2024)
[10] وفي ذلك تكريس لمقولة: والفضل ما شهدت به الأعداء. وعجز بيت من الشعر للسَّرِيّ الرفَّاء للشاعر العباسي: يقول فيه عن ممدوحه:
وشمائلٌ شَهِدَ العدوُّ بفَضْلِها والفضلُ ما شَهِدَتْ به الأعداءُ
انظر ديوانه:
ـ الرَّفَّاء، السَّرِيّ (توفي 362ه؟). ديوان السري الرفاء، تقديم وشرح كرم البستاني مراجعة ناهد جعفر، بيروت: دار صادر، 1996، ص 16-17.
[11] الفرحان، داود. اللغة العربية تنتظر انتفاضة، جريدة الشرق الأوسط، النسخة الإلكترونية 18/ 5/ 2021. انظر الرابط https://shorturl.at/Nias5 استرجع يوم 15/ كانون أول (ديسمبر) 2024.
[12] المرجع السابق
[13] المرجع السابق.
[14]  كارل بروكلمان خبر التراث العربي حين ألف كتاباً تتبع فيه المؤلفات العربية في العلوم المختلفة وترجم إلى اللغة العربية في ستة مجلدات بعنوان تاريخ الأدب العربي، وكتاباً آخر في ستة أجزاء كذلك بعنوان: تاريخ الشعوب الإسلامية. انظر:
ـ بروكلمان، كارل. تاريخ الأدب العربي، تاريخ الأدب العربي نقله إلى العربية عبد الحليم النجار ورمضان عبد التواب، ط5، 1983.
ـ بروكلمان، كارل. تاريخ الشعوب الإسلامية، نقله إلى العربية نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي، بيروت: دار العلم للملايين، ط5، 1968.
[15] كاشغر مدينة عريقة كانت عاصمة تركستان الشرقية التي اجتاحتها الصين الشيوعية سنة 1949م واحتلتها، وأطلفت عليها اسم سينكيانج وهي كلمة صينية تعني: المستعمرة الجديدة، 
[16] بروكلمان، كارل. تاريخ الأدب العربي، مرجع سابق، الجزء الأول، ص 4.
[17] المرجع السابق، ص 43.
[18] Sarton, George. The Incubation of Western Culture in the Middle East, Washington, D.C.: The Library of Congress, p 20.
[19] Ibid., p 24.
[20] Ibid., p 34.
[21] جرونبوم، غوستاف. حضارة الإسلام، ترجمة عبد العزيز جاويد وعبد الحميد العبادي، القاهرة: مكتبة مصر، 1956، ص 59.
[22] المرجع السابق، ص 59- 64. وينقل هذه الخصائص من عدد من كتب التراث العربي: منها سر الفصاحة لابن سنان الخفاجي، والرسالة للشافعي، والمزهر للسيوطي، والبيان والتبيين للجاحظ، والعرب يجيدون الكلام سليقة وطبعاً لنفطويه، وإرشاد الأريب لياقوت الحموي. وطبقات الأمم لصاعد الأندلسي، والكامل للمبرد، والعمدة لابن رشيد القيرواني….
[23] هونكه، سيغريد (1913-1990). «شمس العرب تسطع على الغرب: أثر الحضارة العربية في أوربا»، ترجمة فاروق بيضون، وكمال دسوقي، بيروت: دار الجيل، ودار الآفاق الجديدة، ط8، ص 1993.
[24] المرجع السابق، انظر على سبيل المثال: الفصل السادس بعنوان: الترجمة من حيث هي عامل حضاري، ص 378-384.
[25]  المرجع السابق، ص 367-368
[26]  المرجع السابق، تضمن كتاب هونكه قائمة طويلة من المفردات العربية التي دخلت اللغة الألمانية امتدت على تسع صفحات في كل منها عمودان. انظر ذلك في الصفحات 551-559.
[27] بوزرود، محمد بنعيسى. الكاتب العالمي غابرييل غارسيا ماركيز يوضح حقيقة بقاء اللغة العربية، بلادي نيوز مجلة إلكترونية مغربية 18 كانون أول 2024.  انظر الرابط المختصر
https://shorturl.at/GWJaZ
[28] توشيهيكو إيزوتسو (1914م – 1993م) هو مستعرب ياباني أتقن أكثر من 30 لغة، من اللغات القديمة والحديثة. وهو أول من ترجم معاني القرآن إلى اللغة اليابانية. عمل باحثاً وأستاذاً في جامعة كيو في طوكيو، وعدد من جامعات العالم الأخرى.
[29] ايزوتسو، توشيهيكو. (1914-1994) بين الله والإنسان في القرآن: دراسة دلالة لنظرة القرآن إلى العالم. ترجمة وتقديم عيس علي العاكوب. دمشق: دار نينوى، 2017، ص 25.
[30] العاكوب، عيسى. مراجعة كتاب “بين الله والإنسان في القرآن: دراسة دلالية لنظرة القرآن إلى العالم، مجلة إسلامية المعرفة، العدد 42-43، 2006، ص 171-181.
[31] المرجع السابق، ص 30.
[32]جاء الإشارة إلى العقل في القرآن الكريم في تسعة وأربعين موقعاً كلها بصيغة الفعل المضارع، باستثناء موقع واحد. إن كنتم تعقلون، لعلكم تعقلون، أفلا تعقلون، لو كنا نسمع أو نعقل، قلوب يعقلون بها، لقوم يعقلون، الصم البكم الذين لا يعقلون، وما يعقلها إلا العالمون…. والموقع الوحيد الذي جاء في صيغة الفعل الماضي: من بعد ما عقلوه.
[33] ابن عاشور، محمد الطاهر. تفسير التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر 1984، ج 17، ص 23.
[34] ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (العنكبوت: 41).
[35] الزمخشري، جار الله أبو القاسم محمود بن عمر (ت538ه). الكشاف، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض. الرياض: مكتبة العبيكان، 1998، ج1، ص 190-192.
[36] ابن عاشور. تفسير التحرير والتنوير، مرجع سابق، ج 10، ص 256.
[37] انظر مصطلحات التحليل الدلالي والحقول الدلالية، والشبكة المفاهيمية، المفاهيم المفتاحية… في:
ـ ايزوتسو، توشيهيكو. (1914-1994) بين الله والإنسان في القرآن: دراسة دلالة لنظرة القرآن إلى العالم. مرجع سابق.
[38] بليل، عبد الكريم. المفاهيم المفتاحية في نظرية المعرفة في القرآن الكريم، هيرندن، فيرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 2015.
[39] وجدت هذا النص في عشرات المواقع الإلكترونية، لكنني لم أتمكن من توثيق هذا النص من مرجع مناسب.
[40] استناداً إلى الآيات المتعددة التي تصف القرآن بأنه قرأن عربي، وكتاب عربي، ولسان عربي.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى