قضايا تربوية متجددة في حوار سابق مع الأستاذ عبد السلام محمد الأحمر

تقديم
أجرى الصحافي المقتدر حسن الأشرف قبل مدة، حوارا مع الأستاذ عبد السلام محمد الأحمر لفائدة موقع المسلم، ونظرا للقضايا التربوية المتجددة المطروحة فيه، والتي تطرقت إلى ما يلي:
ـ التربية على الصمود وعلاقة ذلك بالتدين الفعال.
ـ دور الثواب والعقاب في ترسيخ التربية على المسؤولية.
ـ أهمية الحوار في تدبير الاختلاف داخل الأسرة.
ـ أهمية الحوار في تعزيز ثقافة المصارحة بين الآباء والأبناء، واكتشاف الانحرافات قبل تفاقمها.
ـ إبراز طرق التعامل التربوية مع سلبيات العولمة الكاسحة وسبل تجنيب الأسرة ويلاتها السيئة.
        فإننا نعيد نشره تعميما للفائدة.
ـــــــــــــــــ
أولا: شاهد العالم بأسره قبل بضعة أسابيع قليلة كيف صمد أهالي غزة في وجه العدوان الصهيوني الغاشم..  برأيك كيف يمكن أن نربي أطفالنا على الصمود أمام التحديات والابتلاءات الجِسام؟ ماهي الخطوات العملية من أجل ذلك؟.
      إن التربية على الصمود لاتكون حقيقة إلا في أجواء مواجهة التحديات، كما هو الحال في غزة، بحيث تنمو استعدادات الصمود في نفوس النشء، مع توالي الأيام وتدرجهم في السن، فإذا اشتد وطيس التحدي، قابلته القلوب بقدرة خارقة على الصبر والتحمل، ولم تلن ولم تضعف. وإذا عاضدت ظروف المعاناة والتصدي ثقافة الجهاد، وترسخت في الذوات قيم التضحية بالنفس والنفيس، للظفر بعز الدنيا وسعادة الآخرة، بلغت قوة النفس على الصمود أوجها، وتحققت معجزة الثبات في وجه أعتى المحن، كما شاهدنا ذلك في العدوان الهمجي الشرس على أهل غزة، الذين لم يكن ما يستمدون منه القدرة على الصمود، سوى إيمانهم الراسخ بأنهم ظلموا، وأن الله على نصرهم لقدير!
      ومن جهة أخرى فإن اكتساب النفس للصمود بمعناه العام، ممكن عن طريق التدين، الذي يربي الإنسان على مواجهة شهوات النفس وأهوائها، في سبيل إخضاعها لمراد الشرع، فالصلاة والزكاة والصوم، والحج وغض البصر وحفظ الفرج واللسان، وكف اليد عن الظلم، ولجم النفس عن إساءة الظن بالمسلم، والامتناع عن المناكر والآثام وأكل الحرام.. كل ذلك يربي في النفس القدرة على الصمود، في وجه الفتن والإغراءات المختلفة.
فكل تكاليف الدين سواء كانت أمرا أو نهيا، تعتبر أنجع الطرق والوسائل، التي تتروض بها الذات على الصبر والتضحية، وضبط النفس لتنسجم مع مراد الله، ولا تنجرف مع أهوائها ورغباتها الأمارة بالسوء، والميالة إلى اقتناص اللذات واتقاء الآلام.
      فعندما نغرس في قلوب أبنائنا عقيدة الإيمان باليوم الآخر، ونعلمهم أنها وحدها القادرة على جعل المؤمن بها، يرى كل متاع حرام قليلا وتافها، أمام متاع الجنة الخالد، فيستمد من إدراك ذلك واليقين به، أن عليه أن يصمد أمام متاع الدنيا الزائل، ليظفر بمتاع الآخرة الباقي! ويرى كل ألم يؤدي عدم احتماله إلى الإيقاع بالنفس في سخط الله، قليلا بل ولا يعد شيئا أمام عذاب جهنم المقيم، مما يمده بقدرة خارقة على الصمود أمام اللذات والآلام على حد سواء.
      ولتدريب الأطفال منذ الصغر على الصمود، إلى جانب تعليم العقيدة، يلزم تنشئتهم على شعائر الدين صلاة وصياما وإنفاقا، وتعويدهم على تحمل المسؤولية واحتمال بعض صعوبات الحياة، وعدم الاستجابة لكل طلباتهم وخطب ودهم على الدوام، فلابد من بعض الشدة مع الرحمة الغالبة، كما قال الشاعر:
            فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً … فليقس أحياناً على من يرحم
لأن ذلك مانع ومعيق لخوض تجربة الصمود، وممارسته سلوكيا في رحاب الحياة.
ثانيا: لنتحدث عن تربية أطفالنا.. كيف ومتى يمكن للوالدين تطبيق أسلوب الثواب والعقاب مع أطفالهم؟.
      دعني بداية أؤكد أهمية العقاب في التربية، بحيث يمكن المتربى من التنشئة على تحمل المسؤولية، والوعي بالعواقب الناجمة عن السلوك الخاطئ، والذي تلازمه نتائجه الضارة بالنسبة لمرتكبه، وبالنسبة لمحيطه البشري والبيئي، لكن الارتباط بين الفعل ومآلاته قد لا يكون واضحا وعاجلا، فإذا كانت الآثار آجلة خفيت العلاقة بين الخطإ وعاقبته، مما يستدعي ترتيب نتيجة مؤلمة نوعا ما قريبة ومنضبطة، هي العقوبة التأديبية التي يمارسها المربون على النشء.
      وبذلك ينمو الوعي في نفس الطفل بالمسؤولية عن سلوكه، ويتشرب منذ الصبا الاعتقاد بأن الأفعال البشرية نوعان: أعمال حسنة تجلب ثواب المربين وثناءهم، ولها ثمار إيجابية عاجلة ومحدودة على مدى الحياة الدنيا، وأخرى آجلة وغير محدودة هي نعيم الجنة، وأعمال سيئة تستوجب عقاب المتربين وتأديبهم، ولها ثمار مرة عاجلة في واقع الحياة وأخرى آجلة هي عذاب جهنم.
      ويمكن البداية في ممارسة عقوبات مناسبة لسن الطفل منذ السنتين من عمره، ليبدأ تمييزه بين نوعي السلوك مبكرا، مما ييسر تربيته على تحمل عواقب سلوكه ويسرع نموه العقلي.
وليكون العقاب نافعا غير مضر نحتاج إلى استحضار ثلة من التوجيهات الأساسية وهي:
1 – تعدد أنواع العقوبات والتدرج في استعمالها وصولا إلى الإيلام البدني؛ فيمكن حرمان الطفل من بعض محبوباته، وتركه أحيانا يقع في نتائج عمله المقلقة بحسب تقدير كل حالة، كما يمكن إظهار الغضب من عمله أو عتابه عليه إذا كان ذلك مجديا، ويمكن معاقبته بحصره في مكان معين لمدة وجيزة وكافية لتحسيسه بأنه في حالة عقوبة، والأفضل أن تتاح له الفرصة ليختار بنفسه بين متعدد من العقوبات، حتى يقتنع أكثر بأنه يستحق التأديب على ما فعل.
2 – إخباره مسبقا بأن الفعل الفلاني غير حسن، وله أضرار به وبغيره، فإذا قام به مع ذلك، أخبر بأنه إذا عاد لارتكابه سيعاقب، لأنه فعل سيء ومضر، وعلى المربين والآباء الامتناع الجازم عن العقاب إلا بعد البيان والإنذار مرة أولى وثانية وثالثة، حتى يحصل اليقين بارتكابه للمخالفة عن وعي تام، وبعد العقوبة يقال له هل تأكدت من نتيجة عملك الوخيمة، فإذا عدت لمثل هذا العمل المشين تضاعفت عليك العقوبة، أو عوقبت بأشد منها! وعلى الأبوين اجتناب إنزال العقوبة بالطفل وهما في حالة غضب، احترازا من جعله ضحية لتوترهما، ومنعا له من اعتبارهما عدوانيين أو مبغضين له.
3 – تعليم الطفل الرحمة والسماحة والعفو والحلم، بالتجاوز عن العقاب البدني إلى غيره، أو التخفيض في العقوبة، كأن يقول له مؤدبه: بدل أن أحرمك من لعبتك يوما كاملا، فإني سأحرمك منها نصف يوم فقط، لأنني واثق من أن ذلك كاف لإشعارك بأن العمل الذي قمت به، غير صحيح أو غير محمود.
كما أن العقوبة لا تكون ذات فائدة تربوية، إلا إذا رافقها الثواب على الفعال الحسنة، وأنواع السلوك الحميد.
ثالثا: من الملاحظ بكثرة أن العديد من الآباء والأمهات “فشلوا” في الحوار مع أبنائهم.. في نظرك إلى ماذا يعود هذا الفشل؟ هل المشكلة في الآباء أم في الأبناء أم هما معا؟
يعتبر الحوار من أنجع الوسائل التربوية، إذا تمت ممارسته وفق مجموعة من الشروط نذكر منها:
1 – احترام المربي لرأي المتربي وعدم تخطئته بدون أدلة مقنعة، فإذا ضاق صدره بالرأي المخالف، وترجم ذلك إلى ضجر وتوتر فشل الحوار ولم يفض إلى نتائجه.
2 – على الوالدين فتح صدورهم للأبناء وحسن الاستماع لهم، وهم يدلون بأفكارهم ويعبرون عن مواقفهم الشخصية، وعدم الامتعاض منها أو الانزعاج من غرابتها، والرد عليها بما يكشف عوجها أو بعدها عن الصواب، وتعويد الأبناء على الحوار منذ بداية نطقهم، حتى ينشئوا على حبه والولع به، لأن تأخيره إلى سن متأخرة يقلل من حظوظ نجاحه.
3 – اعتبار المربي كل فشل في الحوار إنما يكون بسبب سوء توظيفه له، أو تسرعه في الوصول إلى النتائج المنتظرة، وقلة الصبر على المحاور، حتى لا يتهم المتربي بأنه هو السبب، لأن الطفل لا يلام على كثرة أخطائه وبعد رشده، وإنما يلام مربوه الذين لم يحسنوا مخاطبته بما يقوم سلوكه.
      إن طفل اليوم غير طفل الأمس، فهو كثير الأسئلة ولا يتقبل ما لم يقتنع به، ويستبين أهميته في حياته، وفي المقابل نجد الآباء منغمسين في مشاغل الحياة ومشاكلها، مما يجعل حوارهم لأبنائهم نادرا، ومتسما بالتوتر والعزوف عن الاستمرار، إلى حين تحقق النتيجة المرجوة، وتجدر الإشارة إلى أن وجود جهاز التلفزة بغرفة الأكل واجتماع الأسرة، مانع ومخرب للحوار بين الوالدين وأبنائهما، مما يستوجب ضبط تشغيله وإيقافه قصدا لفسح المجال أمام حوار أسري هاديء ومتواصل..
رابعا: الحديث عن الحوار بين الآباء والأبناء، يجرنا رأسا إلى الحديث عن أدب الاختلاف في الأسرة، كيف يمكن أن نؤسس داخل أسرة ما لأدب الاختلاف، حتى يكون ضمانة لأسرة متماسكة صلبة؟
      إن من نتائج الحوار تعرف كل من المتحاورين على وجهة نظر الطرف الآخر، وتمييز نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف، بهدف تقليص دائرة الاختلاف إلى أدنى ما يمكن، بحيث يظل في بعض الجوانب الهامشية، ولا يطال الثوابت التي تجتمع عليها الأسرة، وتمثل أساس العلاقة بين أفرادها.
      فإذا امتدت أدرع الحوار إلى هدم الإجماع حول الأساسيات، انهار البناء الأسري من القاعدة التي يقوم عليها، وتراجع التماسك والانسجام، ونفس النتيجة تحصل عندما يراد للاختلافات التنوعية والطبيعية أن تختفي تماما، لأن في تجاهلها إعدام للذاتيات ومحو للخصوصيات، التي تحفظ استقلال شخصية كل فرد داخل الأسرة عن غيره.
      فكل حوار أسري يجري باستحضار مساحتي المتفق عليه والمختلف فيه، والوعي بحيز كل واحدة منهما، هو ما يؤسس لأدب الاختلاف الإيجابي والباني داخل كل أسرة.
خامسا: أسرنا للأسف تفتقد كثيرا ما يمكن أن نسميه ثقافة المصارحة وأيضا ثقافة الرفق…ثقافتان رئيسيتان تفتقدهما بيوتنا بشكل فادح إلا من رحم الله.. برأيك وأنت الخبير التربوي ماهي الآليات العملية والواقعية التي يجب سلكها حتى تشيع هاتان الثقافتان في أسرنا معا: المصارحة والرفق..؟
      إن ثقافة المصارحة وليدة الحوار الرصين، الهادف إلى اكتشاف خبايا الأذهان والنفوس، والإفصاح عن مكنونات القلوب والضمائر، فبدون حوار صادق ومحدد الأهداف، لا يمكن إشاعة نفس الصراحة داخل الأسر، مما يؤدي إلى تضخم المستتير والمسكوت عنه، لدى الوالدين والأولاد كل منهما عن الآخر، وهذا ما يفوت على الأسرة فرص إزالة الغموض من حياتها،  ويفقدها القدرة على معرفة المشاكل والمعاناة الحقيقية، التي تواجه الأبناء في المدرسة والشارع، لتتدخل بتطويقها في مراحلها الأولى قبل استفحال أمرها واستعصائها على العلاج، فكل الآفات السلوكية المدمرة، إذا لم يتم التصريح ببوادرها الأولى، عبر تواصل صريح ومستمر، فقلما يتفطن لها الوالدان قبل فوات الأوان، وذلك مثل: تعاطي المخدرات، مرافقة أصدقاء السوء، والانخراط في سلوك منحرف.
      وعندما تفاجأ الأسرة بشيء من تلك الانحرافات، والتي تعتبر مسؤولة إلى حد كبير عن وجودها لدى الأبناء، فإن الحكمة التربوية تقتضي التعامل معها بقدر كبير من الهدوء والرفق والحلم، حتى لا تدفع بها مجابهتها بعنف إلى درجات أعلى من التعقيد، وأنواع أخرى من الانحراف.
      فالتربية في أساسها قائمة على الرفق والرحمة بالمتربين، ولا يلجأ فيها إلى القسوة والعقاب إلا عند الضرورة القصوى وبشكل استثنائي، إذ الغاية العظمى للتربية هي مساعدة الطفل على قيامه باكتساب الخصائص الحميدة، وامتلاك القدرات الأساسية، لمواجهة الحياة والتغلب على معضلاتها،  وتعلم كل ما تنفعه معرفته ويضره جهله، بحيث يظل المتربي والمتعلم هو الفاعل الرئيسي فيما يحصله من التربية، التي يعرضها عليه من نسميهم مربون ومعلمون، فعندما يستوعبون جيدا دورهم تتضح مهامهم، وتتيسر مناهج عملهم أكثر، فيدركون أن الرفق فيه رسم لمعالم تدخل المربي، وحفظ لحق المتربي في بناء نفسه، وتحمل مسؤوليته كاملة في تربيتها.  
سادسا: تطغى على عالمنا اليوم رياح العولمة الهوجاء.. وهي تؤثر ولا شك على تماسك الأبناء في أسرنا. كيف يمكن لنا أن نجنبهم نحن الكبار وأولياء أمورهم ويلات هذه العولمة الكاسحة؟
      صحيح أن العولمة تسهم في معاكسة تنشئة الأطفال، على التشبع بالخصوصية القومية والهوية الدينية والمذهبية، ويزداد خطرها في انحراف الأجيال عن ثوابت الآباء والأجداد، على قدر ضعف وعي المسؤولين عن التربية والثقافة والإعلام، أو انفتاحهم غير المتزن على سلبيات العولمة خلال السعي للاستفادة من إيجابياتها.
      لكن التربية الإسلامية لا تعجز عن مقاومة الآثار المدمرة للعولمة في الفكر والسلوك لدى النشء، وذلك ببناء الوعي الذاتي بفضل ما عندنا، من مقومات وأخلاق، تسمو فوق كل النحل والملل والمذاهب البشرية القاصرة، كما أن إبراز عور المبادئ الملهمة للعولمة، ومدى إخفاقها في الوفاء لما ترفعه من شعارات براقة، كشفت الوقائع شدة اهتزازها وزيفها، وأنها فشلت فشلا ذريعا في إسعاد الإنسان وإعطاء مغزى لحياته، وانتشاله من حمأة القلق والتوتر، واللهث وراء سراب الجنس والمخدرات.
      فالحضارة المعاصرة المادية، لا تقدم للمتمعن فيها والدارس لها وجها مشرقا فحسب، وإنما تريه أيضا وجهها الكالح البشع، الذي يحمل على التماس البلسم الشافي من أدوائها القاتلة! فما على المناهج التربوية الإسلامية البديلة، إلا حسن استثمار هذه الحقائق الناصعة، لتعرية حضارة الأهواء المتهاوية على جميع المستويات، قيميا وسياسيا واقتصاديا وسلوكيا.
سابعا: لعله من تداعيات العولمة السلبية تهاوي الهوية الإسلامية لدى شبابنا ومراهقينا.. فما هي مظاهر هذا الضعف في هويتهم الإسلامية، ثم ماهي الحلول الممكنة؟
      إذا كانت العولمة فتنة عارمة، تغري الناس بأفكارها ومبادئها، التي لا ننكر اشتمالها على بعض أوجه العدل والحق والكرامة، المشوبة بقدر من الباطل والانحراف، واتباع الأهواء البشرية الباحثة عن اللذة والتفوق والهيمنة، فإنها ككل فتنة في هذه الدنيا، لا يمكنها بحال من الأحوال أن تسلب المرء القدرة على التمييز والاختيار، وبناء موقفه منها بوعي ومسؤولية، فمن ينظر في نتاج هذه الحضارة بتحليل وتدقيق، ودون انبهار يعمي بصيرته، ويشل عقله ويخدر فكره، فإنه سيراها على حقيقتها، قائمة على غاية واحدة هي فرض نموذج واحد في الفكر والسلوك في العالم، واعتباره أقصى ما يمكن أن ترقى إليه البشرية، ومن ثم إلغاء خصوصيات الشعوب والحكم على هوياتها بالتخلف والدونية، واستباحة تصفية المعترضين على العولمة والمقاومين لجبروتها وتوجهاتها الأحادية.
      فمن مظاهر انسياق شبابنا وراء مخازي العولمة، وقوعهم ضحايا خداعها وبريقها الكاذب، وتشبثهم بقشورها ومفاسدها، دون الاستفادة من بعض مزاياها، وإخضاعها لظروفنا وتكييفها مع مقاصد ديننا، فغالب شبابنا لا يعرفون من العولمة إلا استهلاك منتوجاتها الفاسدة، والمفسدة للفكر والوجدان والسلوك، كما هي مفسدة للبر والبحر والهواء وطبقاته، ولا يتطلعون إلى امتلاك ناصية البحث العلمي والإبداع الصناعي والفلاحي، وتنمية قدرات الإنجاز والإنتاج الذاتية، وكل ما يعد عوامل قوة للعولمة.
      ويبقى الحل الممكن تربويا، هو نشر الوعي بخبايا العولمة، وأهدافها البعيدة، ونتائجها المعاينة في الواقع، وما تمثله من تهديد كاسح لكيانات الشعوب، ولخصوصياتها وحريتها وكرامتها واستقلالها، وإلى جانب ذلك توعية الشباب بما يمتلكونه من قوة ذاتية، كامنة في الفطرة السليمة الرافضة لكل أشكال البغي، والتسلط والعدوان والإباحية، وفي كتاب ربنا وسنة نبينا الهاديين لكل من تمسك بهما، في دياجير ظلام الحياة ومنعرجاتها، وأن أمة الإسلام التي استجابت لربها ورسوله، من صميم مسؤوليتها الاضطلاع بدور الشهادة على العالمين، فتبين لكل حضارة عبر الأزمان والأمصار، ما لها وما عليها، وما عندها من حق، و ما اختلط به من ضلال وباطل، وأن عليها أن تقدم النموذج الإسلامي لتربية الإنسان بهدي الدين إقامة لحجة الله على الناس أجمعين.

Print Friendly, PDF & Email

تعليق واحد

  1. حوار عميق حاول من خلاله الأستاذ الفاضل عبد السلام التنبيه على أهم المداخل التي يمكن من خلالها علاج جملة من الآفات التربوية التي يعاني منها إنسان اليوم فردا وأسرة مجتمعا، فغياب التربية على القيم التربوية الإسلامية يبقى من أهم عوامل بروز الكثير من المشاكل التربوية وتفاقمها، فالحوار المثمر والتواصل الفعال أسلوب كفيل بتبديد العديد من الخلافات لأنه محاولة جادة لفهم للآخر والتعاون معه لتحقيق الخير للغير وفق مبدأ الإحسان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى