الباحث محمد زمراني
تصور مقترح لتدريس وحدات المهارات الحياتية والذاتية في العلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعات المغربية باستخدام التعليم الإلكتروني أطروحة دكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية تخصص علوم التربية والدراسات الإسلامية ومناهج التدريس، من إعداد الباحث محمد زمراني، وتحت إشراف الدكتور السعيد الزاهري، والتي تمت مناقشتها يوم السبت 13 شوال 1443موافق 14 ماي 2022 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة عبد الملك السعدي، وقد ضمت لجنة المناقشة تحت رئاسة الدكتور عمر حلي من منظمة الإيسيسكو، وعضوية كل من الدكتور خالد الصمدي، والدكتور محمد الخالدي من المدرسة العليا للأساتذة بتطوان، والدكتور هشام تهتاه من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان. وحازت الأطروحة على درجة مشرف جدا مع التوصية بالطبع.
ملخص عن الأطروحة:
لقد أصبح من المطلوب في ظل تحولات عصر العولمة ومجتمع المعرفة إعادة النظر في طبيعة التعليم والتعلم ومؤسساته وأنماطه والكفايات المطلوبة في الظرف الحالي لمواجهة التحديات الجديدة لتحقيق التنمية.
أمام هذه التحديات تبذل عدد من المؤسسات والهيئات الحكومية مجهوداتها عبر إصدار مجموعة من الوثائق الإستراتيجية المُوجِّهة للسياسات التربوية، والتي مهدت لإطلاق مشروع الإصلاح البيداغوجي لنظام البكالوريوس، والذي تضمن ولأول مرة التنصيص على احداث وحدات جامعية تعنى بتنمية الكفايات الحياتية والذاتية.
وتنبع أهمية العناية بإدماج المهارات الحياتية في الأوساط الجامعية، من دورها المهم في تأهيل الطالب لمواجهة تحديات العصر، وكذا تمكِنه من القيام بالأعمال المطلوبة منه على أكمل وجه، فالمهارات الحياتية والذاتية من شأنها أن تملك الطالب القدرة على التكيف والمرونة من أجل تحقيق الاندماج في الحياة الأكاديمية والشخصية والاجتماعية والمهنية، وتتعدد هذه المهارات وتتنوع بتنوع الشخصية الإنسانية وجوانبها المختلفة.
يعد هذا البحث استجابة فعلية لهذا السياق، وإسهاما في إنجاح تجربة الإصلاح البيداغوجي بالجامعة المغربية، خاصة وفي ظل غياب نموذج وتصور واضح المعالم لتدريس الكفايات الحياتية والذاتية بالجامعات المغربية، فإنه من اللازم البحث عن نموذج يراعي الخصوصية الوطنية ويستجيب لمتطلبات التنمية وعصر المعرفة. وهو ما جعلنا نطرح السؤال المحوري التالي: كيف يمكن المساهمة في الإصلاح البيداغوجي من خلال صياغة أُنموذج لتدريس وحدات المهارات الحياتية والذاتية بالجامعات المغربية؟
ونتيجة للتطور الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أو ما بات يعرف بالثورة المعرفية، التي صاحبت ظهور تكنولوجيا التعليم باستخدام الأنترنت، والأجهزة الإلكترونية، إذ أصبحت تأخذ حيزا كبيرا في مجال التعلم والتعليم، وهو دور يتنامى ويتسع يوما بعد يوم. لتقدم هذه التكنولوجيا الحديثة طرقا جديدة للتواصل، والتعاون، والتعلم. ومن تم يبرز السؤال الثاني للدراسة: كيف يمكن توظيف التعليم الإلكتروني في تدريس وحدات المهارات الحياتية والذاتية بالجامعات المغربية؟
1. أسئلة الدراسة:
يتفرع عن هذا السؤال المركزي للدراسة أسئلة فرعية نحددها فيما يلي:
ـ ما هو مفهوم المهارات الحياتية وما أسسها ومرجعياتها الفكرية والنظرية؟
ـ ما هو واقع التجربة المغربية في إدماج مفاهيم المهارات الحياتية؟ وما الإمكانات والتحديات التي تواجه تنزيل الوحدات الحياتية بالجامعات المغربية؟
ـ ما هي المهارات الحياتية والذاتية المطلوبة في المرجعيات الدولية والوطنية والأدبيات التربوية؟
ـ كيف تعاملت مختلف التجارب الجامعية الدولية مع تدريس المهارات الحياتية في مناهجها التعليمية؟
ـ ما الأنموذج الأنسب لتدريس الوحدات الحياتية بالجامعات المغربية؟ وما عناصره ومكوناته؟
ـ ما مفهوم التعليم الإلكتروني؟ وكيف يمكن توظيفه في تدريس المهارات الحياتية؟
2. أهداف الدراسة:
نسعى من خلال إنجاز هذه الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، نسطرها وفق النقاط الآتية:
ـ توجيه النظر إلى الاهتمام بدمج المهارات الحياتية من خلال إيجاد نموذج متكامل للمهارات الحياتية والذاتية.
ـ اقتراح نموذج متكامل لتنزيل الوحدات الحياتية والذاتية في سياق الجامعة المغربية.
ـ طرح مرجع نظري في موضوع المهارات الحياتية والذاتية، للباحثين والأساتذة في هذا المجال.
ـ المساهمة في تنزيل الإصلاح البيداغوجي بالجامعة المغربية، في الشق المتعلق بوحدات المهارات الحياتية والذاتية.
3. أهمية الدراسة:
يظهر من خلال ما سبق تلك الحاجة الماسة لمناقشة موضوع المهارات الحياتية، إذ سار من المواضيع ذات الأولية في السياسات التربوية والتعليمية العالمية، ومن توصيات هيئات ومنظمات دولية ومحلية مختلفة (المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، 2015، ص 9). هذا على مستوى أهمية اختيار الموضوع في حد ذاته، أما على مستوى أهمية الدراسة الحالية فتكمن في جانبين:
أولا: الأهمية النظرية للدراسة:
إذ تبحث هذه الدراسة في إيجاد أسس نظرية، تعزز التفكير في ادماج المهارات الحياتية بالجامعة المغربية، وفق المرجعيات التربوية والفكرية الوطنية، التي يمكن من خلال التأسيس والتأصيل لموضوع المهارات الحياتية ومقارنتها بباقي المفاهيم المجاورة.
إذ نسعى إلى تزويد الفاعلين التربويين في الجامعة، وصناع السياسات التعليمية، بمنظور شامل حول هذا الموضوع، وتمكين الباحثين في هذا الحقل، من خلاصة التجارب الدولية، والممارسات الناجحة للمساهمة في تنزيل مقتضيات الإصلاح البيداغوجي الجديد، وفق منظور علمي قائم على سلسلة من الأبحاث والدراسات العلمية.
وكذا تحديد تلك المقومات التي من شأنها إنجاح هذه التجربة، ومواكبتها لتحقق ما جاءت من أجل تحقيقه، والمتمثل في الرفع من جودة خريجي الجامعات المغربية وإعطاء قيمة للشهادات الوطنية، وتأهيل الخريجين بمختلف الأدوات، التي من شأنها مساعدتهم على تحقيق الاندماج، وإعدادهم للحياة سواء منها الشخصية، أو الأكاديمية، أو المجتمعية، أو المهنية.
ثانيا: الأهمية التطبيقية للدراسة:
تقدم هذه الدراسة خلاصة بحث معمق للتجارب الوطنية، ورصدا لأهم الإكراهات والمعيقات التي تحول دون تحقيق تنزيل سليم لهذا المشروع الكبير، والمتمثل في إدماج وحدات الكفايات الحياتية والذاتية، إضافة إلى رصد الإمكانات والمؤهلات، التي يتوفر عليها النظام التعليمي الجامعي بالمغرب ومحيطه السوسيو-اقتصادي، والتي يمكن استغلالها في هذا الورش.
كما تسعى الدراسة إلى تقديم نموذج عملي يمكن الاستئناس به في تنزيل هذا الورش الإصلاحي، في شقه المتعلق بالمهارات الحياتية والذاتية وتحقيق الفعالية من ورائه، والتي ستنعكس بالتأكيد على جودة خريجي الجامعات المغربية. وخاصة فيما يتعلق بوضع تصور لتدريسها كوحدات ضمن نظام جديد على الجامعة المغربية، يتطلع الجميع ليشكل نقلة نوعية على مستوى الأداء الجامعي خصوصا، والمنظومة التعليمية بالمغرب عموما.
4. منهجية الدراسة:
من أجل فتح المجال أمام أفكار جديدة لمعالجة المشكلة المطروحة، وكذا تعميق معرفة الباحث وإلمامه بموضوع الدراسة، وتحديد أولوياته، وكذا الكشف عن الظروف المحيطة بمشكلة الدراسة، فإن الباحث اعتمد المنهج الاستطلاعي (Exploratory). ونظرا لكون البحث يسعى إلى بناء تصور مقترح لتدريس الوحدات الحياتية والذاتية بالجامعات المغربية، فإنه قد اعتمد أسلوب دلفي (Delphi Technique) التنبئي في صياغة النموذج المقترح. وبذلك يكون البحث قد اعتمد منهجا كيفيا لتحقيق أهدافه وبلوغ مقاصده. بناء على الخطوات التالية:
1ـ تحديد أبعاد موضوع الدراسة من أجل بناء خلفية نظرية مهمة لمناقشة الموضوع.
2ـ البحث في واقع التجربة المغربية وما بها من تحديات وفرص.
3ـ البحث في الأطر والمرجعيات الدولية والوطنية والأدبيات السابقة، من أجل تحديد المهارات المطلوبة والاحتياجات المستقبلية وأساليب تمريرها.
4ـ صياغة المهارات المتوصل إليها ضمن شبكة، وإخضاعها للتحكيم من طرف الخبراء، بشكل فردي يعبرون فيه عن ملاحظاتهم، وإضافة مقترحاتهم بناء على خبراتهم في الموضوع.
5ـ تحليل معطيات التحكيم لاستخلاص كافة الآراء وتقديم مختلف النتائج ومناقشتها.
6ـ عرض التصور المقترح باستثمار نتائج التحكيم والخلفية النظرية المتحصلة من البحث.
5. توصيف خطة الدراسة:
جاءت الدراسة في ثمانية فصول وفصلين تمهيدي وآخر ختامي، تضمن الفصل التمهيدي مقدمة للبحث وتحديدا لمشكلة البحث وأهدافه ومنهجيته، بينما ركز الفصل الأول على بحث الإطار النظري للمهارات الحياتية والذاتية. في حين تطرق الفصل الثاني إلى الإطار النظري للتعليم الإلكتروني، بينما استكشف الفصل الثالث واقع إدماج المهارات الحياتية في التجربة المغربية. كما تناول الفصل الرابع واقع التعليم الإلكتروني في التجربة المغربية، بينما استعرض الفصل الخامس حضور المهارات الحياتية في المرجعيات الدولية والوطنية والأدبيات التربوية. هذا وقد ركز الفصل السادس على المهارات الحياتية في المناهج التعليمية والتجارب الجامعية الدولية، وعرض مختلف الطرق التي يتم من خلالها تنزيل برامج المهارات الحياتية والذاتية في هذه التجارب، بينما أخذ الفصل السابع طابعا ميدانيا وكميا، من أجل تحكيم شبكة المهارات الحياتية والذاتية المتوصل إليها. لنخلص في الفصل الثامن إلى تركيب نتائج البحث، وتقديمه في تصور متكامل يضم موجهات لتدريس الوحدات الحياتية والذاتية في الجامعات المغربية. لنختم الدراسة بفصل ختامي ضم أبرز النتائج، وقدم عددا من الاستنتاجات والتوصيات، بالإضافة إلى إرفاق الدراسة بملحق وقائمة المصادر والمراجع المعتمدة في البحث.
6. خاتمة: أبرز النتائج والتوصيات
ختاما، نرجو استثمار هذا التصور المقترح، والذي يمكن أن يأخذ صورا متعددة، كالاعتماد على هذه الأطروحة في تصميم هندسة بيداغوجية للوحدات الحياتية والذاتية بالجامعة المغربية، أو في رسم خطط لتأهيل مدرسي هذه الوحدات، أو على مستوى صياغة كتب جامعية تعنى بتنمية المهارات الحياتية، أو على مستوى إطلاق منصات رقمية، توفر تعليما مفتوحا ومساقات تدريبة في ذات الموضوع، أو على مستوى التنويع في أساليب وطرق تدريس هذه الوحدات، أو على مستوى أساليب التقويم وفق أنماط حديثة تتماشى وطبيعة المهارات.
هذا وقد سجل البحث افتقاد أغلب المبادرات في مجال المهارات الحياتية، للخيط الناظم بين المناهج والمبادرات المهارية، نظرا لغياب إطار مفاهيمي موحد وتصور تربوي واحد، إضافة إلى الاستيراد المتلاحق والمتضارب في المرجعيات، ولا أدل على ذلك، من كون التجربة المغربية اعتمدت في مبادرة “مهارتي” على نموذج (LSCE)، في حين اعتمد المنهاج الدراسي الجديد لسنة 2021 على نموذج (21Pst)، أما الإصلاح البيداغوجي لنظام البكالوريوس، فقد اعتمد في جزء كبير منه على تصور المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF).
لذلك عمل البحث على استطلاع مختلف التصورات الموجودة في الساحة العالمية، والتجارب الجامعية، والمرجعيات الوطنية، والأدبيات التربوية من أجل إيجاد شبكة للمهارات تنسجم والحالة المغربية، وللتأكد من مصداقيتها وملاءمتها لواقع الجامعة المغربية تم عرضه على عينية من الخبراء والأساتذة الجامعيين بلغ عددهم (77) خبيرا وخبيرة وذلك بغرض التحكيم والتصويب، فأفرزت نتائج الدراسة الميدانية عن موافقة اجمالية لفقرات الشبكة المقترحة بنسبة بلغت (84%) من مجموع المشاركين في الدراسة، وبعد إجراء عدد من التعديلات المقترحة، تمت صياغة النموذج النهائي، الذي يمكن الاستئناس به في تدريس واختيار مواضيع الوحدات الحياتية والذاتية بالجامعات المغربية. ويضم التصور النهائي شبكة تحتوي على أربع مهارات أساسية تضم بدورها مهارات فرعية، على النحو الآتي:.
1ـ شبكة مهارات التعلم (Study Skills) وتضم (42) مهارة؛
2ـ شبكة المهارات الحياتية (Life Skills) وتضم (42) مهارة؛
3ـ شبكة مهارات المسؤولية المجتمعية (Civic Skills) وتضم (22) مهارة؛
4ـ شبكة المهارات المهنية (professional skills) وتضم (32) مهارة.
هذا ويبقى التصور المقترح مجرد مساهمة نظرية، لتحديد تلك المهارات المطلوبة في السياق الدولي والمغربي، وكذا طرق تدريسها وتنزيلها بالجامعات، ويبقى الدور المحوري لتنزيل هذا التصور في يد صناع القرار التعليمي بالجامعات المغربية، من أجل اتخاذ خطوات جريئة أمرا حاسما في إنجاح هذا التصور، الذي يراهن على سد فجوتين في النظام التعليمي؛ الأولى تلك المتمثلة في المهارات المحصل عليها في التعليم الثانوي ومتطلبات التعليم الجامعي. والثانية تلك المتحصل عليها في التعليم الجامعي ومتطلبات سوق الشغل وما بعد التخرج، بالإضافة إلى تظافر جهود مختلف المتدخلين.
وبناء على ما سبق، نرى أنه من الضروري إحداث مجموعة من البنيات الوطنية، التي تعنى بمراقبة وتتبع تنزيل الوحدات الحياتية في المرحلة الأولى، وإجراء مسوحات وطنية للحاجيات المهارية عند الطلاب، وتتبع الخرجين وطنيا وإصدار تقارير بهذا الخصوص، ومراقبة مدى انسجام مخرجات الجامعة وسوق الشغل في مرحلة ثانية.
وهو ما يمكن أن نطلق عليه مسمى المركز الوطني للمهارات الحياتية وتطوير كفايات الطلاب، إذ يعنى بتشجيع التجارب الوطنية في تنمية المهارات وتعزيز الابتكار، وخلق التنافسية بين الجامعات في تحسين خدماتها في هذا المجال، ورصد جوائز مثل: (جائزة لأفضل مشروع ينمي المهارات الحياتية) لحفز فرق المهارات الحياتية، والتعريف بتلك التجارب المتميزة في هذا المجال، وتشجيع الأبحاث والدراسات الجامعية بهذا الخصوص، والبحث في الأساليب الحديثة وطرق التدريس ومدى فاعليتها في تنمية مهارات الطلاب.
تجدر الإشارة إلى أن التصور المقترح، استهدف تنمية المهارات لدى الطلاب في حالتهم الطبيعية السوية، لذلك يقترح الباحث التفكير في تطوير برامج خاصة لتنمية المهارات الحياتية لدى الطلاب والمتعلمين ذوي القدرات الخاصة، نظرا للاختلاف على مستوى طبيعة المهارات ونوعيتها، أو على مستوى طريقة وكيفية تدريسها وتنميتها لديهم بما يتناسب وكل حالة. هذا ويعتبر طَرق مثل هذا الموضوع ذو راهنية حقيقة، في ظل اعتماد المغرب مقاربة التربية الدامجة.
وفي هذا السياق يوصي الباحث بمجموعة من التوصيات منها:
ـ ضرورة الاعتماد على نموذج مهاري موحد، واضح المعالم ومتكامل الأركان مما سيجنب المنظومة الجامعية ضياع الجهد وهدر الطاقات المستنزفة في البحث الفردي وتكرار الأخطاء.
ـ الاستفادة من نتائج الدراسة والتصور المقترح، في تنزيل وحدات المهارات الحياتية والذاتية بالجامعات المغربية، ودراسة مدى فاعليته على عينة من الطلبة.
ـ الدعوة إلى تعميق البحث في موضوع المهارات، سواء على مستوى المناهج التعليمية، أو على مستوى التعليم الجامعي، وتكوين مختبرات متخصصة في المجال، نظرا للإقبال المتزايد والنقص الحاد في المتخصصين في الموضوع.
وأخيرا، كان بود الباحث تطبيق هذا التصور، ودراسة مدى فاعليته على أداء عينة من الطلبة، غير أن الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى تأجيل تنزيل نظام البكالوريوس بالجامعات المغربية، حال ذلك دون تحقيق هذا الهدف. لذلك ندعو مختلف الباحثين إلى مواصلة الاهتمام والبحث، في قضايا المهارات الحياتية وتطبيقاتها في المنظومة التعليمية، خاصة وأنه لا يزال موضوعا في بدايته وسيعرف اهتماما متزايدا في السنوات المقبلة، كما أن الحاجة إلى متخصصين في الموضوع باتت ملحة، في ظل اعتماد المنظومة التعليمية بالمغرب إدماج مفاهيم المهارات الحياتية، سواء على مستوى التعليم الأساسي أو التعليم الجامعي. وعليه، يقترح الباحث عدداً من المواضيع للبحث والدراسة، والتي من شأنها الرفع من جودة البحث في المهارات الحياتية والذاتية بالمنظومة التعليمية المغربية، نذكر منها ما يلي:
ـ بناء تصور لتنمية المهارات الحياتية في المناهج التعليمية المغربية عبر الأسلاك التعليمية.
ـ بناء تصور لتنمية المهارات الحياتية في ظل مفاهيم التربية الدامجة، والتعليم الأولي وأنشطة الحياة المدرسية.
ـ بناء مقاييس للمهارات الحياتية لدى طلاب الجامعة ودراسة خصائصها السيكومترية.
ـ دراسة فاعلية التصور المقترح على عينة من الطلاب بإحدى الجامعات المغربية.
ـ بناء تصور لتطوير برامج خاصة بمراكز الإبداع والابتكار لصقل مهارات الطلاب.
ـ بناء تصور لتكوين المكونين في المهارات الحياتية والذاتية.
ـ دراسة مدى فاعلية استخدام المنصات التعليمية المفتوحة في تدريس المهارات الحياتية والجامعة.
هذا ومن المهم الإشارة إلى ضرورة تكثيف البحث، في الكيفية التي يمكن لما هو رقمي أن يدعم الطلاب لتطوير مهاراتهم الحياتية والذاتية، من أجل الحصول على المنفعة القصوى من استخدام التكنولوجيا في الحياة. ذلك أن الاستخدام العشوائي للتكنولوجيا، قد يتحول إلى عائق أمام تحقيق التعلم، بذل أن يكون مساعدا ومساهما في تنمية المهارات والمعارف. فتنامي ظاهرة التشتت الرقمي مثلا في صفوف الطلاب، وتراجع التفاعل الاجتماعي الواقعي بينهم، وغيرها من الحالات التي تكشف الآثار السلبية للاستعمال غير الآمن وغير المتبصر، ومن تم فإنه من الضروري تطوير استراتيجيات مناسبة، تأخد بعين الاعتبار كل ما ذكرناه من أجل تحقيق الاستفادة القصوى، من كل ما هو رقمي في التعليم دون أضرار نفسية، أو اجتماعية، أو صحية على الطلاب.
وعليه، فقد تم التحقق من الفرضيات التي انطلق منها البحث والتأكد من صحتها، ذلك أنه تم الكشف عن كون البيئة الجامعية بالمغرب، تملك مقومات نجاح تنزيل برنامج الوحدات الحياتية والذاتية بها، إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الشروط لتجاوز تلك التحديات المرصودة. كما تم التأكد من صحة الفرضية الثانية إذ أنه لا يوجد نموذج واضح ومحدد لتنزيل وحدات المهارات الحياتية والذاتية بالجامعات المغربية، وأن المقترح المضمن بدفتر الضوابط البيداغوجية، لم يشكل سوى توجه عام للنموذج دون أن يحدد التفاصيل. أما الفرضية الثالثة فقد تأكد أنه بإمكاننا استخراج نموذج لإدماج المهارات الحياتية والذاتية، خاص بالبيئة الجامعية المغربية، وهو ما سعت الأطروحة إلى إبرازه من خلال النموذج المقترح.

زر الذهاب إلى الأعلى