تحرير القول في مسألة الأسماء الشرعية مع إبراز الثمرة العقدية والفقهية
إعداد: د. جمال موحيب
مقدمة:
وقد تمّ تقسيم هذه الورقة البحثية إلى ثلاثة محاور: المحور الأول: بعد التّمهيد للمسألة عرّفت بمصطلح “الأسماء الشرعية”، ثم حرّرت محلّ النّزاع، كما بيّنت سبب الخلاف. أمّا المحور الثاني: فخصّصته لمذاهب الأصوليين في المسألة، وأدلتهم على ذلك. وفي المحور الثالث: جئت فيه بالاسْتنتاج مع ثمرة الخلاف. أهمية البحث: تبرز أهمية هذا الموضوع فيما يلي: أ ـــ أن مبحث الأسماء الشرعية في علم أصول الفقه ذو صلة وطيدة بالمصدرين الأساسين في التشريع (الكتاب والسنة)، حيث إن فهمهما متوقّف على معرفة هذا المبحث.[2] ب ـــ أن لهذا المبحث أثرا كبيرا في الاستدلال والاستنباط، فالحاجة داعيةٌ للتأمل وتحرير القول فيه. أهداف البحث: أ ـــ تجلية النظرة التصورية المختلفة عند الأصوليين، وذلك من خلال تعريفهم لمصطلح(الأسماء الشرعية). ب ــ بيان مذاهب الأصوليين في مسألة “الأسماء الشرعية”، والوقوف على مدى قوة أو ضعف ما استدل به كلّ مذهب، ثم تحرير القول في المسألة. ج ــ بيان أنه كما أن لهذه المسألة ثمرة فقهية، لها أيضا ثمرة عقدية. المحور الأول: الأسماء الشرعية([3]) أولا: تمهيد. من أهم مباحث الدلالة التي خاض الأصوليون معتركها، مبحث الحقيقة والمجاز، هذا المبحث الذي توسّع الأصوليون في تفاصيله وجزئياته توسُّعا كبيرا، حتّى أُفرد كلٌّ من الحقيقة والمجاز بباب مستقلّ، وقُسّم كلٌّ منهما ــ باعتبارات مختلفة ــ، إلى تقسيمات عدّة. فقسّم الأصوليون الحقيقة ــ باعتبار اصطلاح التّخاطب ــ إلى قسمين[4]: حقيقة لغوية، وحقيقة شرعية. والذي يعنينا هنا هو الحقيقة الشرعية. فما معنى هذا المركب الوصفي؟ وهل هو منقول من اللّغة، أم لا؟، وإذا كان منقولا فهل تشترط فيه العلاقة بين المعنى الذي كان له والمعنى الجديد، أم لا؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه في هذا المبحث، بإذن الله تعالى. ثانيا: الأسماء الشرعية: قبل أن نلج لصُلب المسألة، نُعرفّ أوّلا بمصطلح “الأسماء الشرعية”. معنى الاسم الشرعي: قال القاضي عبد الجبار ـ كما نقله عنه أبو الحسين البصري ـ هو “ما اسْتُفيد بالشّرع وضْعُه للمعنى”.([5]) وقال القاضي أبو يعلى: هو “الاسم المستعمل في الشريعة، على غير ما كان عليه في موضوع اللغة”([6]). من خلال هذين التعريفين تتجلّى لنا النظرة التصورية المختلفة عند كلّ من القاضيين. فلمّا كان القاضي عبد الجبار ـ ومن قال برأيه ـ يرى أن الأسماء الشرعية وضعت مبتكرة، من غير اعتبار الوضع اللغوي([7])، عرّفها بما ذكرت. أما تعريف القاضي أبو يعلى ـــ ومن شاركه في التصور ـــ فمبنيٌّ على أن هذه الأسماء الشرعية نُقلت عن معناها اللّغوي، على سبيل المجاز، فلمّا اشتهرت صارت حقائق شرعية. وهذا مستفاد من لفظتي “المستعمل” و “غير” الواردتين في التعريف. ذلك أن لفظ المستعمل تشترك فيه الحقيقة والمجاز، ولفظ “غير” ينفرد بها المجاز([8]). ثالثا: تحرير محلّ النزاع: اتّفق الأصوليون على إمكان نقل الأسامي من الوضع اللغوي إلى الشرعي، حتى كاد أن يكون إجماعا، لولا مخالفة فئة قليلة في هذا الإمكان العقلي.كما اتّفقوا على أن الأسماء الشرعية فيها زيادةُ معنىً على الوضع اللغوي، ثم اختلفوا بعد ذلك في تلك الزّيادة، هل تجعل الأسماء موضوعة كالوضع الابتدائي من قِبل الشرع، أو هي مقرَّة على الشرع، أو مبقاة على الوضع اللغوي، وليس للشرع من تصرّف إلاّ أنه أحاطها بالشروط. هذا هو محلّ النزاع([9]). رابعا:سبب الخلاف. يمكن أن نعيد سبب الخلاف في هذه المسألة إلى ما يلي: أ ــ هل هذه الأسماء ــ الصلاة، الزكاة، الصوم، وغيرها ــ مستعملة فيما استعملها العرب، أم لا؟ وإذا كان كذلك، فهل لابدّ من مراعاة الشبه في هذا النقل، أم لا؟ ب ــ هل يلزم من استعمال الشرع لبعض الألفاظ في غير ما وضعتْه لها العرب، أن يكون القرآن غير عربيّ؟. المحور الثاني: مذاهب الأصوليين في المسألة، وأدلتهم على ذلك. أولا: مذهب الباقلاني وأدلّته. يرى الإمام أبو بكر الباقلاني أنّه لا وجود لما يُسمّى بالأسماء الشرعية، فألفاظ الصلاة والزكاة والحج و.. عنده، ليست موضوعةً بالشّرع، بل هي على أصل وضعها اللّغوي؛ من الدعاء في الأولّ، والنّماء في الثاني، والقصْد في الثالث. لكنّ الشّرع ضمَّ إليها أفعالا، واشترط لها شروطا. نقل عنه هذا الرأي جماعة من الأصوليين، كالغزالي، والرازي، والآمدي، والقرافي، ونجم الدين الطوفي، وابن السبكي، وغيرهم([10]). وهو نقل موافق لما أورده الباقلاني في التقريب، ونصّه: “اعلموا ــ رضي الله عنكم ــ أن الذي عليه أهل الحق وجميع سلف الأمة من الفقهاء وغيرهم، أن الله سبحانه لم ينقل شيئًا من الأسماء اللغوية إلى معان وأحكام شرعية، ولا خاطب الأمة إلا باللسان العربي، ولا أجرى سائر الأسماء والتخاطب إلاّ على ما كان جاريًا عليه في وضع اللغة([11]). ــ أدلّتــه: استدلّ الباقلاني على إنكاره للأسماء الشرعية، بما يلي: الدليل الأول: أنّه لو لم تكن هذه الأسماء ــ صلاة، حج، صوم، وغيرها ــ مستعملة فيما استعملتها العرب؛ لما صحّ أن يُوصف القرآنُ بالعربيّ، واللازم باطل، فكذا الملزوم؛ لقول الله تعالى:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [سورة الزخرف: 3]، ولقوله سبحانه:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [سورة إبراهيم، 4]([12]). الدليل الثاني: لو أنّ الشارع نقل هذه الأسماء اللغوية إلى معان شرعية، لوجب أن يُعرّف الأُمة بذلك، وأن يُفهّمها تلك المعانيَ الجديدة، ولو أنه فَعل، لتواتر وعلمه الجميع. وبما أنه لم يثبت نقْلٌ يُفيد القطعَ في ذلك، وجب ردُّ دعوى القائلين بالنقل([13]). الدليل الثالث: أنه لا يلزم من إثبات هذه الأسماء لهذه المسميات شرعا، الإضراب عن اللغة أصلا؛ فالشّرع لا يزجر عن تسمية الدُّعاء المحض صلاةً، واطّرد هذا المعنى في سائر الألفاظ، كالحجّ والصوم وغيرها([14]). ــ الردُّ عليه. الردّ الأول: أنّه لا يلزم من استعمال الشّرع لبعض الألفاظ في غير ما وَضَعتْه لها العرب، أن يكون القرآن غير عربيّ؛ فكما أنّ العرب تستعمل بعض الألفاظ في غير ما وُضعت له ــ فتقول مثلا: فلانٌ بحْرٌ أيْ جواد ــ، ولم يقل أحد إنّ ذلك مُخْرجها عن عربيَّتها، فكذلك استعمالات الشّرع. ثمّ إن القرآن مشتمل على عبادات، لا قِبل للعرب بها، فكان من المناسب استعارة أسماء لها، كالصلاة والزكاة، وغيرها، وليس في هذا نفيٌ لعربيّة القرآن([15]). الردّ الثاني: أنّ البيان واقع من الشارع، فقد بيّن جبريل ــ عليه السلام ــ، المقصودَ بالصلاة، بصلاته بالنّبي ــ صلّى الله عليه وسلم ــ، ثمّ صلاة النّبي ــ صلّى الله عليه وسلم ــ بأصحابه رضي الله عنهم، وقال: «صلّوا كما رأيتموني أُصلّي»([16])، كما بيّن المقصود بالحجّ، بتعليمه الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ مناسك الحج، وقوله لهم: «لتأخذوا مَنَاسِكَكُمْ» ([17])،([18]). وأمّا اشتراط وجوب العلم في النّقل فساقط؛ بدليل “أنّ الرّسول ــ صلّى الله عليه وسلم ــ بيّن الحجّ بيانا عامّا، ثمّ لم يُنقل نقلا يُوجِب العلمَ، حتّى اخْتلف القول في صفة إجرائه”([19]). الرّد الثالث: أمّا أنّ الشّرع لم يمنع من تسمية الدّعاء المحض صلاة، فغير سديد؛ فإن حملة الشريعة مُجْمِعون على أنّ الركوع والسجود من الصلاة، وليست دعاءً على الحقيقة([20]). ثانيا: مذهب المعتزلة وأدلّتهم. أن الأسماء الشرعية منقولة نقلا كلّيا إلى معان جديدة، بدون أيّ علاقة بين المعنى اللّغوي والمعنى الشرعي. قال أبو الحسين البصري ــ رحمه الله ــ: “ذهب شيوخنا والفقهاء إلى أنّ الإسم اللغوي يجوز أن ينقله الشّرع إلى معنى آخر، …ولا فرق بين أن يُوضع لتلك العبادة اسْم مُبتدأ، وبين أن يُنقل إليها اسم من أسماء اللغة، مستعْمَل في معْنىً له شبهٌ بالمعنى الشرعي، بل نقل اسم لغوي إليه أولى”([21]). وقد ارتضى هذا الرّأي بعض الأصوليين كالكلوذاني من الحنابلة([22]). ــ أدلّتهم: الدليل الأول: أنّ الواضع لـمّا وضع هذه الأسماء كان يمكنه أن يضعها على غير هذه المعاني؛ بأن يسمي الأسود أبيض، والأبيض أسود، وهذا صحيح؛ لأنّ المعاني كانت موجودة قبل الأسماء ومنفكة عنها، فإذا كان يمكنه ذلك أمكنه لأن ينقلها. الدليل الثاني: أن الله تعالى أمر بالعبادة وذلك لمصلحة، وقد يجوز أن يكون نقل الأسماء للمصلحة، والمصلحة وجه حسن. الدليل الثالث: أن الشارع قد سمّى في الشرع أسماء لم تكن في اللغة، مثل: الإسلام والإيمان والكفارة والعدة، وقد يكون مثل هذا. ألا ترى أنّ الإنسان يولد له ولد فيُسمّيه باسم؛ ليتميز به عن غيره، ويكون ذلك الإسم حقيقة فيه، وإن كان في اللغة موجوداً، وكذلك الصناع يصنعون لآلاتهم أسماء، ويكون ذلك حقيقة فيها. فإذا كان كذلك جاز للشارع أن يسمي في الشّرع أسماء تكون حقيقة فيما سماه، وإن كانت موجودة في اللغة.([23]) الرَّدُّ عليهم: الرّد الأول: لو نقلت الأسماء اللُّغوية إلى أحكام شرعية لكنا مخاطبين بغير لغتنا، وقد قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [سورة ابراهيم: 4]، وقوله:{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [سورة الشعراء: 195]. الرّد الثاني: لو كان منقولا لحصل البيان من النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك، كما حصل منه في غيره من الأشياء، ولما لم ينْقل ذلك، دلّ على أنه لم ينقل.([24]) الردّ الثالث: أن هذه الألفاظ(كالصلاة، والزكاة، والحجّ) بقيت في معانيها اللغوية ولم تنقل، ولكن شرط الشرع في كونها مجزئة شروطًا أخرى تنضمّ إليها، فالشّرع تصرف بوضع الشرط لا بتغيير الوضع، فهو لم يُحدث عبادة لم يكن لها في اللغة اسم.[25] ثالثا: مذهب معظم الأصوليين. يرى معظم الأصوليين أن الأسماء الشرعية مجازات لغوية، ثمّ لمّا اشْتهرت ــ بحيث إذا أُطلقت لم ينصرف الذّهن إلاّ إلى معناها الشرعي ــ صارت حقيقة شرعية؛ إذِ التّبادر أمارة الحقيقة. وقد استدلوا على ذلك بأدّلة قويّة، مرّ بعضها أثناء الرّد على الإمام الباقلاني، والبعض الآخر هو كالآتي:([26]). قالوا: من المعلوم شرعا أنّ الصّلاة في لسان الشارع وأهل الشرع، لِذات الأذْكار والأركان، والزكاة لأداء مال مخصوص، والصيام لإمساكٍ مخصوص، والحجّ لقصْد مخصوص. وأن هذه المدلولات هي المتبادرة عند الإطلاق، وذلك علامة الحقيقة، بعد أن كانت الصلاة في اللغة للدعاء، والزكاة للنماء، والصيام للإمساك مطلقا، والحج للقصد مطلقا. وأجيب عن هذا: بأنّها باقية في معانيها اللغوية، والزيادات شروط، والشّرط خارج عن المشروط. ورُدّ: بأنّه يستلزم أن لا يكون مصلّيا مَنْ لم يكن داعيا، كالأخرس. وأجيب أيضا: بأنه لا يلزم من سبق المعاني الشرعية عند الإطلاق ثبوت الحقائق الشرعية؛ لجواز صيرورتها بالغلبة حقائق عرفية خاصة لأهل الشرع، وإن لم تكن حقائق شرعية بوضع الشارع. وردّ: بأنه إن أريد بكون اللفظ مجازا أنّ الشارع استعمله في معناه لمناسبة للمعنى اللغوي، ثم اشتهر فأفاد بغير قرينة، فذلك معنى الحقيقة الشرعية، فثبت المدّعى. وإن أريد أن أهل اللغة استعملوه في هذه المعاني وتبعهم الشارع في ذلك، فخلاف الظاهر؛ للقطع بأنها معان حادثة ما كان أهل اللغة يعرفونها.[27] رابعا: مذهب الآمدي: بعد أن ساق سيف الدين الآمدي الأقوال التي قيلت في المسألة وناقشها، قال: “وإذا عُرف ضعف المأخذ من الجانبين، فالحقّ عندي في ذلك إنما هو إمكان كلّ واحد من المذهبين، وأمّا ترجيح الواقع منهما فعسى أن يكون عند غيري تحقيقه”([28]). إلاّ أنّ هذا التّوقف من الآمدي ــ رحمه الله ــ قد لا ينسجم مع رأيه في اشتراط القطعية في قواعد أصول الفقه، كما هو مصرّح به في قوله: “والمسألة أصولية قطعية، فلا يسوغ التّمسك بالظّن فيها”([29]). المحور الثالث: الاستنتاج مع ثمرة الخلاف. أولا: الاستنتاج: من خلال النّظر في الأدلة والمناقشات التي أوردتها كتب الأصول في المسألة، يتّضح لي أنّ ما تمسّك به الباقلاني ــ رحمه الله ــ في إنكاره للأسماء الشرعية، ضعيفٌ للغاية، بل هو “لجاج ظاهر”([30]). كما أنّ الاستدلال على أن الأسماء الشرعية منقولة نقلا كلّيا إلى معان جديدة، بدون أي علاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي، لا يخفى ضعف مأخذه أيضا. وعليه: فالذي ينبغي التّمسك به هو إثبات الأسماء الشرعية، وأنّها مجازات لغويةٌ. بدليل أنّه: كما وقع التّصرف في لفظ الدّابة حتّى صارت مخْتصةً بذوات الأربع ــ بعدما كانت لكلّ ما يدبّ على الأرض ــ، فكذلك الحال في لفظ الصلاة ــ مثلا ــ، فبعدما كانت لا يُفهم منها إلاّ الدّعاء، صارت تدلّ عليه وزيادة، بمعونة القرينة، وذلك من باب تسمية الشيء باسم بعض أجزائه، ثمّ لـمّا اشتهرت “فهمت بلا قرينة، فصارت بذلك حقيقة شرعية، بعد أن هُجرت في الشرع الحقائقُ اللغوية”([31]). وإلى هذا الرأي جنح ابن فارس ــ وهو من معاصري الباقلاني ــ فقال: “كَانَتْ العربُ فِي جاهليتها عَلَى إرثٍ من إرث آبائهم فِي لُغاتهم وآدابهم ونَسائكهم وقَرابينهم. فلما جاءَ الله ــ جلّ ثناؤه ــ بالإسلام حالت أحوالٌ، ونُسِخَت دِيانات، وأُبطلت أمورٌ، ونُقِلت من اللغة ألفاظ من مواضعَ إِلَى مواضع أخَر، بزيادات زيدت، وشرائع شُرعت، وشرائط شُرطت. فَعفى الآخرُ الأوّلَ….، ومما جاء فِي الشرع الصلاة، وأصله فِي لغتهم: الدُّعاء. وقد كانوا عَرفوا الركوعَ والسجودَ، وإن لَمْ يكن على هذه الهيئة قال أَبو عمروٍ: “اسْجدَ الرجلُ: طأطأ رأسه وانحنى، … وأنشد:[من الطويل] فقلن لَهُ أَسْجِدْ لِليْلى فأسجَدا يعني البعير إذَا طأطأ رأسه لتِرْكَبَهُ”([32]). هذا الذي قرّرته هو قول جمهور أهل السّنة، ووافاقهم المعتزلة والشيعة في شقّ منه، فأثبتوا التّصرف للشرع، لكنّهم خالفوا في الشّق الآخر، فأنكروا العلاقة بين المعنى اللّغوي والمعنى الشرعي. ولهذا السبب كان موقف الباقلاني ــ رحمه الله ــ من هذه المسألة ما عرفت، محاولة منه لسدَّ الباب على بعض الطوائف الذين استغلّوا القول: بنقل الألفاظ اللغوية إلى معاني شرعية، في الطعن على الصحابة، كما سنُبيّنه في ثمرة الخلاف. ثانيا: ثمرة الخلاف. وقد ترتّب على الاختلاف في هذه المسألة ثمرات عدّة، منها ما يعود إلى أصول الدّين، ومنها ما يعود إلى الفروع الفقهية. فمن ثمرات النزاع العائدة إلى أصول الدّين، اختلافهم في وجود واسطة بين الايمان والكفر، وهو المعروف عند المعتزلة بالمنزلة بين المنزلتين. فمرتكب الكبيرة عندهم ليس بمؤمن ولا كافر، بناء على أن الإيمان نُقل من اللُّغة إلى الشّرع، و”جُعل اسماً لمن لم يرتكب شيئا من المعاصي، فمن ارتكب شيئا منها خرج من الإيمان، ولم يبلغ الكفر”([33])، فالإيمان عند المعتزلة والخوارج هو مجموع ما أمر الله ورسوله به. فكان هذا دافعا للباقلاني إلى إنكار الأسماء الشرعية، قال القرافي “وقال القاضي فتح هذا الباب يُحصّل غرض الشيعة، من الطعن على الصحابة ــ رضوان الله عليهم ــ، فإنهم يكفرون الصحابة، فإذا قيل: إن الله تعالى وعد المؤمنين بالجنّة، وهم قد آمنوا، يقولون: إن الإيمان الذي هو التصديق صدَر منهم، ولكن الشرع نقَل هذا اللفظ إلى الطاعات، وهم صدقوا، وما أطاعوا في أمر الخلافة، فإذا قلنا إن الشرع لم ينقل انسدَّ هذا الباب الرديء”([34]). فيما ذهبت جماعة من الأصوليين أن الإيمان لم يُقرّ على حقيقته اللغوية، بل صار بتصرف الشرع فيه عبارة عن “التّصديق بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح”([35]). أمّا ما يعود إلى الفروع الفقهية، فمنها ما يلي: أ ــ مسألة نكاح الـمُحرِم. اختلف الفقهاء في صحة نكاح المتلبِّس بالإحرام، فجمهور أهل العلم يذهبون إلى أنّ المحرِم لا يتزوّج، ولا يشتري جارية للوطء، ما دام متلبّساً بالإحرام، وحُجّتهم النهي الوارد في قوله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ: «لا يَنكح المُحرم، ولا يُنكِح»([36])، فيما يرى الحنفية صحّة نكاح المحرم بِمُوجبِ هذا الحديث، لكن بِالْحملِ على الْوَضع الآخر[37]، بأن قالوا: يحتمل أن يريد بالنكاح الوطء، كما قال الشاعر:[المتقارب] كبِكْر تَشهّى لذيذَ النّكا حِ وتَفْرق مِن صَوْلة الناكح([38]). وإذا كان المراد به الوطء دلّ الخبر على حرمة الوطء على المحرم، لا على حرمة العقد. وردّ الجمهور هذا بأنّ إن إطلاق النكاح على الوطء مجاز شرعي، وعلى العقد حقيقة شرعية، وحمل اللفظ الشرعي على حقيقته الشرعية أولى من حمله على المجاز الشرعي([39]). ب ــ مسألة الوضوء ممّا مسّت النار. اختلف علماؤنا في لفظ “توضّؤوا” الوارد في قول النّبي صلّى الله عليه وسلم: «توضّؤوا ممّا مسّت النار»([40])، هل المراد به الوضوء الشرعي، أو الوضوء اللغوي؟ فالجمهور حملوا الوضوء على مسمّاه الشرعي؛ لأنّه عُرْف الشارع ــ وكلّ متكلّم يُحمل كلامه على عُرفه ــ وهو مبعوث لبيان الشرعيات. وذهب أبو حنيفة إلى أنه محمول على المعنى اللّغوي ــ الذي هو مطلق التنظيف ــ إلاّ أن يصرفَهُ دليل إلى المعنى الشرعي. قال: لأن الشرعي مجاز، والكلام يحمل على حقيقته اللغوية، حتى يدلّ دليل على المجاز([41]). ج ــ اختلفوا في المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «الطواف بالبيت صلاة»[42] هل المراد به أن الطواف كالصلاة حكمًا في الافتقار للطهارة، فيكون المراد بالصلاة الصلاة الشرعية، أو أن الطواف يشتمل على الدّعاء الذي هو صلاة لغة.[43] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] ــ المستصفى، ص: 4. [2] ــ كقوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: 55].فالمراد بالركوع هنا الحقيقة اللغوية، أعني: الخضوع، لا الحقيقة الشرعية. [3] ــ هذه العنونة أولى من عنونة بعض الأصوليين بـــ “الحقائق الشرعية”؛ لتداخل الحقائق والمجازات الشرعية، ويخرج الفعل والحرف؛ إذْ لا وجود للفعل الشرعي والحرف الشرعي. ينظر: المحصول، للرازي 1/316، البحر المحيط 3/24. [4] ــ وبعض الأصوليين عدّ الشّرعية من العرفية. [5] ـ المعتمد 1/18. [6] ـ العدة 1/189. [7] ـ وإذا حصل هناك توافق في العلاقة بين المعنى الذي كانت له في اللغة والمعنى الجديد، فهو من باب العرض الاتّفاقي ليس إلاّ. [8] ـ إذ تُعرّف الحقيقة بأنها: “الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب” تلخيص المفتاح، للقزويني 4/4. ويُعرّف المجاز بأنه: “الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب”. ينظر: تلخيص المفتاح 4/22. [9] ـ ينظر: الاحكام، للآمدي 1/35 وما بعدها، الابهاج 3/710 وما بعدها، البحر المحيط 3/15 وما بعدها. [10] ـ ينظر: المستصفى ص: 183، المحصول 1/298، الإحكام 1/35، نفائس الأصول 2/805، شرح مختصر الروضة 1/491، رفع الحاجب 1/400. [11] ـ التقريب والإرشاد 1/387. [12] ـ ينظر: التقريب والإرشاد 1/391، الفائق في أصول الفقه 1/83، أصول الفقه، لابن مفلح 1/98، رفع الحاجب 1/401. [13] ـ ينظر: التقريب والإرشاد 1/392، الإحكام، للآمدي 1/35، أصول الفقه، لابن مفلح 1/97، الإبهاج 3/730. [14] ـ ينظر: التقريب والإرشاد 1/395 وما بعده، البرهان 1/46، التحقيق والبيان 1/519، حاشية العطار على المحلّي 1/396. [15] ـ ينظر: التبصرة ص: 196، الإحكام، للآمدي 1/38. [16] ـ أخرجه البخاري في صحيحه، في باب: الأذان للمسافر، إذا كانوا جماعة، رقم: (631) ـ 1/128. [17] ـ أخرجه مسلم في صحيحه، في باب: استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا، رقم: (1297) ـ 2/943. [18] ـ ينظر: شرح اللمع 1/184، التمهيد 1/95، التحقيق والبيان 1/516، التقرير والتحبير 2/10 وما بعدها. [19] ـ شرح اللمع 1/185. [20] ـ ينظر: البرهان 1/46، الإبهاج 3/717. [21] ـ المعتمد 1/18 ـ 19. [22] ـ ينظر: التمهيد في أصول الفقه 1/88. [23] ـ التمهيد 1/89 ــ 90. [24] ـ العدة 1/190. [25] ـ ينظر: التقريب والإرشاد 1/397. [26] ـ ينظر: البرهان 1/47، المستصفى ص: 183، الفائق 1/81، الإبهاج 3/712، التقرير والتحبير 2/10 وما بعدها. [27] ـ إرشاد الفحول1/65. [28] ـ الإحكام 1/44. [29] ـ الإحكام 4/62. [30] ـ البرهان 1/46. [31] ـ أصول الفقه، العربي اللّوه ص: 337. [32] ـ الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها ص: 44. [33] ـ شرح اللمع 1/173. [34] ـ شرح تنقيح الفصول ص: 43. [35] ــ الإيمان، لابن تيمية ص: 304. واعلم أن حقيقة الإيمان هو التصديق بالقلب، أما العمل والنطق فهما شرطا كمال لا شرطا صحة وليسا شطرا من الإيمان، فالإيمان يزيد بالطاعات وينقص بضدها، وقد ورد عن السلف تعريف الإيمان بأنه: التصديق بالجنان والإقرار باللسان والعمل بالأركان، ولعلهم يقصدون الإيمان الكامل لا حقيقة الإيمان. وفي ذلك يقول صاحب الجوهرة: وفُسِّرَ الإيمانُ بالتصدَّيقِ … والنُطقُ فيهِ الخُلْفُ بالتحقيقِ فَقِيلَ شَرطٌ كالعَمَلْ وَقِيْلَ بَلْ … شَطْرٌ والاسلامُ اشْرَحَنَّ بِالعَمَلْ. [36] ـ أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، في باب: تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته، رقم: (1409) ـ 2/1030. [37] ـ ليس بالحمل على الوضع بل على الاستعمال، وفرق بين الوضع والاستعمال والحمل. ينظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 22. [38] ـ البيت لابن هرمة، كما نسبه إليه الثعالبي وغيره. ينظر: لباب الآداب، للثعالبي ص: 170. [39] ـ ينظر: التجريد، للقدوري 4/1842، التعليقة الكبيرة، للقاضي أبي يعلى 1/466، النجم الوهاج 7/93، شرح مفتاح الوصول، للسريري ص: 299. [40] ـ الحديث أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة وعائشة باللفظ المذكور، رقم: (351). [41] ـ ينظر: الجامع لمسائل المدونة، لابن يونس 1/72، المغني 1/139، المجموع شرح المهذب 2/59، شرح مفتاح الوصول، لأبي الطيب السريري ص: 288. [42] ـ أخرجه البيهقي والحاكم وابن حبان والدارمي عن ابن عباس مرفوعًا. وتتمته “إلا أن الله أباح فيه الكلام”. [43] ـــ ينظر: التّقريب والإرشاد 1/134. لائحــة المصادر والمراجع. 1ــ إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، محمد بن علي الشوكاني، تحقيق: أحمد عزو عناية. الناشر: دار الكتاب العربي، دمشق – كفر بطنا، ط: 1، س: 1999م. 2ــ أصول الفقه، لابن مفلح الحنبلي. حققه وعلق عليه وقدم له: فهد بن محمد السَّدَحَان، الناشر: مكتبة العبيكان، ط: 1، س: 1999م. 3ــ أصول الفقه، العربي اللوه. الناشر: مطبعة الخليج العربي ـ تطوان، ط: 3 ، س: 2007م. 4ــ الإبهاج في شرح المنهاج، عبد الكافي السبكي ـ تاج الدين السبكي، تحقيق: أحمد جمال الزمزمي ـ نور الدين صغيري. ط: دار البحوث للدراسات الإسلامية، ط: 1، س: 2004م. 5ــ الإحكام في أصول الأحكام، سيف الدين الآمدي، تحقيق: عبد الرزاق عفيفي. الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت، بدون طبعة، وبدون تاريخ. 6ــ الإيمان، ابن تيمية، المحقق: محمد ناصر الدين الألباني. الناشر: المكتب الإسلامي، عمان، الأردن، الطبعة: الخامسة، 1416هـ/1996م. 7ــ البحر المحيط في أصول الفقه، بدر الدين الزركشي. الناشر: دار الكتبي، الطبعة: الأولى، 1414هـ/1994م. 8ــ البرهان في أصول الفقه، إمام الحرمين. المحقق: صلاح بن عويضة، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت ــ لبنان، الطبعة الأولى 1418 هـ/1997م. 9ــ التبصرة في أصول الفقه، أبو اسحاق الشيرازي. المحقق: د. محمد حسن هيتو، الناشر: دار الفكر ــ دمشق، الطبعة: الأولى، 1403هـ. 10ــ التجريد، أبو الحسين القدوري. المحقق: محمد سراج ــ علي جمعة محمد، الناشر: دار السلام – القاهرة، الطبعة: الثانية، 1427هـ/2006م. 11ــ التحقيق والبيان في شرح البرهان في أصول الفقه، للأبياري. تحقيق: علي بن عبد الرحمن بسام، الناشر: دار الضياء ـ الكويت، ط: 1، 2013م. 12ــ التعليقة الكبيرة في مسائل الخلاف على مذهب أحمد، للقاضي أبي يعلى الفَرَّاء. تحقيق: لجنة من المحققين بإشراف نور الدين طالب، ط: دار النوادر، ط: 1، س: 2010م. 13ــ التقريب والإرشاد(الصغير)، القاضي أبو بكر الباقلاني، تحقيق: عبد الحميد أبو زنيد. الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط: 2، س: 1998م. 14ــ التقرير والتحبير، ابن الموقت الحنفي. ط: دار الكتب العلمية، ط: 2، س: 1983م. 15ــ تلخيص المفتاح، الخطيب القزويني. ط: دار الكتب العلمية، نشر أحب الحوزة. 16ــ التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، ابن حجر العسقلاني. تحقيق: أبو عاصم حسن بن قطب، ط: مؤسسة قرطبة ـــ مصر، الطبعة الأولى، 1416هـ/1995م. 17ــ التمهيد في أصول الفقه، أَبُو الخطاب الكَلْوَذَاني، تحقيق: أبو عمشة ـ محمد بن علي بن إبراهيم. الناشر: مركز البحث العلمي ـ جامعة أم القرى، ط: 1، س: 1985م. 18ــ الجامع لمسائل المدونة، ابن يونس الصقلي، تحقيق: مجموعة الباحثين. الناشر: معهد البحوث العلمية وإحياء التراث ـ جامعة أم القرى ـ دار الفكر، ط: 1، س: 2013م. 19ــ حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع، حسن بن محمود العطار الشافعي. الناشر: دار الكتب العلمية، بدون طبعة وبدون تاريخ. 20ــ رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، تاج الدين السبكي، تحقيق: علي محمد معوض ـ عادل أحمد عبد الموجود. الناشر: عالم الكتب ـ لبنان، ط: 1، س: 1999م. 21ــ شرح تنقيح الفصول، شهاب الدين القرافي. المحقق: طه سعد، الناشر: شركة الطباعة الفنية المتحدة، الطبعة: الأولى، 1393هـ/1973م. 22ــ شرح اللمع، الشرازي، تح: عبد المجيد تركي. ط: دار الغرب، ط: 1، س: 1988م. 23ــ شرح مختصر الروضة، نجم الدين الطوفي، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي. الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط: 1، س: 1987م. 24ــ شرح مفتاح الوصول، أبو الطيب مولود للسريري. الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ الرباط، ط: 1، س: 2010م. 25ــ صحيح البخاري، أبو عبد الله البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر. ط: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، ط: 1، س: 1422هـ. 26ــ صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، بدون طبعة. 27ــ الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها. ابن فارس القزويني. الناشر: دار الكتب العلمية، ط: 1، س: 1997م. 28ــ العدّة في أصول الفقه، القاضي أبو يعلى الفراء، تحقيق: أحمد المباركي. الناشر: بدون ناشر، ط: 2، س: 1990م. 29ــ الفائق في أصول الفقه، صفي الدين الهندي، تحقيق: محمود نصار. الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط: 1، س: 2005م. 30ــ فيض القدير شرح الجامع الصغير، زين الدين المناوي. الناشر: المكتبة التجارية الكبرى ـــ مصر، الطبعة: الأولى، 1356ه. 31ــ لباب الآداب، أبو منصور الثعالبي، تحقيق: أحمد حسن لبج. الناشر: دار الكتب العلمية ــ بيروت، ط: 1، س: 1997م. 32ــ المجموع شرح المهذب، للإمام محيي الدين النووي. الناشر: دار الفكر، بدون طبعة. 33ــ المستصفى، لأبي حامد الغزالي. تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، الناشر: دار الكتب العلمية ــ بيروت، ط: 1، س: 1993م. 34ــ المسند، للإمام أحمد. تحقيق: شعيب الأرنؤوط ـ عادل مرشد، وآخرون، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط: 1، س: 2001م. 35ــ المحصول، فخر الدين الرازي، تح: العلواني. نشر: الرسالة ـ بيروت، ط: 3، س: 1997م. 36ــ المعتمد في أصول الفقه، أبو الحسين البَصْري، تحقيق: خليل الميس. الناشر: دار الكتب العلمية ــ بيروت، ط: 1، س: 1403ه. 37ــ المغني، لابن قدامة المقدسي. الناشر: مكتبة القاهرة، بدون طبعة، س: 1968م. 38ــ النجم الوهاج في شرح المنهاج، لأبي البقاء الدَّمِيري الشافعي. الناشر: دار المنهاج ـ جدة، تحقيق: لجنة علمية، ط: 1، س: 2004م. 39ـــ نفائس الأصول في شرح المحصول، شهاب الدين القرافي. المحقق: عادل الموجود ــ علي محمد معوض، الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز، الطبعة: الأولى، 1416هـ/1995م.