الدكتور عبد الفتاح محفوظ
وهي أطروحة دكتوراه في علم الأصول، تحت إشراف الأستاذ الدكتور محمد بلحسان، بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وتمت مناقشتها بتاريخ: 05 ذو الحجة 1442 الموافق 15/07/2021، من طرف لجنة المناقشة المكونة من السادة الأساتذة: الدكتور عبد المغيث الجيلاني، والدكتور عبد الله الطاهري، والدكتور ميلود كعواس، والدكتور مولاي رشيد بن السيد.
ملخص تقرير الأطروحة:
أولا: الإطار العام للأطروحة.
لا جرم أن قضية التجديد الأصولي من القضايا التي شغلت وتشغل بال العلماء والباحثين والمهتمين بالشريعة الغراء وعلومِها قديما وحديثا، فما شهده تاريخ علم أصول الفقه من اجتهادات تنظيرية، اتخذت أشكالا مختلفة في الإنتاج الأصولي، وقد عُدَّ ذلك في نظر أهل العلم نظرات تجديدية في الخطاب الأصولي، ويمكن استجلاء تلكم الملامح والسمات والصور التي اتخذها التجديد الأصولي على مدى تاريخه ومساره من خلال عدة مستويات، قد جُمعت في مداخل، وهي: مدخل التأصيل، والتنخيل، والتعليل، والتشغيل، والتكميل، والتنزيل.
وإن أبواب هذا البحث الموسوم بـ:”المسائل الافتراضية في علم أصول الفقه” وفصوله ومباحثه ومطالبه وفروعه يدرس ويبحث موضوع المسائل الافتراضية التي وردت في علم الأصول؛ سواء من حيث مفهوم المسائل الافتراضية أو إشكالاتها العلمية، أوالقضايا المعرفية التي تطرحها، وهو بحث مندرج ضمن مدخل التنخيل أو مستوى إلغاء ما ليس من علم الأصول، الذي القصد منه غربلة المادة الأصولية وتصفيتها مما ليس منها؛ لأن ذلك يعوق سيرها من أجل تحقيق وظائفها؛ ولا يتم ذلك الأمر إلا من خلال استحضار هذه الوظائف والمقاصد التي رسمت لعلم الأصول، والتي تخول لنا النظر في مسائل الأصول ومباحثه؛ فما كان يخدم تلك الغايات والأغراض أبقيناه فيه، وما لا يخدمها نفيناه عنه، ومن خلالها -أي وظائف ومقاصد علم أصول الفقه-أيضا ننظرُ فيما يخدمُها ولا وجودَ له في مسائل العلم، فندخله ونضيفه، وإذا كان موجودا، ولكنه ضعيف باهت، نبرزه ونقويه.
وقد نبّه على هذا الإشكال المرتبط بالدخيلِ في علم الأصول العديد من أهل النقد الأصولي؛ وفي مقدمتهم الإمام الشاطبي-رحمه الله- الذي أكد في إحدى المقدمات التي مهد بها كتابه”الموافقات” أن علم أصول الفقه تضمن مسائل عديدة لا ثمرة لها؛ كمسألة ابتداء الوضع، ومسألة الإباحة؛ هل هي تكليف أم لا؟ ومسألةِ أمر المعدوم، ومسألة هل كان النبي-صلى الله عليه وسلم- متعبدا بشرع أم لا؟ ومسألةِ لا تكليف إلا بفعل وغيرها.
وقد عُدت المسائل الافتراضية من المسائل التي لا ثمرة لها في نظر كثير من الباحثين في الدراسات الأصولية، ومرد ذكر هذا النوع من المسائل في علم أصول الفقه لعدة أسباب ودواع واعتبارات، كان أهمَّها أن بعضا ممن ألف وصنف في الأصول، قد وجدوا في هذا العلم ما يتفق مع خلفياتهم الفكرية والكلامية، وميولاتهم العقلية، ومع نظرهم إلى الحقائق نظرة مجردة؛ فبالغوا في التصور والتقدير والافتراض، كما بحثوا مسائل وقضايا لا تفيد علم الأصول.
ومن هذا المنطلق جاءت هذه الدراسة لبحث ودراسة المسائل الافتراضية الواردة في كتب أصول الفقه، من خلال بيان مفهومها ومعايير تحديدها، وكذا أسباب ذكرها، وآثارها في المادة الأصولية والمنهج الأصولي على حد سواء، وغير ذلك من المواضيع والمباحث المتعلقة بهذا الموضوع.
ثانيا: أهمية الموضوع.
فهذا البحث يستمد أهميته من خلال ارتباطِه بعلم جليل هو علم الأصول الذي يعد أحد ركائز العلوم الشرعية، كما أن هذه الدراسة تنصب على مجال من مجالات التجديد في هذا العلم، وهو حذف المسائل الزائدة، وإلغاء ما ليس منها كما سبق بيانُه، ومن ثم التمييز بين المسائل الخادمة لأصول الفقه والمسائل غيرِ الخادمة له، وكذا تنقيته من الحشو والتعقيد الذي أضر به كثيرا، مما جعل العديد من الدارسين في هذا العلم يوجهون إليه سهام النقد.
وهذا البحث بالإضافة إلى ما سبق يحاول أن يجمع ويربط بين الجانب النظري والتطبيقي؛ لما لذلك من أهمية في نتائج البحث وحصيلته الختامية.
ثالثا: منهج البحث.
يسلك هذا البحث المنهجَ الاستقرائي، في محاولة لاستقراء وتتبع المسائل الافتراضية في كتب علم أصول الفقه، والتطرق والتعرض إلى أسباب وجودها وأقوال ومواقف العلماء منها، كما يتبع البحث المنهج التحليلي من خلال دراسة وبحث هذه المسائل، واستنباط وتحليل الآثار التي نتجت عن ذكرها في علم الأصول.
رابعا: خطة البحث.
هذا البحث يتألف من مقدمة وأبواب؛ تضمنت المقدمة الافتتاحَ وأهميةَ الموضوع، والدراساتِ السابقةَ، وأسبابَ اختياره، ومنهج البحث، وخطته.
أما الباب الأول: فقد خصصته لمفهوم المسائل الافتراضية لغة واصطلاحا، ونشأة هذه المسائل، وأسباب ذكرها، ومواقف العلماء منها، وآثارها.
وقد قسمت هذا الباب إلى ثلاثة فصول، تناول الفصل الأول مفهوم المسائل الافتراضية في أصول الفقه، ونشأتها.
أما الفصل الثاني: فتكلمت فيه عن موقف العلماء من المسائل الافتراضية ومنهج التعامل معها، حيث تطرقت في المبحث الأول إلى مواقف العلماء من المسائل الافتراضية في أصول الفقه.
أما المبحث الثاني، فتناولت فيه منهج العلماء في المسائل الافتراضية في أصول الفقه بين مؤيد ومعارض.
في الفصل الثالث: تطرقت فيه إلى آثارِ المسائل الافتراضية في أصول الفقه.
أما بالنسبة للباب الثاني: فقد تضمن المسائلَ الافتراضية في مباحث الأحكام التكلفية، ومباحث الأدلة.
وأما الباب الثالث فقد خصصته للمسائل الافتراضية في مباحث دلالات الألفاظ.
ثم الباب الرابع فقد جعلته للمسائل الافتراضية في مباحث الاجتهاد والتقليد، والتعارض والترجيح.
ثم خاتمة الأطروحة التي تضمنت أهم النتائج التي توصل إليها هذا البحث.
خامسا: أهم النتائج المتوصل إليها في البحث.
فقد توصلت بحمد الله وشكره من خلال هذا البحث المتواضع إلى جملة من النتائج نجمل أهمّها في الآتي:
ـ إن أصول الفقه قد شابته شوائب مثله مثل كثير من العلوم الأخرى، حيث أدرجت في هذا العلم بعض المسائل غير الخادمة له، وهو ما أطلق عليه بالدخيل، واعتبرت المسائل الافتراضية جزءا من هذا الدخيل قديما وحديثا.
ـ إن لذكر المسائل الافتراضية في أصول الفقه أسبابا وبواعث كثيرة من بينها البعدُ عن الغاية والمقصد اللذين أسس لأجلهما علم الأصول، وغلبةُ النزعة الكلامية في تناول بعض مباحث هذا العلم، وكذا كثرة الخوض في الجدل العقيم والنقاش غير المفيد.
ـ تباين واختلاف مواقفُ علماء الأصول من تناول المسائل الافتراضية في أصول الفقه، ولقد توصل البحث إلى موقفين أساسين هما: موقف مؤيد لذكر هذه المسائل في أصول الفقه، وموقف رافض لتناولها، ولكل هؤلاء مسوغاتهم وأدلتهم في ذلك، بسطتها في موضعها.
ـ إن المسائل الافتراضية قسمان: مسائل بنيت عليها فروع فقهية أو مسائل أصولية، ومسائل لا يبنى عليها شيء من ذلك، وهذا القسم الأخير هو الذي يمكن تصنيفه ضمن باب الفرض والتجريد الذي لا يفيد في عمل الأصولي أو الفقيه، وهو مندرج لا محالة في الدخيل.
ـ هناك عدد من الباحثين المحدثين، قد بالغ في نعت ووصف كثير من المسائل، التي تعرض لها الأصوليون بأنها افتراضية وغير واقعية، وعند البحث نجد أن لها فروعا وتطبيقات عملية سواء في الفقه أو الأصول، وقد أشرت إلى ذلك في أثناء هذا البحث خصوصا في الشق التطبيقي.
ـ إن الجمع بين علمي الفقه وأصول الفقه؛ له أهمية وفائدة في تحقيق غايات ومقاصد علم أصول الفقه، وإن استقلال وانفصال أحدهما عن الآخر له أثر سلبي وخيم.
ـ إن الخلاف اللفظي في بعض المسائل الأصولية، لا يعني أن المسألة التي وقع فيها ذلك افتراضية لا ثمرة لها، وقد بينت ذلك بما فيه الكفاية في هذه الدراسة.
ـ بالرغم مما خلفته المسائل الافتراضية في أصول الفقه، فإنها تدل على ثروة فكرية وعلمية مهمة للأصوليين، وتدل على سَعة آفاقهم ومداركهم العلمية، ولذلك فلا يظن ظانٌ أن هذه المسائل التي صنفت أنها افتراضية أو نظرية في عمومها، لا تفيد علم الأصول بل لبعضها فوائد جمة، ذكرتُها عند حديثي عن الأثر الإيجابي للمسائل الافتراضية في أصول الفقه.
أما عن التوصيات التي خرج بها البحث، فيمكن إجمالها في الآتي:
ـ ضرورة الاحتكام والرجوع إلى وظيفة علم أصول الفقه، باعتبارها معيارا للتقويم والنظر في التراث الأصولي والمدخلَ الطبيعي لتجديد العلم.
ـ توسيع الأمثلة التطبيقية للإيضاح تكون من الواقع، والبعد عن الأمثلة الافتراضية، لأن هناك مسائل أصولية كثيرة تستمد صعوبتها وتعقيدها من غياب أمثلةٍ فقهية وأصولية توضيحية وتطبيقية عليها.
ـ الاعتناء بالتراث الأصولي وإخراجه إلى طالبيه في حلة جديدة، وبلغة بعيدة عن التعقيد والصعوبة ما أمكن.
ـ الإكثار من الاستشهاد والتمثيل بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والالتزام بتطبيق القواعد الأصولية على آيات الكتاب الكريم والسنة النبوية في كافة المباحث الأصولية، الشيء الذي يعطي علم الأصول الصورة العملية التطبيقية، ويخرجه من الصورة التجريدية النظرية.
ـ توسيع دائرة التخريج الفقهي والبناءِ على المسائل الأصولية؛ وذلك من خلال ربط الفروع بأصولها تخريجا وبناء وَفق نظرة مقاصدية محددة، فهذا المسلك نفعه أكثر وفائدته أغزر؛ لأن المسائل التي تتصف بكثرة البناء والتخريج تكون بحق من ضروريات هذا العلم ولوازمه.
وختاما، أحمد الله تعالى أن وفقني لإتمام هذا البحث وإنجازه، كما أحمد الله تعالى أن هيأ لي لجنة علمية فاضلة، لم يبخلواعلي بتوجيهاتهم النيرة وإرشاداتهم القيمة، التي زادت هذا البحث تنقيحا وتهذيبا وضبطا، وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله وأزواجه وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين.
زر الذهاب إلى الأعلى
أحتاج أي وسيلة تواصل مع الدكتور عبد الفتاح محفوظ فيما يخص أطروحته .. مع جزيل الشكر لكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله سعادة الدكتور عبد الفتاح محفوظ ، أحتاج إلى نسخة من بحثكم القيم المسائل الافتراضية في أصول الفقه
احتاج الاطروحة