العلاقات الجنسية الرضائية السائلة: رؤية نقدية غربية
ـ زيغمونت باومان أنموذجاـ
الدكتور محمد إكيج
مقدمة
وقد كان ذلك منذ ستينيات القرن الماضي في بلدان أوربا وأمريكا، بعد أن تم إسقاط كل الحواجز الدينية والاجتماعية والقانونية، بل وحتى الإنسانية التي كانت تُهَذّب الغريزة الجنسية وتوجهها التوجيه الفطري السليم، الذي يليق بكرامة الإنسان؛ الشيء الذي أوقع الإنسان الغربي في مستنقع الإباحية المتوحشة، والتي بدأت بذورها الأولى باسم الرضائية بين الأشخاص، ثم تحولت مع مرور الوقت إلى إكراه جمعي فظيع، وبرمجة دماغية مكثفة (programmation de mémoire intense )، من خلال السياسات الممنهجة للوبيات الصناعة الجنسية الضاغطة، التي فرضت اختياراتها الشاذة وأذواقها المنحرفة على المجتمعات الغربية، بل وأصبحت تصدرها –بكل سلاسة- إلى بقية بلدان المعمورة من خلال مواقع الإباحية الجنسية، المنتشرة كالفِطْر على الشبكة العنكبوتية، وتنظيمات السياحة الجنسية، والتستر على البدوفيليا (جنس الأطفال) في بلدان إفريقيا وآسيا، وإحكام القبضة على شبكات الرقيق الناعم، التي تتاجر بالنساء والفتيات في كل مناطق العالم، وإسقاط كل المفاهيم التقليدية حول الأسرة والزواج والإنجاب الطبيعي، لتحل محلها مفاهيم تُعْلي من شأن إشباع الرغبة الجنسية، وتحقيق الاستمتاع اللبدي مهما كان شذوذه أو انحرافه !! ومن الأقلام الغربية الوازنة التي صدحت بالنقد الجريء لهذه الإباحية الجنسية المتوحشة، نجد عالم الاجتماع البولوني/الألماني زيغمونت باومان Zygmunt Baumann (1925-2017)، صاحب مشروع “السيولة”[1] الذي كرسه لنقد ما بعد الحداثة الغربية في كل مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية عموما. ففي كتابه: “الحب السائل: عن هشاشة الروابط الإنسانية“[2] قام باومان بتشريح عميق لواقع السيولة الجنسية الغربية، وما آلت إليه من أوضاع مقلقة على مستوى نفسية وذهنية الإنسان الغربي، الذي أصبح إنسانا جنسيا، “مكتوب عليه الفشل في إشباع رغباته وتحقيقها على أكمل وجه”[3]. أسباب السيولة الجنسية في الغرب تعود أسباب السيولة الجنسية في الغرب –حسب باومان- إلى عدة سلوكيات أفرزها الواقع الجنسي للإنسان الغربي، ويمكن حصرها فيما يلي: 1) أن العلاقات الجنسية المتحررة «لا تحقق الإشباع الكامل الحقيقي، وإن حقّقته، فله ثمن باهظ وثقيل، كما لو أن تلك العلاقات تتبع قاعدة مارتن هايدغر Martin Heidegger التي تقول: (إن الأشياء لا تكشف عن نفسها للوعي إلا عن طريق الإحباط الذي تسببه، أي إفلاسها، واختفاؤها، ومخالفتها ما هو متوقع منها أو عدم وفائها بوعودها)”[4]. 2) أن أصحاب العلاقات الجنسية العابرة يتجنبون الالتزام مع شركائهم، “ولاسيما الالتزام طويل المدى”، ويعتبرونه فخا “ينبغي الحذر منه عند “الارتباط”، ولم يعد الأمر مجرد قناعة شخصية عند البعض، بل أصبح ثقافة يتم الترويج لها عن طريق ما يسمى بـ”خبراء العلاقات الإنسانية”، فقد نقل –باومان-عن إحدى خبيرات الإرشاد النفسي قولها: “عندما تلزمون أنفسكم، مهما كان الالتزام فاترا، تذكّروا أنكم تغلقون بالتزامكم الباب أمام إمكانات رومانتيكية أخرى ربما تكون أكثر إمتاعا وإشباعا”. وهذه خبيرة أخرى تبدو أكثر وضوحا وصراحة عندما تقول: “إن وعود الالتزام لا معنى لها على المدى البعيد… إنها مثل الاستثمارات تخضع لحسابات المكسب والخسارة”[5]. وهكذا أصبحت التحررية الجنسية محكومة بفلسفة النزعة الاستهلاكية المهيمنة على الحياة الغربية والتي لا تتعلق “بمراكمة البضائع”… بل تتعلق باستخدامها والتخلص منها بعد استخدامها لإفساح المجال لبضائع أخرى واستخداماتها”[6]، كما أن الحياة الاستهلاكية “تحبذ الخفة والسرعة، وأيضا الجدّة والتنوع… لأن إجمالي الحركة، وليس حجم المشتريات، هو مقياس النجاح في حياة الإنسان المستهلك”[7]. 3) جاذبية المعاشرة بلا زواج، وهي نتيجة حتمية للسببين السابقين، ذلك أن الأفراد الغربيين أصبحوا يفضلون “المعاشرة من دون زواج” بحكم أنها “لا تؤخذ فيها المواثيق ولا العهود، وإذا أُخذت، فهي ليست مقدسة، ولا تفرض قيودا ولا أغلالا، ولا تتطلب إشهارا ولا كاهنا يباركها. فالمرء لا يطلب من هذه العلاقة إلا القليل، ولا يحصل منها إلا على القليل، ومن ثمّ يقل الثمن الذي يدفعه، ولا تبعث فترة السداد على القلق، فالمعاشرة من دون زواج تتعلق بالأسباب لا بالمقاصد ولا بالأهداف”[8]. آثار السيولة الجنسية في الغرب لقد أسفرت العلاقات الجنسية السائلة –حسب باومان-عن عدة آثار سلبية على مستوى المشاعر النفسية والعلاقات الاجتماعية للإنسان الغربي، ومنها على الخصوص: 1) ابتذال الحب: “فبدلا من أن يحقق الناس مستويات عالية من الحب، صاروا يخفّضون مستوياته، فاتسع نطاق التجارب التي يشار إليها بكلمة “الحب” اتّساعا كبيرا، حتى أن العلاقات الجنسية لليلة واحدة صارت تسمى (ممارسة الحب)”[9]. وهكذا ابتذل مفهوم الحب فأصبحت “علاقة الحب مثل السلع الاستهلاكية الأخرى، تتطلب الاستهلاك الفوري (فلا تحتاج إلى تدريب إضافي ولا إعداد طويل)، والاستعمال مرة واحدة “من دون أسف”؛ إنها، في المقام الأول والأخير، غير قابلة لإعادة الاستعمال”[10]. مع أن الحب علاقة إنسانية سامية، وليست علاقة استهلاكية مبتذلة، وإذا استثمر المرء فيها بشكل إيجابي، فإنه سيربح “الأمن في المقام الأول والأخير، الأمن بمعانيه المتعددة: أمن القرب من يد العون في الشدائد، والتعزية في الأحزان، والمؤانسة في الوحدة، والغوث في المحنة، والمواساة في الفشل، والتهنئة في النجاح، والتلبية الفورية للحاجة عند طلبها”[11]. 2) انكسار جسر القرابة والقضاء على المصاهرة الاجتماعية لأن “المعاشرة من دون زواج ليست بجسر ولا محاولة لبناء جسر” –كما يقول باومان-و”انقضاء عهد المصاهرة التقليدية واختفاؤه من واقع الممارسة، إنما يزيد من المأزق الذي تعانيه القرابة. فشبكات القرابة تفتقر إلى جسور مستقرة للحب المتدفق، فصار يعتريها الضعف والوهن، كما أن حدودها ضبابية وخلافية، فصارت تتفكك في أرض من دون سندات ملكية واضحة ولا حيازات موروثة قاطعة، أرض حدودية؛ أحيانا أرض معركة، وأحيانا أخرى موضوع معارك قضائية ليست أقلّ مرارة”[12]. 3) القضاء على مؤسسة الزواج التقليدي: فقد أصبح الأزواج في أوربا وأمريكا “يبغضون الحياة في بيت واحد ومسكن واحد، محبذين مساكن مستقلة، وحسابات مصرفية مستقلة، ودوائر أصدقاء خاصة بكل منهم، بحيث يتشاركون في الزمان والمكان عندما يروقهم ذلك، لا رغما عنهم”. وهكذا فإن الزواج التقليدي القائم على عبارة “تعاهدنا على ألا يفرقنا إلا الموت” غلبه نموذج المعاشرة المؤقتة القائم على عبارة “فلنجرب ونرى ما سيحدث“، وحل محله “لقاءات” مرنة غير متفرغة، تماما مثل العمل التقليدي الذي انشطر في أيامنا هذه إلى متتالية من الأوقات المرنة، والوظائف العابرة… وأيضا مثل الامتلاك التقليدي للعقارات أو الإيجار القديم الذي أخذ يحل محله هذه الأيام الامتلاك المؤقت والإقامة خلال العطلات”[13]. 4) اضطراب وحيرة: إن تحرير الجنس وإن كان يراه الإنسان الغربي أمرا جيدا، وربما جذابا ورائعا، إلا أنه مع ذلك جعله يعيش الاضطراب والحيرة، لأن “المشكلة تكمن في كيفية تثبيته في مكانه حين تحريره من القوة التي تحافظ على استقراره، وفي كيفية الاحتفاظ بشكله حين تختفي الأطر، فما أجمل السفر في خفّة! ولكن ما أشقّ السفر من دون بوصلة! وما أجمل التغيير! ولكن ما أزعج التقلّب السريع! فهل هذه هي خفّة الجنس التي لا طاقة للناس باحتمالها؟”[14]. والنتيجة حسب شهادة فولكمار (إخصائي نفسي في العلاقات الجنسية) التي نقلها باومان هي أن الكثير من أشكال العلاقات الحميمية السائدة اليوم “ترتدي قناع السعادة الزائفة الذي كان الحب بين الأزواج والحب الحر فيما بعد يرتديانه”، لكن “عندما أمعنا النظر، ونزعنا القناع، ظهرت لنا رغبات محبطة، وأعصاب محطّمة، وحب خائب، وجراح، ومخاوف، ووحدة، ونفاق، وأنانية، وقهر. كما حلّ الأداء الجيد في الفراش محل الإحساس بالنشوة، والفيزيقا محل الميتافيزيقا. وأما العفة، والزواج الأحادي، والاختلاط المستهجن فقد أزيلت جميعها تماما من الحياة الحرة للتجربة الحسية التي لا يعلمها أحد منا”[15]. وهكذا “فعندما يتحول الجنس إلى حدث فسيولوجي في الجسد، ولا تثير “التجربة الحسية” سوى لذة جسدية ممتعة، فإن ذلك لا يعني أن الجنس تحرّر من الأعباء الثقيلة الزائدة المقيدة غير الضرورية وغير المجدية، بل يعني على العكس تماما، أن الأعباء التي يحملها زادت عن حدّها المعقول؛ فصار يفيض بآمال ليس بوسعه تحقيقها”. ولذلك يرى –باومان- أن “ارتباط الجنس بالحب والأمن والاستقرار والخلود عبر استخلاف الذرية لم يكن في نهاية الأمر قيدا ولا خسارة كما ساد الاعتقاد والشعور والاتهام. فالرفقاء القدامى للجنس الذين فات عصرهم كما يقال ربما كانوا ركائزه الضرورية (لا من أجل الكمال التقني للأداء في الفراش، ولكن من أجل إمكانية تحقيقه للإشباع والرضى)”[16]. 5) انفصال الجنس عن مقاصده السامية (التكاثر وحفظ النوع البشري-بناء الجسور الإنسانية عن طريق الحب السامي…): لقد “كان الجنس، مثل الأنشطة البشرية الأخرى كافة، منسوجا في نموذج حياة الإنسان المنتج. هذا النموذج شهد ظهور الحب القائم على عبارة “تعاهدنا على ألا يفرقنا إلا الموت”، وبناء الجسور إلى شاطئ الأبدية، وقبول المخاطر والعواقب، وقبول الالتزامات القاطعة. وفي إطار هذا النموذج، لم تكن هذه الأمور زائدة أو غير ضرورية، ولا مقيدة أو قمعية؛ بل كانت على العكس من ذلك، تتوافق مع “الغرائز الطبيعية” للإنسان المنتج، مثلما تتعارض مع الغرائز “الطبيعية” للإنسان المستهلك… فالحب والاستعداد للتكاثر كانا رفيقين لا غنى عنهما للجنس الذي كان الإنسان المنتج يمارسه، تماما مثلما كان الاتحاد الدائم الذي ساعدا على تكوينه هو “المنتَج الرئيس” لا “الأثر الجانبي” للأفعال الجنسية أو نفايات وتلفيات”[17]، باختصار “كانت القدرة الجنسية هي أداة البناء التي استخدمها الإنسان المنتج في بناء العلاقات الإنسانية والحفاظ عليها”. محاولات خادعة لحجب مآسي السيولة الجنسية أمام هذه الخسائر الفادحة على المستوى النفسي والاجتماعي وإمعانا من الحداثة السائلة التي يعيشها الإنسان الغربي، ومن أجل الإيهام بجدوى فلسفة التحرر الجنسي فإن هذه الحداثة حاولت اعتماد أساليب لتحصيل “السعادة الجنسية”، إلا أنها كانت خادعة وغير مجدية، ومن تلك الأساليب التي أوردها “باومان” في “حبه السائل”: 1) خدعة “الجنس الآمن”، فقد اختزلت الحيل الإعلانية الماهرة المعنى الدارج “للجنس الآمن” في استخدام الواقي الذكري. وذلك من أجل دغدغة مشاعر الملايين الذين “يرغبون في تأمين غنائمهم الجنسية ضد عواقب غير مرغوبة (لأنها خارج السيطرة)” والتقليل من وطأة المخاوف التي صاحبت الثورة الجنسية، إلا أن الجميع تأكد أنه “بعدما أطلق (السلوك) الجنسي من ميناء ضيق كان يُدار فيه بدقة وإحكام، وشرع في الإبحار في مياه مجهولة من دون خريطة ولا بوصلة، بدأ يتيقن أنه “غير آمن”، وذلك قبل زمن طويل من ظهور الإيدز وتحوله إلى النقطة المحورية والعلامة المميزة لمخاوف منتشرة غير مسمّاة”[18]، كما تأكد للجميع أيضا أن عبارة “الجنس الآمن” كانت مجرد استراتيجية تجارية لترويج استهلاك “المطاط الذكري” دون تحفظ أو تردد!! 2) موضة تبادل العشاق: وهو شكل من أشكال المشاعية الجنسية المعاصرة التي أفرزتها السيولة الاستهلاكية للجنس تحت مسمى “موضة تبادل العشاق” التي استحدثها الباريسيون “وهو مصطلح –في ظاهره- يتسق مع المساواة بين الجنسين”، وإن كانت “تفوح منه رائحة السلطة الأبوية البطريركية، ألا وهو (تبادل الزوجات)”[19]. ويتوهم المنخرطون في هذه الموضة أنهم يحصنون أنفسهم عبر مؤسسات تعاقدية وارتباطات قانونية، “فالمرء يحصل على عضوية في علاقات تبادل العشاق من خلال الانضمام إلى أحد نواديها، ويوقع استمارة، ويتعهد بالامتثال إلى القواعد… ويحصل على بطاقة عضوية لضمان الدخول وللتأكد من أن كل من في الداخل إنما هو لاعب ولعبة في آن. ومادام أن من المتوقع أن كل من في الداخل يعي هدف النادي وقواعده، وتعهد بالالتزام بالهدف والقواعد، فلا داعي للجدال ولا استخدام القوة، ولا الحصول على الموافقة، ولا مخاطر الإغراء، ولا المقدمات الموبوءة بنتائج غامضة”[20]. إلا أن الواقع يؤكد أن هذه “الأساليب الجنسانية المستحدثة” هي “مثل أحدث الابتكارات التكنولوجية، تقصّر المسافة بين الحاجة وإشباعها، وتُساعد في الانتقال من رغبة إلى أخرى في وقت أسرع وبجهد أقل. وربما تمنع شريكا من المطالبة بمزايا أكثر مما يتيحها اللقاء العابر”[21]. وأنها لا تحمي “الإنسان الجنسي من نفسه”، ولا تخفف من آلامه النفسية المزعجة، بل ويزيده ذلك حيرة واضطرابا، وهو ما كشفته عالمة النفس الأمريكية الدكتورة ميريام جروسمان Miriam Grossman في كتابها “أجيال في خطر”[22]، حيث أماطت اللثام عن وقائع مؤلمة لطلاب أمريكيين أنهكتهم الإباحية الجنسية التي تفرضها بعض الجماعات الراديكالية التي تسللت إلى المجال النفسي والاجتماعي في مراكز الاستشارات الصحية والنفسية الجامعية، والتي توجه الطلاب إلى: الحق في “casuel” (الجنس العابر) و”التعددية الجنسية” و”التجريبية الجنسية” و”الجنس الآمن” و”التخلص من الحمل غير المرغوب فيه” و”تأجيل الأمومة” واعتبار “الإجهاض مثل عملية إزالة لوزتي الحلق” و”تحطيم فكرة أن الجنسين مختلفين” والحق في “الجنسانية البديلة”… وغيرها من الشعارات والمفاهيم المرتبطة بالجنس التي “اقتحمت الحياة الجامعية الأمريكية”. فكانت النتائج حسب الباحثة الأمريكية كارثية على مستوى الصحة النفسية والجنسية للطلاب الأمريكيين: 1ـ 36% منهم حاولوا الانتحار مرة أو أكثر، بمعدل أزيد من 11 ألف حالة كل سنة، 2ـ %43 من الطالبات حاملات لفيروس HBV القاتل ومرشحات لسرطان عنق الرحم، وبسبب ذلك يشعرن بأنهن “تم استغلالهن أو خيانتهن وانتهاكهن ويصبحن غاضبات ومكتئبات ويشعرن بمحنة نفسية شديدة، وقلق حول العلاج، واهتزاز تام في الشخصية…” 3ـ في دراسة تناولت 6500 مراهق ومراهقة، كشفت أن الفتيات المراهقات “الناشطات جنسيا” كن أكثر احتمالية للإصابة بالاكتئاب، وأكثر إقبالا على محاولة الانتحار ثلاث مرات من الفتيات “غير الناشطات جنسيا”. 4ـ وفي تقرير آخر عنوانه “أنتَ لا تمنحني أي شيء سوى السقوط: بين الاكتئاب ورومانسية المراهقين” تناول نتائج 8000 مراهق ومراهقة وقام بتحليلها استنتج أن “النساء يتعرضن إلى قدر أكبر من الاكتئاب مقارنة بالرجال جرّاء التورّط العاطفي”، 5ـ أصبحت الإصابة بواحد -أو أكثر-من الأمراض المتنقلة جنسيا ملمح ثابت ضمن تضاريس حياة الشباب الأمريكي!! 6ـ من تبعات “الجنس الآمن” أكثر من مليون حالة إجهاض في الولايات المتحدة الأمريكية كل عام، 25% منها بين نساء تحت سن الخامسة والعشرين، معظمهن تواجههن صعوبات نفسية وعصبية طويلة الأمد. خلاصة والخلاصة هي أن السيولة الجنسية لم تستطع تحرير الإنسان الغربي من “مكبوتاته الجنسية” بل زادته استعبادا وحطمت كل آماله في الاستقرار النفسي، والتخلص من مخاوف الوحدة وجرح المشاعر، والحصول على الرقة والحنان والدفء… بل ولم يظفر حتى باللذة والمتعة، اللتين تسوقهما له الدعاية الإباحية المكثفة، حتى صار مُسْتعبدا لكل منتوجاتها اللاأخلاقية واللاإنسانية.. وهكذا صار الجنس الذي جُرّد من منزلته الاجتماعية ومعانيه السامية مصدرا لشقاء الإنسان الغربي وتعاسته في ظل الحداثة السائلة الضاغطة والمهيمنة!!! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] – أصدر باومان عدة مؤلفات في هذا المشروع منها: “الحب السائل: عن هشاشة الروابط الإنسانية”، و”الحداثة السائلة”، و”الأخلاق في عصر الحداثة السائلة”، و”الحياة السائلة”، و”الخوف السائل”. [2] – ترجمة حجاج أبو جبر، تقديم هبة رؤوف عزت. الشبكة العربية للأبحاث والنشر، سلسلة الفقه الاستراتيجي عدد 5. الطبعة الأولى، بيروت، 2016. [3] – الحب السائل، ص 93. [4] – نفسه ص 28 -29. [5] – نفسه ص 30. ذكر الدكتور غاري ويلسون -في كتابه “دماغك تحت تأثير الإباحية: أضرار المرئيات الجنسية في الأنترنيت” (ترجمة: مي بدر. طبعة 2014)، أن استفتاء على الأنترنيت أجري عام 2011 شارك فيه 20 ألف شخص 76% منهم ذكور (أكثر من نصف المشاركين كانوا ما بين 18-34 سنة)، أظهرت نتائجه أن العديد من الشبان ليس لديهم أي اهتمام بإقامة علاقة عاطفية طويلة الأمد، وليس لديهم رغبة بالسعي للزواج أو الإنجاب، أو أن يصبحوا أرباب أسر، أو حتى مجرد الاستقلال في حياتهم!! (ص 23). [6] – الحب السائل، ص 87. [7] – نفسه، ص 87. [8] – نفسه، ص 65. [9] – نفسه، ص 39. [10] – نفسه، ص 47. [11] – الحب السائل، ص 48. [12] – نفسه، ص 66. [13] – نفسه، ص 72. [14] – الحب السائل، ص 83. [15] – نفسه، ص 84. [16] – نفسه، ص 84. [17] – الحب السائل، ص 85 – 86. [18] – نفسه، ص 88. [19] – الحب السائل، ص 90. [20] – نفسه، ص 91. [21] – نفسه، ص 91. [22] – تمت ترجمته إلى العربية تحت عنوان “الإباحية ليست حلا”. ترجمة وائل الهلاوي. إصدارات سطور الجديدة، القاهرة، طبعة 2011.
المقال ماتع للغاية، لكن حبذا لو تم اغناؤه أكثر بالتحليل والمناقشة …فلا شك أن هذا النوع من العلاقات كان مدمرا عبر التاريخ البشري، وكانت له انعكاسات وخيمة على ضياع الانساب واختلاطها، بصرف النظر عن الاثر الاجتماعي القاتل على الاستقرار النفسي والاجتماعي…وبومان هنا شاهد ضد الحداثة الغربية وامتداد لها بمعنى آخر … وبالنسبة للعنوان فالعلاقة الجنسية مادامت رضائية فهي سائلة بالضرورة…دمتم موفقين سالمين.
المقال ماتع للغاية، لكن حبذا لو تم اغناؤه أكثر بالتحليل والمناقشة …فلا شك أن هذا النوع من العلاقات كان مدمرا عبر التاريخ البشري، وكانت له انعكاسات وخيمة على ضياع الانساب واختلاطها، بصرف النظر عن الاثر الاجتماعي القاتل على الاستقرار النفسي والاجتماعي…وبومان هنا شاهد ضد الحداثة الغربية وامتداد لها بمعنى آخر … وبالنسبة للعنوان فالعلاقة الجنسية مادامت رضائية فهي سائلة بالضرورة…دمتم موفقين سالمين.