الباحث الدكتور عبدالرحيم خياري
بحث لنيل درجة الدكتوراه من كلية الآداب جامعة ابن طفيل القنيطرة
المشرف: الأستاذ الدكتور محمد بلحسان
تاريخ المناقشة: 03 ذو القعدة 1442ھ/14 يونيو 2021م
مقدمة:
الحمدُ لله ذي الإكرام والجلال، له الأسماءُ الحُسنى بمطْلق الكمال، والصفاتُ العُليا بمنتهى الجَمال، تنزّهَ سبحانه عن الأشباه والأمثال، وتعالى عن التأثُّر بتغيُّرِ الأزمنة والمَحالّ، لم يزَلْ حيّاً قيُّوماً ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَه ولن يزال؛ خلَقَ كلَّ موجودٍ على غير مِثال، وفضّلَ بني آدمَ فأسبغ عليهم خواصَّ الإفضال، وهداهم بالرسل إلى صالحِ الأفعال، وكان أعظمُهم في ذلك سيدَنا محمدا فريدَ المِثال، إذْ جاءنا بشريعةٍ تحفظُ لنا مصالحَ الدِّينِ والنفْسِ والنسلِ والعقلِ والمال، مفصَّلَةٍ في الأحكام على حسَبِ اختلاف الأحوال، منزَّهةٍ عن العبثِ والتناقُض والحرَجِ والمُحال، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته بالغدُوِّ والآصال، وعلى التابعين لهم بترسُّمِ خُطاهم والناسجين على ذلك المِنوال.
أما بعدُ: فإنّ الشريعة الإسلامية تتميز عن كُلِّ القوانين البشرية الوضعية بخصائصَ كثيرةٍ تجعلها في ميدان التشريع متفردةً ومعجزة، من أبرزها أنها شريعةٌ ربانيةٌ في مصدرها منزَّلةٌ من لدنْ حكيمٍ خبير، ومبيَّنةٌ بسُنّة البشير النذير، الذي لا ينطق عن الهوى ولا محض التخمين والتفكير، ومن ثم فهي ليست كالقوانين الوضعية التي ترجِعُ إلى (كلمات البشر) المتّصِفةِ بالنقص والهوى والظلمِ والتناقضِ والتغيير، وإنما ترجِعُ إلى (كلمات الله) رب العالمين المتّصفةِ بتمام الصِّدقِ والعدلِ ودوامِ الصلاحيّةِ في التنوير والتأثير، ﴿ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقا وَعَدۡلاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [الأنعام/116]، فهي شريعة (تامّةُ الصدق) بحيث تُطابِقُ الواقعَ البشريَّ بما يناسبُه من أحكام مفصّلةٍ على حسَبِ تغيُّرِ الأحوال، وتتدرّجُ في إصلاح هذا الواقع ومعالجة أوضاعه بما يرقى به إلى الكمال البشري في حفظ مصالح الدِّين والنفسِ والنسل والعِرض والعقل والمال وما يتفرع عنها ويخدمها من مصالح حاجية وتحسينية، وهي أيضا شريعةٌ (تامّةُ العدل) إذ أعطتْ لكل ذي حقٍّ حقَّهُ على المستوى التعبُّديِّ والنفسي والأُسري والاجتماعي والاقتصادي والسياسيِّ.. بشكل يعجِزُ عنه البشر، كما أنها كذلك شريعةٌ (خالدةُ الصلاحيّةِ) لحل مشاكل الإنسانيّةِ ومعالجةِ أفعال المكلفين مهما تبدلتْ أحوالُهم الذاتيّةُ والموضوعيّةُ عبر تطاول الأزمان وتبايُن الأوطان، لأنها أَعَدّتْ لكل حالٍ ومناط ما يليقُ به من الأحكام، بحيثُ فصّلتْ هذه الأحكامَ على حسب أحوالهم الواقعةِ والمتوقَّعَةِ مهما تكاثرتْ وتغايرَتْ وتطوَّرتْ بما لا يُمكِنُ احتمالُ الوقوعِ في أزمة (الفراغ التشريعي) الذي هو أحدُ النقائص الملازمة للقوانين الوضعية.
إلا أنّ خلودَ هذه الشريعة فِعْلِيّاً لا يتمُّ إلا بواسطة تفعيل آليّةِ الاجتهاد فيها بحسْنِ فهْمِها والتفريعِ عنها، ثم حُسْنِ تنزيل ذلك الفهْمِ على أحوال الواقع، وهذا وذاك بالضّبطِ ما قام به المجتهدون والفقهاءُ – على تفاوت فيما بينهم – عبر أدوار تاريخ الفقه الإسلامي فتركوا لنا بذلك إرْثاً فقهيّاً خَصِيباً قادرا على ضبط إيقاع الحياة الإنسانية وإصلاحها من الفساد، والرقي بها تدريجيّاً إلى أعلى مراتب السداد والرشاد.
ومن ذلك الإرث الخصيبِ مذهبُ الإمام مالك بن أنس رحمه الله، فهو – من حيث الجملةُ -أصحُّ المذاهب الفقهية أصولا وفروعا، وأضبطُها فُروقا وجُموعا، وأقدرُها على معالجة المستجِدّات نُجوعاً، وذلك لِمَا يتميز به عن سائر المذاهب من رسوخ في تفعيل الأصول الشرعية المصلحية على مستوى الفهم والتنزيل معاً، وكان من آثار تفعيله لتلك الأصول أنَّه انبثق من رحِمها أصلٌ اجتهاديٌّ عظيمٌ جديرٌ بالبحث والدراسة لِمَا يُبرهِنُ عليه من خلودٍ في صلاحيّةِ الشريعة وانضباطٍ في الاجتهاد فهْماً وتنزيلا، ألا وهو أصلُ (الخلافِ في حالٍ) الذي اخترتُه موضوعا لهذه الدراسة نظرا لأهميته.
المحور الأول: أهمية الموضوع:
تتجلّى أهميّةُ البحثِ في هذا الموضوع (الخلافُ في حالٍ عند المالكية: أصولُه النظريّةُ وتطبيقاتُه العمليّةُ) في كونه يُرَسِّخُ المنهجَ الصحيح في الاجتهاد الجامعَ بين دقة الفهم وحُسن التنزيل، وذلك من خلال تعلُّقِه بثلاثة علوم حيويّةٍ في منظومة المعارِفِ الشرعية ألا وهي (الأصول والفقه والاجتهاد):
1- (فالخلاف في حال) من حيث أصولُه النظريّةُ سواء في بنائِه التصوريِّ أم في تأصيلِه الشرعيِّ يرتبط بعِلْم أصول الفقه ارتباطا عضويا؛ ووجْهُ ارتباطِه به أن (الأحوال) – التي تختلف الأحكامُ باختلافها- تنبثقُ من رحِمِ الأصول الشرعية النصيّةِ القرآنِ والسنة والإجماع، ومن رحِمِ الأصول المصلحيّةِ كالقياس والمصالح المرسلة والاستحسان وسد الذرائع ومراعاة الخلاف والعُرف؛ كما أن هذه (الأحوال) تصْدُقُ بالمطابقة أو التضمن على العِلل والأسباب والشروط والموانع التي تُناط بها الأحكام.
2- و(الخلاف في حال) من حيث تطبيقاتُه العمليّةُ يتعلق بعِلْم الفقه تعلُّقاً مباشراً، ووجْهُ تعلُّقِه به أنَّ الفقه عموما – والمالكيَّ منه على وجه الخصوص- هو المجال التطبيقيُّ للخلاف في حالٍ من جهة تفعيلِ (أنواع الأحوال المناطيّةِ) المؤثرةِ في (اختلاف الأحكام).
3- كما يتعلَّقُ من الحَيْثِيَّتَيْنِ معا – التنظيريّةِ والتطبيقيّةِ – بعِلْمِ الاجتهاد، ووجْهُ ذلك أن العمليّةَ الاجتهاديّةَ في (مرحلة الفهم) تَرْبِطُ الأحكامَ (بأحوالها المناطية) عن طريق (أدلة المشروعية)؛ ثم في (مرحلة التنزيل) تُنَزِّلُ تلك الأحكامَ على محالِّهَا – من أفعال المكلفين – بوجود (أحوالها المناطية) واقعيّاً عن طريق (أدلة الوقوع والتوقع).
4 – كما أن أهمية هذا الموضوع تظهر في كونه يُجيب عن السؤال الإشكالي في علاقة النص بالواقع؟ ومدى الجدلية الحاصلةِ بينهما في التأثير والتأثر؟ ناهيك عن الأسباب الذاتية والموضوعية الداعية إلى البحث فيه.
المحور الثاني: الأسباب التي دفعتني للبحث في هذا الموضوع:
1- أنه موضوع يقوم على إشكال حقيقي كلي يعبر عنه هذا السؤال: ما هي الأصولُ النظريّةُ والتطبيقاتُ العمليّةُ للخلاف في حالٍ عند المالكية؟ كما تتفرع عنه أسئلة إشكالية جزئية من قبيل: ما مفهوم الخلاف في حال؟ وما علاقته بالخلاف في شهادة، والخلاف في عادة، والخلاف في فقه ومقال، وتحقيق المناط؟ وما علاقة (الحال) بالعلة والسبب والشرط والمانع؟ وما موقعه بين أدلة المشروعية وأدلة الوقوع؟ وإذا كان حاصل (الخلاف في حال) عند المالكية هو تغير الأحكام لتغير الأحوال، فما المقصود بالأحكام والأحوال المتغيرة؟ وما مدى ثبات الأحوال والأحكام أو تغيرها عموما؟ وهل هناك معايير علمية للتمييز بين المتغير من (الأحكام والأحوال) الذي يمثل المجال الشرعي (للخلاف في حال) وبين الثابت منهما الذي ليس مجالا له؟ ومن هُم أبرزُ المُنَظِّرين والمُطَبِّقين من المالكية للخلاف في حال؟ وما هي الأصول الشرعية للخلاف في حال؟ وهل تدل تلك الأدلة على القطعية أم على الظنية فحسْبُ؟ وما هي أنواع الأحوال ومعاييرُ تحديدها وتقسيمها في الفقه المالكي؟ وما هي ضوابطُ تأثيرِ تغيُّر الأحوال في تغيُّرِ الأحكام؟ وما مظاهر تطبيقات (الخلاف في حال) في الفقه المالكي ..إلخ.
2- الحاجة الواقعيّةُ إلى هذه الدراسة؛ فإن الواقع الإسلامي في الفتوى – مع الأسف – يشهد فوضى في فهم الأحكام وتنزيلها، فهو ما بين ظاهريّةٍ حَرْفيّةٍ جامدةٍ على الظواهر تُوقِعُ المكلفين في الحرج والمشقة وتصطدم في الواقع بمصالحهم التي حفظها الله لهم، وبيْنَ مصلحيّةٍ طُوفيّةٍ أو علمانيّةٍ باطنيّةٍ تضرِبُ النصوص والإجماعَ عُرْضَ الحائطِ بناءً على مصالحَ وهميّةٍ تتخيلها عقولٌ غير مسدَّدة بالدليل الشرعي، وقليلٌ من يسلك السبيل الوسط، فينجو من شذوذ الطرفين من غير وكْسٍ ولا شَططٍ؛ كما أنّ الواقعَ أيضا يُعاني ارتباكا في تنزيل الأحكام على الواقع المتغير وذلك بسبب السطحية المتعجِّلة في فهم الواقع وعدم تحقيق المناط بآلياته المعاصرة، وكذلك بسبب الخلْطِ بين مقام الفتوى ومقام القضاء والسلطة، والخلط بين الفتوى العامة والخاصة؛ وهذه الدراسةُ من أهدافِها أنْ تُضَيِّقَ الخناقَ بالحُجَّة والبرهان على منهج النظر الباطني التحريفي، وعلى منهج النظر الظاهري الحرْفي، وذلك ببيان المنهج الصحيح في الفهم والتزيل معاً وهو منهج النظر الاستقرائي الكلي التعليلي المقاصدي.
3 – الردُّ على من ينادي بتجديد علم أصول الفقه دون ضوابط بصورة أقرب إلى تبديده بحجة أنه عِلْمٌ فقَدَ فاعليَّته واستنفدَ أغراضَه فلم يعُدْ صالحا لمتطلبات العصر؛ وذلك بإقامة البرهان العملي على كونه من أهم الأسناد التأصيلية لأصل (الخلاف في حال) وما يتضمنه هذا الأخيرُ من قدرة على تمكين المجتهدين من حسن الفهم للشريعة ودقة تنزيلها على جميع تقلبات الواقع، ومن ثم فلا بديل عنه.
4- الردُّ على من يزعم وجود التناقض بين الأدلة الشرعية بحسن نية فيُغرِقُ في دعاوي النسخ دون دليل إلا مجرد التجويز العقلي، أو بسوء نية من أجل الطعن في الدين؛ والرّدُّ أيضاً على من يزعم وجودَ التناقض داخل المذهب الفقهي الواحد مما يقتضي اضطرابَه والتقليلَ من جدواه، والردُّ على هؤلاء وألئك إنما يتمُّ ببيان منهج (الخلاف في حال) وقدرتِه الفائقةِ على الجمع بين الأدلة المختلفة بتنزيلها على أحوال مختلفة، والجمعِ كذلك بين الأقوال الفقهية المختلفة ورَدِّهَا إلى أحوال مختلفة ربْطاً لكل حُكْمٍ بحالِه ومناطه المناسب.
5- الردُّ على الأصوات الداعية إلى ترْكِ التراث الفقهي جُملةً لعدم جدواه في واقعنا المعاصر بزعْمِها، بناءً على شُبهةِ ارتباطه بواقعٍ غير واقعنا وبملابِسات تاريخية غير ملابِسات واقعنا المعاصر الذي شهِدَ تطوُّراتٍ وتغيُّراتٍ هائلة؛ وإنما يتمُّ الردُّ على هذا ببيان أن منهج (الخلاف في حال) يُحتِّمُ علينا أثناء الاجتهادِ للحوادثِ أنْ نربِطَ كل حكم بحاله المناسب له شرعا، وذلك بواسطة ضوابطَ صارمةٍ يتعلق بعضُها بالأحكام وبعضُها الآخرُ بالأحوال وبعضها بالمجتهد الفردي والجماعي الذي يقوم بعملية الاجتهاد في الربط بين النص والواقع فهماً وتنزيلا، وذلك ما يجنب الفقهَ من الوقوع في آفة الحَرفية والتحريج وآفة الإسقاطية والتحريف.
6- ضبطُ الخلاف الفقهي داخل المذهب المالكي وتقليصُه، وذلك بتمييز الخلاف الحقيقي المسمى (خلافا في فقه) عن الخلاف غير الحقيقي وهو (الخلاف في حال) الذي يرجع إلى وفاق بتنزيل كل قولٍ على حالة خاصّةٍ، ويظهر فيه تقصيدُ أحكامِ الشريعة.
7- الإسهامُ في رسْمِ الملامح العامّةِ لمنهج فقْهِ التنزيل، بواسطة وضْعِ معاييرَ لتحديدِ الأحوال المؤثرة في الأحكام وأقسامها، وبواسطة وضْعِ ضوابطَ لإعمال تلك الأحوال وتفعيلها عند اختلاف الأحكام وتغيُّرها في الموضوع الفقهي الواحد.
8- إبرازُ سببٍ من أهمِّ أسباب اختلاف الفقهاء عموما والمالكية خصوصا في حكم المسألة الفقهية الواحدة، وهو اختلاف الأحوال في أنفسها، أو اختلافُهم في تحقيق مناط النازلة وتحديد حالها، الأمرُ الذي يقتضِي اختلافاً بينهم في الأقوال والفتاوي، سيما وأن الكتابات البحثية المستوفاة لكل ذلك شبه منعدمة.
المحور الثالث: الكتابات السابقة في الموضوع:
إنّ الناظر فيما كتبه السابقون عن هذا الموضوع نظريّاً يجده أساسا في كلام الأصوليين عن تحقيق المناط، باعتبار أن (الحال) في الخلاف في حال هي المناط، وتحقيقُه هو الاجتهاد في تحديده واقعيا في النوازل، وكذلك ما كتبه بعضُ الأصوليين في موضوع مقاصد الشريعة كالشاطبي وغيره باعتبار أن (الأحوال) أو المناطات مظنةٌ لتحقيق تلك المقاصد، وما كتبوه عن تغير الأحكام بتغيُّرِ العوائد كما فعَلَ القرافيُّ في (الفروق) والشاطبيُّ في (الموافقات) باعتبار العوائد من أنواع الأحوال؛ كما نجد ما يتعلق بمفهومه عند بعض شُراح مختصر خليل والمحشِّينَ على شروحه؛ وأما من الناحية التطبيقية فنجده في الفقه المالكي عموما لدى المتأخرين وعلى رأسهم : ابنُ بشير في (التنبيه على مبادئ التوجيه)، والمازريُّ في (شرح التلقين) وفي (المعلم بفوائد مسلم)، وابنُ رشد الجد في (البيان والتحصيل)، والرجراجيُّ في (مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل).
لكن يُلاحَظُ عليهم جميعا أنهم لم يقصدوا فيما تعرضوا إليه – من بعض الجوانب المتعلقة (بالخلاف في حال) نظريا أو تطبيقيا – إلى البحث فيه بشكل مستقل ومستوعب، ومن هنا لم يُعَرِّجُوا على أنواع الأحوال، ومعايير تحديدها، وضوابط إعمالها في اختلاف الأحكام، وهل الأحوال ثابتة أم متغيرة؟ وما علاقتها بالعلل والشروط والموانع؟ وغيرها من الأسئلة الإشكالية في الموضوع.
وأمَّا عند المعاصرين فنجد أنّ هناك من كتب في هذا الموضوع، وتنقسم هذه الكتابات في الجملة إلى قسمين: كتاباتٍ تتعلق بموضوع (الخلاف في حال عند المالكية) مباشرةً، وكتاباتٍ أخرى تتعلق به بطريق غير مباشر.
أما الكتابات التي تناولت موضوع (الخلاف في حال) تناولا مباشرا فتكاد تكون منعدمة، إذْ لا نجد -حسب ما اطلعتُ عليه- غيرَ بحث يتيمٍ بعنوان (حقيقةُ الخلافِ في حالٍ والخلافِ في شهادةٍ وأثرُهما في ضبط الخلاف في المذهب المالكي) للدكتورة عائشة لروي هذا البحث منشور في مجلة الشريعة والاقتصاد التي تصدرها جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر، العدد 8، بتاريخ (31/12/2015م).
وهو بحث مختصر جدا يتكون من سِتِّينَ صفحةً بالمقدمة والخاتمة؛ وقد أشار هذا البحثُ إلى المفهوم والوظيفة للخلاف في حال وعلاقته بالخلاف في شهادة وإلى بعض تطبيقاته، إلا أنه لم يحفر في مصطلح (الخلاف في حال) لمعالجة إشكالات عدة من قبيل: مفهوم (الحال) وعلاقتها بالعلة والسبب والشرط والمانع؟ وعلاقتها بأدلة المشروعية وأدلة الوقوع؟ وعلاقة الخلاف في حال بالخلاف في عادة وتحقيق المناط والخلاف في فقه ومقال؟ من أجل التوصل إلى البناء التصوري الكامل عنه؛ كما خلا هذا البحثُ تماما من التأصيل الشرعي للخلاف في حال، ولم يتعرض لإشكالية الثبات والتغير للأحكام والأحوال، ومعايير هذا وذاك؛ ولم يتعرض إلى تحديد أنواع الأحوال ولا ضوابط إعمالها في اختلاف الأحكام، وأما التطبيقاتُ فيه فكانت جدَّ مقتضبةٍ ولم تكن مبنيةً على استقراء موسع يُسْهِم في البناء التصوري والمدى التطبيقي للخلاف في حال، الأمرُ الذي جعل البحث بطبيعة اختصاره غيرَ مُوفٍ بالمقصود إذ لم يتعرّضْ في معالجة الموضوع إلا إلى جوانب قليلة جدا وأهمل دراسة أغلب الجوانب.
وأما الكتاباتُ التي تناولت موضوع (الخلاف في حال) تناولا غير مباشر فأقصد بها البحوث في موضوع (موجبات تغير الأحكام الشرعية) باعتبار تلك الموجباتِ أحوالاً، وأهمها أربعة بحوث:
أولها: (تغيُّرُ الظروف وأثرُه في اختلاف الأحكام في الشريعة الإسلامية) للدكتور محمد قاسم المنسي، وثانيها: (تغيُّرُ الأحكام في الشريعة الإسلامية)، للدكتور إسماعيل كوكسال؛ وثالثها: (تغيُّرُ الأحكام: دراسة تطبيقية لقاعدة لا ينكر تغير الأحكام بتغير القرائن والأزمان في الفقه الإسلامي) للدكتورة سها سليم مكداش؛ ورابعها: موجبات تغير الفتوى في عصرنا، للدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله.
يُلاحَظُ على هذه الكتابات عموما جملة من المؤاخذات نقتصر منها على ما يلي:
1 ـ إغفالُها جميعا للمعايير الاصطلاحية في التمييز بين الثابت والمتغير من الأحكام.
2 ـ عدم ذكر أكثرها للمعايير الموضوعية في التمييز بين الثابت والمتغير من الأحكام.
3 ـ عدم ذكر أكثرها للمعايير التقسيمية في التمييز بين الثابت والمتغير من الأحوال.
4 ـ إغفالها بيان علاقة الأحوال بالعلل والمناطات.
5 ـ إغفالها لمعايير الحصر في موجبات تغيير الفتوى.
6 ـ الخلط بين الموجبات أو الأحوال باعتبارها عِللا لتغيير الأحكام، وبين أدلة مشروعيتها، وبين أدلة وقوعها.
7 ـ عدم تعرضها لضوابط إعمال تغير الأحوال في تغير الأحكام.
8 ـ يؤخذ عليهم تغييبٌ لكتب الفقه في التطبيقات وضعفٌ في معالجتها وميلٌ بها نحو المعالجة الأصولية التجريدية النظرية لا الفقهية الاستدلالية التطبيقية.
ولستُ ألاحظ على هذه البحوث الأربعة ما لاحظتُه على بحث الدكتورة عاشة لروي ممَّا سبق- من عدم تطرقها للبناء التصوري للخلاف في حال عند المالكية ولا تطبيقاته العملية بالتفصيل عندهم ولا أنواع الأحوال- لأن هذه القضايا ليست من الموضوع المباشر لهذه البحوث.
وتلك الجوانبُ – التي انتقدتُها على البحوث الخمسة برمتها وغيرُها من الجوانب كثير- مما تهدف هذه الأطروحة بإذن الله تعالى إلى دراسته مُستوفىً، انطلاقا من إشكالية الموضوع الكُبرى (ما الأصول النظرية والتطبيقات العملية للخلاف في حال عند المالكية؟؟) وما ينبثق عنها من إشكالات فرعيَّة سبق التنبيه عليها، وذلك كلُّه بمنهجية علمية مُحْكَمة.
المحور الرابع: منهجي في الأطروحة بحثاً وكتابةً:
1- اعتمدتُ بشكل أكبر في تفكيك خيوط إشكالية الخلاف في حال من حيث أصولها النظرية وتطبيقاتها العملية على المنهج الاستقرائي، لما يتميز به هذا المنهج من الإيصال إلى نتائج كلية تصلح في سياق بناء قضايا البحث للاهتداء بها في كل معالجة كالاستنباط والتعليل والتحليل والتركيب والمقارنة والنقد.
2- عند إحالتي على المصادر والمراجع في الهامش أكتفي بذكر عنوان المصدر ومؤلفه مع الجزء والصفحة فقط؛ ولا أذكر ما يتعلق بباقي بطاقة الكتاب اقتصارا على ذكرها في فهرس المصادر والمراجع.
3- إذا نقلتُ من الكتاب نصا معينا أضعه بين علامتي الاقتباس “…” وأحيل على الكتاب في الهامش دون ذكْر كلمة (انظُر)؛ أما إذا استفدتُ فكرة معينة من كتاب أو كتب متعددة فلا أضع كلامي بين علامتي الاقتباس، وإنما أحيل على الكتاب أو الكتب مصدراً الإحالةَ بلفظ (انظُر).
4- عزوتُ الآياتِ القرآنيّةَ إلى سُوَرها مع ذكْر رقم الآية مفصولا بينهما بخط مائل وجعلت ذلك بين معقوفتين [../..]؛ وخرَّجْتُ جميعَ الأحاديث والآثار الواردة في الأطروحة مع عزوها إلى مصادرها التي رُويت فيها، مع ذكْر رقم الحديث والكتاب والباب الذي ورد فيه.
5- إنْ كان الحديث أو الأثر في الصحيحين أكتفي بعزوه إليهما مع إضافة مصدر أو مصدريْنِ فقط غالبا؛ وإن كان في غيرهما فإنني أستوفي التخريج من مصادره الكثيرة، مع ذكْر رأي المحدثين النُّقاد في درجته قبولا أو ردا.
6 – في تحديد المفاهيم أنحو منحى الاستقصاء والتحقيق والنقد إن كان المفهوم من المصطلحات الداخلة في صلب إشكالية البحث؛ وإلا فأكتفي في الغالب بتعريف أو تعريفين للمفهوم.
7 – ترجمْتُ للأعلام المغمورة بترجمة موجزة تُعَرِّفُ بها؛ ولم أترجِم للأعلام المشهورة لعدم الفائدة في الترجمة لها إذ المشهورُ معروفٌ، والمعروفُ لا يُعَرَّفُ.
8 – ختمتُ الأطروحةَ بفهارس علمية، تشمل فِهْرسَ الآيات القرآنية، وفِهْرسَ الأحاديث النبوية، وفِهْرسَ الآثار، وفِهْرسَ القواعد الأصولية والفقهية، وفِهْرسَ المصادر والمراجع، ثم فِهْرسَ الموضوعات. والقصد بها تَقْريبُ المادة العلمية للقُرّاء وتذليلها من الصعوبات.
المحور الخامس: الصِّعاب التي واجهتني:
لا بد لكل بحث جادٍّ ينبني على إشكالٍ حقيقي من صِعَابٍ ومشاقَّ، وقد نالني من ذلك في بناء هذا البحث نصيبٌ غير يسير، ويتمثّل ذلك في أمور ثلاثةٍ:
1ـ جدَّةُ الموضوعِ من حيثُ البحث المباشِرُ فيه، إذْ لم يكتب فيها مباشرة إلا ما سبق بيانه من البحث المختصر جدا للدكتورة عائشة لروي، وهو لا يعدو أن يكون تعريفا مبسطا لمصطلح الخلاف في حال وفي شهادة وذكر بعض التطبيقات، دون النفوذ إلى معالجة إشكاله الكبير (الأصول النظرية والتطبيقات العملية للخلاف في حال عند المالكية).
2ـ سعةُ البحث، لأن معالجة إشكاله الكلي تقتضي تفكيكَه إلى إشكالات جزئية، سواء فيما يتعلق بالبناء التصوري للخلاف في حال، أم في تأصيله الشرعي، أم في تطبيقاته العملية داخل المذهب المالكي.
3ـ طبيعةُ إشكال هذا البحث التي فرضَتْ عليَّ في معالجته المنهجَ الاستقرائي لكل تعريفٍ أو تأصيل أو تطبيق أو مقارنة؛ فعلى سبيل المثال كلَّفني جمعُ التطبيقات الفقهية للخلاف في حال أن أقرأ التنبيه كاملا لابن بشير ومناهج التحصيل كاملا للرجراجي ولباب اللباب لابن راشد والتوضيح لخليل قراءةَ تتبعٍ وجردٍ لأمثلة الخلاف في حال؛ إضافة إلى القراءة الجردية فقط لعِقد الجواهر لابن شاس والبيان والتحصيل لابن رشد وغيرها؛ كما أنني افتقرتُ لأحقق مدى تغيُّرِ الحكم أو ثباته في الخلاف في حال إلى مراجعة موضوع (الحكم الشرعي) من أربعة وثلاثين كتابا أصوليا معتمدا؛ وفي التأصيل للخلاف في حال من خلال جانب من القرآن فقط وهو تقابل الأحوال المقتضية لتقابل الأحوال استوجب مني ذلك أن أقرأ بتتبع دقيق أحكام القرآن لابن العربي كاملا، مع تطعيمه بأحكام القرآن لابن الفرس والجامع لأحكام القرآن للقرطبي وأحكام القرآن لإلكيا الهراسي وأحكام القرآن للجصاص.. وهذاوغيرُه أخذ مني وقتا طويلا وجهدا مضاعفا وتعَباً مرهقا، وإن كانت نتائجُه – بفضل الله تعالى – حُلوةَ المذاقِ محمودةَ العاقبة، إذْ بُنيتْ من أساسها على خطّة واضحة تحدو بكَ مباديها إلى بلوغ مراميها.
المحور السادس: خطتي في البحث:
بنيتُ البحث على مقدمةٍ، وثلاثةِ أبوابٍ في كل منها أربعةُ فصول، وخاتمةٍ، كالآتي:
فالمقدمة: فيها بيانُ أهميّةِ موضوع (الخلاف في حال عند المالكية، أصوله النظرية وتطبيقاته العملية)، والأسبابِ الداعية إلى البحث فيه، والكتاباتِ السابقة، ومنهجي في البحث وكتابته ، والصعوباتِ العارضة أثناء ذلك، ثم خُطَّةِ البحث.
والباب الأول: (البناء التصوري للخلاف في حال). ويضمُّ أربعة فصول وهي:
الفصل الأول: دراسة وتحليل لمصطلح (الخلاف في حال) وضمائمِه. وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: تعريف (الخلاف في حال) تعريفا إضافيا.
والمبحث الثاني: تعريف (الخلاف في حال) تعريفا لقبيا.
والمبحث الثالث: تعريف (الأصول النظرية) للخلاف في حال.
والمبحث الرابع: تعريف (التطبيقات العملية) للخلاف في حال.
والمبحث الخامس: أشهر الْمُطَبقينَ والْمُنَظرينَ من المالكية (للخلاف في حال).
والفصل الثاني: (الأحوال) و(الأحكام) بين الثبات والتغير. وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: مفهوم (الثبات والتغير)؛ وعلاقتهما بالخلاف في حال.
والمبحث الثاني: الأحوال الثابتة والمتغيرة حسب المعيار التقسيمي.
والمبحث الثالث: الأحكام الثابتة والمتغيرة حسب المعيار الاصطلاحي.
والمبحث الرابع: اتجاهات العلماء في مسألة (تغير الأحكام لتغير الأحوال).
والفصل الثالث: المعايير الموضوعية للثابت والمتغير من الأحكام الشرعية. وهي ثلاثة معايير:
المعيار الأول: التمييز بين المقاصد والوسائل.
والمعيار الثاني: التمييز بين البيان الكلي والبيان الجزئي.
والمعيار الثالث: التمييز بين القطعيات والظنيات من الأحكام.
الفصل الرابع: المصطلحات ذات الصلة (بالخلاف في حال). وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: (الخلاف في شهادة) وعلاقته بالخلاف في حال.
والمبحث الثاني: (الخلاف في عادة) وعلاقته بالخلاف في حال.
والمبحث الثالث: (الخلاف في فقه ومقال) وعلاقته بالخلاف في حال.
والمبحث الرابع: (تحقيق المناط) وعلاقته بالخلاف في حال.
والباب الثاني: (الأصول الشرعية للخلاف في حال). ويضم أربعة فصول أيضا:
الفصل الأول: مبادئ القرآن والسنة وتأصيلها (للخلاف في حال). وفيه أربعة مبادئ كلية:
المبدأ الأول: التمييز بين الصالح والفاسد من أحوال الجاهلية.
والمبدأ الثاني: الواقعية في التشريع.
والمبدأ الثالث: النسخ في بعض الأحكام الشرعية.
والمبدأ الرابع: التدرج في التشريع والتطبيق.
والفصل الثاني: اعتبار القرآن والسنة لاختلاف الأحوال في التشريع. وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تقابل الأحوال الموجبُ لتقابل الأحكام.
والمبحث الثاني: تعارض النصوص الراجع إلى اختلاف الأحوال.
والفصل الثالث: القواعد الأصولية والفقهية المؤصلة للخلاف في حال. وفيه مبحثان:
المبحث الأول: القواعد الأصولية المؤصلة للخلاف في حال
والمبحث الثاني: القواعد الفقهية المؤصلة للخلاف في حال
والفصل الرابع: اعتبار فقهاء الصحابة لاختلاف الأحوال في الفتوى. وفيه مبحثان:
المبحث الأول: نماذج من الفتاوي العُمَرية المراعية لاختلاف الأحوال.
والمبحث الثاني: نماذج من الفتاوي لغيره من الصحابة المراعية لاختلاف الأحوال.
والباب الثالث: (أنواع الأحوال وأثرها في اختلاف الأحكام عند المالكية). ويضم أربعة فصول كالبابين السابقين:
الفصل الأول: أنواع الأحوال، وضوابط إعمالها في اختلاف الأحكام عند المالكية. وفيه مبحثان:
المبحث الأول: أنواع (الأحوال) المؤثرة في اختلاف الأحكام.
والمبحث الثاني: ضوابط إعمال (الأحوال) في اختلاف الأحكام عند المالكية.
والفصل الثاني: (الأحوال العقلية والبدنية) وأثرها في اختلاف الأحكام عند المالكية. وفيه مبحثان:
المبحث الأول: (الأحوال العقلية) وأثرها في اختلاف الأحكام عند المالكية.
والمبحث الثاني: (الأحوال البدنية) وأثرها في اختلاف الأحكام عند المالكية.
والفصل الثالث: (الأحوال القلبية والفعلية) وأثرها في اختلاف الأحكام عند المالكية. وفيه مبحثان:
المبحث الأول: (الأحوال القلبية) وأثرها في اختلاف الأحكام عند المالكية
والمبحث الثاني: (الأحوال الفعلية) وأثرها في اختلاف الأحكام عند المالكية
والفصل الرابع: (الأحوال الموضوعية) وأثرها في اختلاف الأحكام عند المالكية. وفيه مبحثان:
المبحث الأول: (أحوال محل الفعل) وأثرُها في اختلاف الأحكام عند المالكية.
والمبحث الثاني: (أحوال وسائل الفعل) وأثرها في اختلاف الأحكام عند المالكية.
وأخيرا الخاتمة: في أهم النتائج والخلاصات العِلْميّة والتوصيات العَمَلِيّة التي أسْفَرَ عنها البحثُ.
المحور السابع: أهم إشكالات البحث:
يتضمن عنوان الأطروحة ثلاثةَ إشكالاتٍ كبرى يمثل كل واحد منها بابا:
الإشكال الأول (مفهومي تصوري): ما هو البناء التصوري لمصطلح (الخلاف في حال) عند المالكية؟
الإشكال الثاني (تأصيلي): ما هي الأصول الشرعية (للخلاف في حال)؟ وهل تدل على الظنية أم القطعية.
الإشكال الثالث: (تطبيقي) ما هي أقسام الأحوال، وضوابط إعمالها في المذهب المالكي؟
أما الإشكال الأول: ما هو البناء التصوري لمصطلح (الخلاف في حال) عند المالكية؟ فتتفرع عنه ثمانية أسئلة جزئية لمعالجته وهي:
1 ـ ما معنى (الخلاف في حال) عند المالكية؟
2 ـ ما علاقة الحال بالعلة؟
3 ـ وما علاقة الحال بالمصلحة؟
4 ـ ما هو موقع الحال بين أدلة المشروعية وأدلة الوقوع؟
5 ـ هل الأحوال ثابتة أم متغيرة؟ وما هي معايير التمييز بين النوعين؟
6 ـ هل الحكم ثابت أم متغير؟ وما هي معايير التمييز بين النوعين؟
7 ـ من هم أهم المطبقين وأهم المنظرين للخلاف في حال عند المالكية؟
8 ـ ما هي العلاقة بين مفهوم (الخلاف في حال) وبين مصطلحات أربعة شديدة الصلة به؟ وهي [الخلاف في شهادة، الخلاف في عادة، تحقيق المناط، ثم الخلاف في فقه ومقال]؟
وأما الإشكال الثاني: ما هي الأصول الشرعية (للخلاف في حال)؟ فتتفرع عنه ثلاثة أسئلة مهمة لمعالجته وهي:
1 ـ ما هي المبادئ الكبرى في القرآن والسنة التي تؤصل للخلاف في حال؟ وهل تأصيلها قطعي أم ظني؟
2 ـ ما هي القواعد الأصولية المؤصلة للخلاف في حال؟
3 ـ ما هي القواعد الفقهية المؤصلة للخلاف في حال؟
4 ـ هل فقه الصحابة كان يعتبر اختلاف الأحكام لاختلاف الأحوال؟
وأما الإشكال الثالث: ما هي أقسام الأحوال، وضوابط إعمالها في المذهب المالكي؟ فتتفرع عنه أربعة أسئلة مهمة لمعالجته، وهي:
1 ـ ما هي المعايير العلمية التي تحدد بها أنواع الأحوال؟
2 ـ ما هي أقسام الأحوال الكبرى؟
3 ـ ما هي ضوابط إعمال اختلاف الأحوال في اختلاف الأحكام؟
4 ـ ما هي المنهجية السليمة في دراسة تطبيقات الخلاف في حال؟
5 ـ ما هي ثمار تطبيق أصل (الخلاف في حال) في الاجتهاد بشقيه الفهمي والتزيلي؟
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة السلام على سيدنا محمد أشرف المخلوقات، هذا وما كان من صواب في هذه الأطروحة فهو من الله عز وجل محضُ فضْلٍ وتوفيق، وما كان فيها من خطإ أو سهو فأنا العُبَيْدُ به خليق؛ واللهَ الكريمَ أسألُ أن يتقبل مني هذا الجهد بقبول حسَنٍ، وينفع به المتشرِّعين والدارسين، وينفعني وأهلَ بيتي به يومَ الدِّين، ﴿ يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٍ سَلِيم ﴾ [الشعراء/88 – 89].
كتبه: الأستاذ الباحث عبد الرحيم خياري
زر الذهاب إلى الأعلى