التكامل المعرفي بين العلوم الشرعية واللغة العربية لخدمة النص الشرعي
علم أصول الفقه وعلوم البلاغة أنموذجا
إعداد: الباحث محمد السعيد بلحرمة: أستاذ التعليم العتيق بالقنيطرة طالب: باحث في سلك الدكتوراه، جامعة ابن طفيل، مختبر علوم الأديان تكوين: العلوم الدينية بالمغرب والأندلس إشراف فضيلة الدكتور محمد بلحسان
ولمعالجة موضوع التكامل المعرفي بين أصول الفقه وعلوم البلاغة، سأحصر المقال في العناصر التالية: المقدمة: في شرح المفردات والمصطلحات الواردة في العنوان. المبحثالأول: مظاهر خدمة علم أصول الفقه للنص الشرعي والمبحث الثاني: مظاهر خدمة علوم البلاغة للنص الشرعي والمبحث الثالث: مظاهر التكامل المعرفي بين علمي أصول الفقه وعلوم البلاغة في خدمة النص الشرعي ثم الخاتمة: في خلاصات العرض، وتوصياته. مقدمة في التعريف بالمفردات والمصطلحات الواردة في العنوان المطلب الأول: التكامل المعرفي بين العلوم المعرفة الإسلامية عبر تاريخها الغني بمجهودات العلماء والمفكرين والباحثين شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أكلها كل حين بإذن ربها، في مختلف فنون العلم، وقضاياه الشرعية والفكرية والفلسفية، النظرية والتطبيقية[1]. ولئن كانت المعرفة الإسلامية أوسع من العلوم الإسلامية، والعلوم الإسلامية حاضنة العلوم الشرعية، والعلوم اللغوية، فهما من مشكاة واحدة، وبعضها مستمد من بعض، لأن الأصل واحد وهو خدمة الوحي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول الإمام ابن حزم:” فالعلوم كلها متعلق بعضها ببعض…، محتاج بعضها إلى بعض، ولا غرض لها إلا معرفة ما أدى إلى الفوز في الآخرة فقط، وهو علم الشريعة”[2]، ويؤكد مصدر هذا التناسق الإمام السيوطي بقوله: “وإن كتابنا القرآن لهو مفجر العلوم ومنبعها ودائرة شمسها ومطلعها أودع فيه سبحانه وتعالى علم كل شيء وأبان فيه كل هدي وغي فترى كل ذي فن منه يستمد وعليه يعتمد”[3]. المطلب الثاني: التكامل بين العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية إن ما وصل إليه المسلمون من الرقي العلمي والمنهجي والحضاري إنما كان منطلقه الوحي، ودافعه الأصلي خدمة النص الشرعي الذي انبثقت عنه كل العلوم: الشرعية واللغوية والعقلية. الفرع الأول: تعريف العلوم الشرعية: العلوم الشرعية هي العلوم التي تهتم بدراسة الشريعة الإسلامية بكافة جوانبها، كدراسة القرآن الكريم وتفسيره، ودراسة الحديث وعلم الحديث، وعلم التوحيد، وعلم الفقه، وعلم أصول الفقه، حيث تهتم العلوم الشرعيّة بفهم الإسلام فهمًا شاملاً وفهم جميع قوانينه وجوانبه المتنوعة، وترتبط العلوم الشرعية بعلوم أخرى كعلم النحو والصرف، والتاريخ، والأدب. وتنقسم إلى قسمين، علوم الآلة وعلوم الغاية، فمن علوم الآلة: علم أصول الفقه، وعلم الحديث، وعلوم القرآن، ومن علوم الغاية: الفقه، والتوحيد، والتفسير. الفرع الثاني: علوم اللغة العربية: علوم اللغة العربية عبارة عن اثني عشر علما، وهي: النحو والصرف، والمعاني والبيان والبديع، والعروض، والقوافي، والإنشاء والخطابة والخط، والاشتقاق، والمعجم. الفرع الثالث: التكامل بين العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية: إن “العلوم جميعاً كانت ممتزجة فيما بينها امتزاجاً شديداً، فلم يكن ثمة تحديد دقيق للدوائر التي يختص بها علم دون الآخر، حيث يجد الباحث فيما يجد علماً قائماً بذاته اسمه علم النحو، وعلماً آخر اسمه علم التفسير، وعلماً ثالثاً اسمه علم مصطلح الحديث”[4]. فهما من مشكاة واحدة، وبعضها مستمد من بعض، فإن العلوم الشرعية مستمدة من العلوم اللغوية، لأن الأصل واحد وهو خدمة الوحي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فعلوم اللغة العربية أساس لفهم الوحي: القرآن والسنة، قال أبو إسحاق الشيرازي: “ويعرف من اللغة والنحو ما يعرف به مراد الله تعالى، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم في خطابهما”[5]. فالشريعة لا يمكن فهمهما فهما سليما إلا بفهم لسان العرب، يقول الإمام الشاطبي: “إن هذه الشريعة المباركة عربية، فمن أراد تفهمها فمن جهة لسان العرب يفهم، ولا سبيل إلى تطلب فهمها من غير هذه الجهة” [6]، فاللغة العربية أصل لمعرفة الوحي، لأن الوحي المطهر جاء بلسان العرب. فحصل نوع من التكامل المعرفي بين علوم اللغة والعلوم الشرعية لخدمة النص الشرعي، الأمر الذي جعل بعض العلماء يعد اللغة العربية من الشريعة، يقول التهانوي (ت1158هـ) “فَفُهِمَ من هذا أن العلم الشرعي يُطلق على مَعْنَيَيْنِ… والعلوم العربية من العلم الشرعي بأحدهما ومن الآلات بالمعنى الآخر”[7] المطلب الثالث: تعريف النص الشرعي الفرع الأول: تعريف النص: يختلف معنى النص عند اللغويين عن معناه عند الأصوليين، وعند الفقهاء، فلكل فن له معنى خاص، وإن حصل تداخل أو عموم وخصوص مطلق أو من وجه بين دلالته في هذه العلوم. أولا النص في اللغة: النص لغة الظهور والارتفاع، قال ابن فارس: “النون والصاد أصل صحيح يدل على رفع وارتفاع وانتهاء في الشيء. منه قولهم نص الحديث إلى فلان: رفعه إليه. ومنصة العروس منه”[8]. وقال الفيومي: نصصت الحديث نصا من باب قتل رفعته إلى من أحدثه. ونص النساء العروس نصا رفعنها على المنصة، وهي الكرسي الذي تقف عليه لتظهر للناظرين، وفي حديث «كان – عليه السلام – إذا وجد فرجة نص»[9]. ثانيا: النص في الاصطلاح الأصولي: ذكر الأصوليون تعريفات مختلفة للنص منها: قال صاحب الورقات “النص ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، وقيل: ما تأويله تنزيله”[10]. وعرفه التلمساني فقال: وهو الذي لا يقبل الاعتراض إلا من غير جهة دلالته على ما هو نص فيه[11]. ويمكن تعريفه بأنه: اللفظ الدال على معنى دلالة قطعية بحيث لا يحتمل التأويل. فالنص بهذه المعاني يقبل النسخ، والترجيح، ولا يقبل التخصيص والتأويل. 3-النص في الاصطلاح الفقهي: يطلق النص عند الفقهاء على معنى آخر وهو ما دل على حكم شرعي من كتاب أو سنة، سواء كانت دلالته نصاً أو ظاهرا، قال القرافي: “والنص فيه ثلاث اصطلاحات، قيل ما دل على معنى قطعا ولا يحتمل غيره قطعا كأسماء الأعداد. وقيل ما دل على معنى قطعا وإن احتمل غيره كصيغ المجموع في العموم فإنها تدل على أقل الجمع قطعا وتحتمل الاستغراق. وقيل ما دل على معنى كيف ما كان وهو غالب استعمال الفقهاء“[12]. الفرع الثاني: تعريف الشرعي: الشرعي منسوب إلى الشرع، وللشرع معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح، وبيانه: 1-الشرع في اللغة: معناه: البيان والإظهار، والمراد بالشرع المذكور على لسان الفقهاء: بيان الأحكام الشرعية، والشريعة: هي مورد الإبل إلى الماء الجاري، ثم استعير لكل طريقة موضوعة بوضع إلهي ثابت من نبي من الأنبياء، وشرعت لكم في الدين شريعة، وأشرعت بابا إلى الطريق إشراعا، وشرعت الدواب في الماء تشرع شروعا[13]. 2-الشرع في الاصطلاح: والشريعة: اسم للأحكام الجزئية التي يتهذب بها المكلف معاشا ومعادا، سواء كانت منصوصة من الشارع أو راجعة إليه، والشرع كالشريعة: كل فعل أو ترك مخصوص من نبي من الأنبياء صريحا أو دلالة فإطلاقه على الأصول الكلية مجاز، وإن كان شائعا، بخلاف الملة فإن إطلاقها على الفروع مجاز. الفرع الثالث: تعريف النص الشرعي لقبا: النص الشرعي هو: الوحي الإلهي المنزل من رب العالمين بوحي مباشر من الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم، أو بواسطة جبريل عليه السلام، المثبت بالرسم العثماني الموافق للغة العربية ولو بوجه والمنقول بالتواتر، فيما يتعلق بالقرآن الكريم، أو بإلهام من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو السنة النبوية الشريفة. الفرع الرابع: المقصود بخدمة النص الشرعي: خدمة النص الشرعي تعني: خدمته من كل وجه، ويشمل ذلك: تفسيره، وشرحه، وحفظه، ونشره، وتيسير تناوله، وبيان جماله، وإظهار إعجازه، ونقله، ورسمه، وتعليمه، وتدريسه، وبيان أحكامه وحكمه، فقامت علوم مستقلّة برأسها في الأمّة، لم يكن لقيامها من غرض سوى خدمة النّص الشرعي من جميع وجوهه، خدمةً للكتاب والسنة وتعظيماً لشأنهما. المطلب الرابع: تعريف أصول الفقه وعلوم البلاغة الفرع الأول: تعريف أصول الفقه: أصول الفقه لفظ مركب من مضاف ومضاف إليه فالمنهج يقتضي أن نعرف كل جزء وحده لغة واصطلاحا، ثم نعرفه لقبا على علم معين، “والفرق بين اللقبي والإضافي أن اللقبي هو العلم كما سيأتي والإضافي موصل إلى العلم”[14]: أولا: تعريف الأصول: مصطلح الأصول له معان في اللغة ومعان في الاصطلاح وبيانها ما يلي: 1-الأصول في اللغة: الأصول جمع أصل، وهو لغة أساس الشيء، وقد ذكر الأصوليون[15] للفظ الأصل عدة معان لغوية منها: المعنى الأول: الأصل ما يبنى عليه غيره. المعنى الثاني: الأصل المحتاج إليه. المعنى الثالث: الأصل ما يستند تحقق الشيء له. المعنى الرابع: الأصل ما منه الشيء. المعنى الخامس: الأصل منشأ الشيء، ويظهر أن المعنى الأول هو الراجح لأنه يوافق الأصل عند اللغويين، أما المعاني الأخرى فقد أضافها الأصوليون. 2-الأصل في الاصطلاح: يطلق مصطلح الأصل في الاصطلاح على عدة معان تختلف باختلاف المبحث الأصولي، ومن تلكم المعاني: المعنى الأول: الدليل قولهم: أصل هذه المسألة الكتاب والسنة أي: دليلهما، ومنه سمى: أصول الفقه، أي: أدلته. المعنى الثاني: الرجحان، كقولهم الأصل في الكلام الحقيقة، أي الراجح عند السامع هو الحقيقة لا المجاز. المعنى الثالث: القاعدة المستمرة كقولهم إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل. المعنى الرابع الصورة المقيس عليها في باب القياس في تفسير الأصل[16]. ثانيا: تعريف الفقه: المصطلحات الشرعية تعرف في اللغة وفي الاصطلاح، وعليه فالفقه له معنى لغوي وآخر اصطلاحي، فسنعرفه في اللغة وفي الاصطلاح. 1-الفقه في اللغة: يطلق الفقه في اللغة على ثلاثة معان وهي: المعنى الأول: مطلق الفهم، قال الجوهري: “الفقه الفهم”[17]،تقول فقهت كلامك بكسر القاف أفقه بفتحها في المضارع أي فهمت أفهم[18]. قال الله تعالى: ﴿فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ اِ۬لْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثا﴾ [النساء: 77]. المعنىالثاني: الفهم الخفي للأشياء، قال الإمام أبو إسحاق الشيرازي: ” والفقه في اللغة ما دق وغمض: “فقهت معنى كلامك” لأنه قد يدق ويغمض. ولا يقال: “فقهت أن السماء فوقي والأرض تحتي …”. ومنه يقال: “فلان فقيه في الخير فقيه في الشر” إذا كان يدقق النظر في ذلك. وكانت الشعراء في الجاهلية يسمون فقهاء لإدراكهم المعاني الغامضة في أشعارهم وما يجري في كلامهم من الحكم الخفية التي لا يدركها غيرهم”[19]. المعنىالثالث: فهم مراد المتكلم من كلامه، قال الإمام الرازي: هو عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه[20]. 2-الفقه اصطلاحا: عرفه بأنه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية[21]. ثالثا: تعريف أصول الفقه لقبا: هو ” معرفة دلائل الفقه إجمالا وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد”[22]. الفرع الثاني: تعريف البلاغة:للبلاغة معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح أولا: البلاغة لغة: المعاني التي ذكرها اللغويون ترجع إلى الانتهاء والوصول، وبلغ الشيء يبلغه بلوغاً وبلاغاً : وصل وانتهى، قال ابن فارس: “الباء واللام والغين أصل واحد صحيح، وهو الوصول إلى الشيء…وكذلك البلاغة التي يمدح بها الفصيح اللسان، لأنه يبلغ بها ما يريده”[23]. وأكد هذا المعنى الراغب الأصفهاني بقوله: “البلوغ والبلاغ: الانتهاء إلى أقصى المقصد والمنتهى، مكانا أو زمانا، أو أمرا من الأمور المقدرة”[24]. ثانيا: البلاغة في الاصطلاح: لا يوجد تعريف موحد للبلاغة عند البلاغيين، فقد ورد تعريفات متباينة ومتداخلة، قال ابن رشيق: “وسئل بعض البلغاء: ما البلاغة؟ فقال: قليل يفهم، وكثير لا يسأم. وقال آخر: البلاغة إجاعة اللفظ، وإشباع المعنى. وسئل آخر فقال: معان كثيرة، في ألفاظ قليلة. وقيل لأحدهم ما البلاغة؟ فقال: إصابة المعنى وحسن الإيجاز”[25]. وقد عرفها السكاكي فقال: البلاغة هي بلوغ المتكلم في تأدية المعاني حدا له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها”[26]. ثالثا: علوم البلاغة: البلاغة تشمل ثلاثة علوم، وهي: علم المعاني، وعلم البيان، وعلم البديع، وبيانها بما يلي: 1-علم المعاني: المعاني لغة جمع معنى، وهو ما يعني ويقصد من اللفظ مدلوله، واصطلاحا: علم يعرف به أحوال الكلمات العربية، التي تحصل بها المطابقة لمقتضى الحال[27]: أي حال المخاطب كالتأكيد للمنكر، وتركه لخال الذهن، ومن مباحثه: الخبر والإنشاء، والمسند والمسند إليه، والإيجاز والإطناب والمساواة، والفصل والوصل. 2-علم البيان: لغة هو المنطق الفصيح، المعرب عما في الضمير، واصطلاحا: علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة وخفائها[28]، مع رعاية مقتضيات الأحوال، فكرم زيد يعبر عنه ببالحقيقة: زيد كريم، وزيد كحاتم، وبالمجاز: وزيد حاتم، ومباحثه هي: التشبيه، والمجاز، والكناية. 3-علم البديع: وهو لغة من الإبداع على غير مثال سابق، واصطلاحا: علم يعرف به وجوه تحسين الكلام، بعد رعاية المطابقة، ووضوح الدلالة[29]، فهو تابع وذيل لعلمي البلاغة. المبحث الأول: مظاهر خدمة علم أصول الفقه للنص الشرعي علم أصول الفقه خدم النص الشرعي من وجهين عامين، جهة ثبوته وهذا يتكامل فيه مع علم الحديث، وجهة الدلالة والتفسير والبيان، وهذا يتكامل فيه مع علوم البلاغة، وعليه فإن هذا المبحث سنقسمه إلى مطلبين، مطلب نبين فيه وجه خدمة علم الأصول للنص الشرعي من حيث ثبوته ومطلب نبين فيه خدمة الأصول النص الشرعي من حيث دلالته وتفسيره. المطلب الأول: خدمة علم أصول الفقه للنص الشرعي من حيث ثبوته الفرع الأول: خدمة أصول الفقه للنص القرآني من حيث ثبوته: أولا: حجية القرآن الكريم: القرآن الكريم حجة بإجماع الأمة، لأنه متواتر والأصوليون قد اشترطوا للاحتجاج بالقرآن الكريم التواتر أيضا، بأن يرويه جماعة عن جماعة يستحيل اتفاقهم على الكذب، قال التلمساني: “فأما الكتاب فلا بد من كونه متواترا، فإن لم يكن متواترا لم يكن قرآنا”، وعكس المتواتر القراءة الشاذة وهي: “التي لم يصح سندها وخالفت الرسم ولا وجه لها في العربية”. ثانيا: القراءات الشاذة: المقرر أن القراءة المعتبرة عند أهل العلم هي المقطوع بها قرآنا، وهي السبع التي وقع عليها الإجماع، وما عداها فيه خلاف، سواء في التعبد أو في الاحتجاج. 1-حكم التعبد بالقراءة بالشاذة: الجمهور على عدم جواز التعبد بالقراءة الشاذة مطلقا، في الصلاة وغيرها، قال في نشر البنود: “ما روي عنه صلى الله عليه وسلم بخبر الآحاد على أنه قرآن ليس من القرآن كأيمانهما في آية (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) لأن القرآن لإعجاز الناس عن الإتيان بمثل أقصر سورة منه تتوفر أي تكثر الدواعي أي الأمور الحاملة على نقله تواترًا، وقيل: إنه من القرآن حملًا عن أنه كان متواترًا في العصر الأول لعدالة ناقله ويكفي التواتر فيه. قوله فللقراءة … الخ يعني: أن عدم جواز القراءة بالشاذ لا في الصلاة ولا خارجها قوي لأنه المشهور من مذهب ملك والشافعي”[30]. 2-حكم الاحتجاج بالقراءة الشاذة: حكى الأصوليون الخلاف في مسألة الاحتجاج بالقراءة الشاذة وخلاصة القوال: حجة عند جمهور الأصوليين من الشافعية والحنفية والحنابلة، لأنهم يفرقون بين الاحتجاج والتعبد، وليست حجة عند أصوليي المالكية، لأن عندهم من شرط الاحتجاج بالقرآن التواتر، يقول ابن العربي: “القراءة الشاذة لا ينبني عليها حكم لأنه لم يثبت لها أصل”، وقد رد المجيزون للاحتجاج بها على المانعين بقولهم بأنه لا يلزم من التسليم ببطلان كونه قرآنًا التسليم بعدم كونه خبرًا[31]. الفرع الثاني: خدمة أصول الفقه للنص الحديثي من حيث ثبوته أولا: المتواتر: لا خلاف بين الأصوليين في حجية المتواتر إن اتضحت دلالته وانعدم معارضه، قال ابن تيمية: “وهذه السنة إذا ثبتت فإن المسلمين كلهم متفقون على وجوب اتباعها”[32]. قال التلمساني: “وأما السنة: فإنه لا يشترط في الخبر المستدل به أن يكون متواترًا عند المحققين من الأصوليين، اللهم إلا أن يكون ذلك رافعًا لمقتضى القرآن بالقطع فإنه يجب حينئذ أن يكون الخبر متواترًا[33]. ثانيا: الآحاد: اشترط الأصوليون لحجية الآحاد شروطا بعضها يتعلق بالراوي وبعضها بالسند، فأما الراوي فاشرطوا فيه القبول بأن يتصف بالعدالة والضبط، وأما السند فاشترطوا فيه الاتصال أي عدم الانقطاع، وعدم الإرسال وعدم الوقف، قال التلمساني: “اعلم أن من شرط السند أن يكون مقبول الرواة، متصلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم”[34]. المطلب الثاني: خدمة علم أصول الفقه للنص الشرعي من حيث تفسيره وضع علماء الأصول قانونا محكما يتم من خلاله تفسير النص الشرعي على الوجه الصحيح، ويقطع دابر أي أجنبي للخوض في تفسير معانيه، أو تأويله تأويلا بعيدا عن القانون العلمي، فالنص الشرعي لا يخلو إما أن يكون فعلا أو قولا أو تقريرا، ولكل منها قانون. الفرع الأول: النص الشرعي القولي: النص القولي يفسر من جهة منطوقه ومن جهة مفهومه، فجهة المنطوق بينوا فيها متى يكون للنص الشرعي معنى واحدا، فسموه بالنص، ومتى يكون له معاني كثيرة بعضها واضح وبعضها خفي وهو المسمى عندهم بالظاهر والمؤول، ويدخل فيه العام والخاص، والمطلق والمقيد، والأمر والنهي، ومتى يكون له معاني كثيرة خفية، وهو المسمى بالمجمل، وله أسباب كثيرة بعضها راجع إلى اللغة وبعضها إلى اللفظ نفسه. الفرع الثاني: النص الشرعي الفعلي: خدم الأصول النص الفعلي ببيان متى يحمل الفعل على الوجوب ومتى يحمل على الندب، ومتى يحمل على الخصوصية، فوضعوا قواعد بها يتم التمييز بين كل فعل من أفعاله صلى الله عليه وسلم. قال التلمساني: “وأعني بذلك فعله صلى الله عليه وسلم، وقد تقرر في أصول الدين عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه عن المعاصي، فإذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلا علمنا أنه غير معصية، … والتحقيق: أنه إن ظهر من النبي صلى الله عليه وسلم أنه قصد بفعله ذلك القربة إلى الله تعالى فهو مندوب، لأن ظهور قصد القربة فيه يوضح رجحان فعله على تركه، والزيادة عليه منتفية بالأصل، وذلك هو معنى الندب، وإن لم يظهر منه قصد قربة، ففعله ذلك محمول على الإباحة، لأن صدوره منه دليل على الإذن فيه، والزيادة على ذلك منتفية بالأصل، وذلك هو معنى الإباحة”[35]. الفرع الثالث: النص الشرعي التقريري: قرر الأصوليون أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على معصية، قال التلمساني: “اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على الخطأ ولا على المعصية، لأن التقرير على الفعل معصية، فالعاصم له من فعل المعصية، عاصم له من التقرير عليها، ومن شرط التقرير الذي هو حجة: أن يعلم به النبي صلى الله عليه وسلم ويكون قادرا على الإنكار، وأن لا يكون قد بين حكمه قبل ذلك بيانا يسقط عنه وجوب”[36]. ثم بينوا حكم كل نوع من أنواع التقرير، لأن الفعل إما أن يقع بين يديه ويقر به، وإما أن ينقل إليه ثم يقره، وإما أن يقع في زمانه ولا يدل على أنه بلغه، فخدم الأصوليون هذا النص وبينوا حكم كل نوع منه على حدة. المبحث الثاني: مظاهر خدمة علوم البلاغة للنص الشرعي: إن العلماء قد عنوا بالقرآن عناية بالغة من جميع وجوهه، فمنهم من عني بحل ألفاظه وبيان معانيه وأحكامه، ومنهم من عني بمعرفة ناسخه ومنسوخه، وخاصه وعامه، ومنهم من عني بذكر بلاغته وإعجازه، وعلم البلاغة موضوعه خدمة النص الشرعي من حيث إظهار إعجازه، وجمال لفظه ومعناه. المطلب الأول: مظاهر خدمة علم المعاني للنص الشرعي الفرع الأول: مظاهر خدمة علم المعاني للقرآن الكريم: أولا:أسلوب القصر: 1-تعريف القصر: القصر ويسمى الحصر، في اللغة: الحبس، نقول: قصرت نفسي على الشي اذا حبستها[37].واصطلاحاً: هو تخصيص أمرٍ بآخرٍ بطريق مخصوصة[38]. 2- طرق القصر: للقصر طرق كثيرة أشهرها أربعة وهي: ـ النفي والاستثناء وهي: (لا وإلا، وما وإلا، وإن وإلا، وهل) وهنا المقصور عليه ما بعد أداة الاستثناء. ـ (إنما) ويكون المقصور عليه مؤخرا وجوبا. ـ العطف بـ (لا، وبل، ولكن). ـ تقديم ما حقه التأخير وهنا يكون المقصور عليه هو المقدم. 3- مثال لأسلوب القصر في القرآن الكريم قوله تعالى:﴿إِنَّمَا يَخْشَي اَللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ اِلْعُلَمَٰؤُاْ انَّ اَللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: 28]. فإن نوع القصر هنا قصر الصفة على الموصوف، وإذا تدبرنا الصفة فيه وجدنا أنها لا تتعدى موصوفها إلى موصوف آخر مطلقا، وبيانه أن خشية الله تعالى صفة لا تتجاوز العلماء إلى غيرهم من سائر الناس في الحقيقة والواقع، وطريق القصر هنا: {إنما}. قال مقاتل: اشد الناس لله خشية أعلمهم به”. وقال مسروق: ” كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا ” وقال مجاهد والشعبي: ” العالم من خاف الله تعالى”[39]. 4-وجه خدمة أسلوب القصر للنص الشرعي: ومن المعلوم أن الغرض البلاغي الذي يؤديه القصر ليس جماليا، فالقصر من مباحث علم المعاني، والغرض الذي يؤديه هذا الأسلوب غرض جوهري يتعلق بمعاني الجمل وقد يختلف المعنى كليا لتقديم كلمة أو تأخيرها بحسب السياق القرآني. ثانيا: أسلوب الفصل والوصل: يعتبر البلاغيون هذا الأسلوب من أدق أساليب علم المعاني لأن فيه ما ليس في غيره من التفاصيل بين الجمل ومواقعها، وما يتصل بها من خبر وإنشاء، وحكم وإعراب، حتى إن بعضهم قال معرفا للبلاغة بأنها معرفة الوصل والفصل[40]، ولا غنى للبليغ عن المعرفة الدقيقة لمواقع الجمل، وما يتصل منها وما ينفصل. 1-تعريف الوصل والفصل: -تعريف الوصل: عطف جمل على أخرى لصلة بينهما في الصورة والمعنى، بحرف الواو دون غيرها من الأدوات؛ لأنها تفيد الاشتراك في الحكم. -تعريف الفصل: ترك الربط بين الجملتين، إما لأنهما متحدتان صورة ومعنى، أو بمنزلة المتحدتين وإما لأنه لا صلة بينهما في الصورة أو في المعنى[41]. 2-مواضيع الفصل والوصل: اتفق البلاغيون على أن لكل من الفصل والوصل مواضيع خاصة به، فالفصل يجب في مواضيع خمسة، والوصل يجب في مواضيع ثلاثة. 3-أمثلة لأسلوبي الفصل والوصل من القرآن الكريم: -مثال لأسلوب الوصل قوله تعالى:﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلَا تُسْرِفُوٓاْۖ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ اُ۬لْمُسْرِفِينَۖ﴾ [الأعراف: 29] فإن الجمل هنا إنشائية لفظا ومعنى، وبينها تناسب، وهذا من المواضيع المتفق عليها في أسلوب الوصل، والجمل هي: الأكل والشرب، وعدم الإسراف، والمسند إليه متحد وهم المخاطبون، وليس هناك ما يمنع الوصل. -مثال لأسلوب الفصل قوله تعالى: ﴿أَلَمِّ ذَٰلِكَ اَلْكِتَٰبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدي لِّلْمُتَّقِينَ﴾[البقرة: 1] من مواضيع الفصل بين الجمل أن تكون الثانية مؤكدة للأولى، والمقتضي للتأكيد دفع توهم التجوز والغلط، ففي”ذلك الكتاب” تنويه بشأنه وأنه بالغ حد الكمال في أحوال الكتب…وجملة: “لا ريب” إن كان الوقف على قوله: “لا ريب” تعريض بكل المرتابين فيه من المشركين وأهل الكتاب أي أن الارتياب في هذا الكتاب نشأ عن المكابرة، وأن (لا ريب) فإنه الكتاب الكامل”[42]فالمعنيان مختلفان لكنهما متلازمان، لأنه يلزم من بلوغ القرآن حد الكمال انتقاء الريب والشك عنه من قبل المشككين والمرتابين، فنزلت الجملة الثانية من الأولى منزلة التوكيد المعنوي. الفرع الثاني: مظاهر خدمة علم المعاني للسنة النبوية: قال الرافعي: “ألفاظ النبوة يعمرها قلب متصل بجلال خالقه، ويصقلها لسان نزل عليه القرآن بحقائق محكمة الفصول محذوفة الفضول”، نستعرض في هذا الفرع نماذج من علم المعاني في خدمة في نصوص السنة النبوية: أولا: التقديم والتأخير: جاء في الحديث النبوي: ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”[43] فذكر رسول الله التقديم والتأخير للألفاظ ما يبلغ به تمام المعنى؛ حيث قدم الأخ على النفس؛ وهو المعنى الذي يظهر فيه معنى الإيثار، ولو قدم النفس على الأخ لما تحقق المعنى المراد من عمق الإيمان وحلاوته. ثانيا: القسم: حيث استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفاظًا عديدة للقسم مثل: والله، وأيم الله، والذي نفسي بيده، فللقسم قيمة بلاغية استخدمها العرب لتوكيد المعنى وإثباته، وجاء في الحديث: “وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا “[44] فجاء القسم للتأكيد على المعنى المراد، واستدل بفاطمة للحذر من مخالفة أمر الله، والمساواة في إقامة الحدود الشرعية. ثالثا: الاستفهام: ومعناه: قال صلى الله عليه وسلم:“أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا”[45] فالاستفهام من الألفاظ البيانية استخدم للتقرير، وجذب انتباه السامع وتشويقه، وهو أجدى في الترغيب للعمل. رابعا: الإيجاز: ومعناه: وضع المعاني الكثيرة في ألفاظ أقل منها، وافية مع الإبانة والإفصاح، والنبي صلى الله عليه وسلم قد تميز بجوامع الكلم، كقوله صلى الله عليه وسلم: “البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك”. قال ابن حجر الهيثمي: الحديث “من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، بل من أوجزها؛ إذ البر: كلمةٌ جامعةٌ لجميع أفعال الخير وخصال المعروف، والإثم: كلمةٌ جامعةٌ لجميع أفعال الشر والقبائح كبيرها وصغيرها، كما علم مما قررته فيهما، ولهذا السبب قابل صلى الله عليه وسلم بينهما وجعلهما ضدين”[46]. المطلب الثاني: مظاهر خدمة علم البيان للنص الشرعي يقول الجرجاني: “إنّك لا ترى علما هو أرسخ أصلا وأبسق فرعا … من علم البيان، الذي لولاه لم تر لسانا يحوك الوشي، ويصوغ الحلي “[47]. الفرع الأول: مظاهر خدمة علم البيان للقرآن الكريم: أولا: أسلوب التشبيه: أسلوب التشبيه هو أحد الأساليب الأساسية للبلاغة العربية وفصلٌ مهمّ من فصول الإعجاز البياني للقرآن الكريم، ما يزال موضعَ اهتمام مفكِّري علماء المسلمين الدائبين على معرفة بلاغة القرآن، وإنّ التشبيه فنٌّ من فنون التعليم وأسلوب من أساليبِ التفهيم ونقلِ المعاني العلمية والأدبية إلى الآخرين؛ كما يكون وسيلةً لإثبات حقائق نظرية أو تجريبية، كم أن القرآن استعمل التشبيه لتبيين الحقائق العلمية والعملية والمحسوسة والمعقولة، وجعله وسيلةً لإثباتها وإقامةِ البراهين لها. 1-تعريف التشبيه البلاغي: ذكر البلاغيون حدوداً كثيرة للتشبيه فكل عالم حده بتعريف خاص ونختار منها قول الزركشي: “هو إلحاق شيء بذي وصف في وصفه” ولا تخرج التعريفات التي عرفها العلماء عن أن التشبيه هو أبلغ علوم البلاغة وقواعدها. وللتشبيه أربعة أركان هي: المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه. 2-أنواعه: للتشبيه أنواع كثيرة باعتبارات مختلفة، ولكل نوع اسم: فيسمى التشبيه الذي ذكرت فيه الأداة: مرسلاً، والذي حذفت منه الأداة: مؤكداً، وما ذكر فيه وجه الشبه: مفصلاً، وما حذف منه وجه الشبه: مجملاً، وما حذف منه الأداة والوجه: بليغاً، وغيرها كالتشبيه العقلي والحسي. 3-مثاله: ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿وَالذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَاكُلُونَ كَمَا تَاكُلُ اُلَانْعَٰمُ وَالنَّارُ مَثْوي لَّهُمْ﴾ [محمد: 13] فقد صور القرآن الكفار بأنهم يأكلون ويتمتعون غافلين عن الجزاء الذي ينتظرهم، كما تأكل وتمرح غافلة عن سكين الذبَاح. ثانيا: الكناية: قال الإمام عبـد القاهر الجرجاني: “قد أجمع الجميع على أنّ الكناية أبلغ من الإفصاح، والتعريض أوقع من التصريح”[48]. ثالثا: المجاز: قال السيوطي مبينا منزلة المجاز في القرآن الكريم: “قد اتّفق البُلَغاء على أنّ المجاز أبلغ من الحقيقة”[49]. 1-تعريفه: عرفه السكاكي بأنه: “الكلمة المستعملة في غير ما هي موضوعة له بالتحقيق استعمالا في الغير بالنسبة إلى نوع حقيقتها مع قرينة مانعة عن إرادة معناه في ذلك النوع “[50]. 2-أنواعه: وقد قسم البلاغيون المجاز على قسمين: مجاز عقلي وله علاقات ست، ومجاز لغوي وينقسم إلى مجاز علاقته المشابهة وهو الاستعارة، ومجاز علاقته غير المشابهة وهو المجاز المرسل، سمي مرسلا لإرساله عن التقييد بعلاقة مخصوصة بل له علاقات كثيرة بخلاف المجاز الاستعاري فانه بعلاقة واحدة هي المشابهة، وهذا المقصود هنا، وسيأتي تفصيله فب المبحث الثالث. 3-مثاله: له علاقات ولكل علاقة تطبيقات كثيرة في القرآن الكريم، ومن علاقاته: إطلاق المسبب على السبب، نحو قوله تعالى: ﴿هُوَ اَلذِے يُرِيكُمُۥٓ ءَايَٰتِهِۦ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ اَلسَّمَاءِ رِزْقا﴾ [غافر: 12]، وكلمة {رزقا} هي محل المجاز (فالسماء لا تمطر رزقا) وانما تمطر مطرا يتسبب عنه الرزق فالرزق نتيجة للسبب الذي هو المطر. والعلاقة المانعة عن إرادة معنى الرزق الحقيقي، تسمى المسببية[51]. رابعا: الاستعارة: من الصور البيانية التي خدمت النص الشرعي من حيث إظهار إعجازه، بأبلغ أسلوب وأروعه، الاستعارة، قال ابن رشيق: “الاستعارة هي أفضل أنواع المجاز، وأوّل أبواب البديع. وليس في حُلى الشعر أعجب منها، وهي من محاسن الكلام إذا وقعت موقعها ونزلت موضعها”[52]. 1-تعريف الاستعارة: المستعمل في غير المعنى الذي وضع له لعلاقة المشابهة، مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي[53]. 2-أنواعها: قُسْمَتْ الاستعارة عند أهل العلم باعتبارات مختلفة وكثيرة ومن أشهر تقسيماتها، استعارة مُصَرَّح بها، واستعارة مكنى عنها؛ أما المصرح بها فهي ما ذكر فيها المشبه به وغيب المُشبَّه، والمُكنَّى عنها أن يكون المذكور فيها هو المُشبَّه والمحذوف هو المشبه به. 3-مثالها في القرآن الكريم: من بدائع الاستعارة في سور القرآن الكريم، قال الله تعالى: ﴿وَءَايَة لَّهُمُ اُليْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ اُلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ﴾ [يس: 36] في الآية الكريمة استعير لفظ ( السلخ) وهو نزع الجلد عن الشاة وغيرها من ذوات الخلود، لإزالة نور النهار عن العالم شيئاً فشيئاً، والجامع بينهما هو إزالة شيء، لإظهار شيء كان في حيز الخلفاء، كما يزاح عن الشاة جلدها ليظهر لحمها، هكذا يتبدد الضوء لتظهر الظلمة، ومنه فشبه النهار بالشاة التي ينزع عنها جلدها ليظهر ظلام الليل، فخلف المشبه به وأبقي على لازمة من لوازمه وهي (تسلخ) على سبيل الاستعارة التصريحية ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ اَلذِے ءَاتَيْنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ اُلشَّيْطَٰنُ فَكَانَ مِنَ اَلْغَاوِينَ ﴾ [الأعراف: 175] أي انقطع وتفلت منها، كما تنسلخ الشاة عن جلدها، وفي ذلك إشارة إلى شدة الإمعان في الضلال، فاستعير لها لفظ الانسلاخ عن جادة الهداية والصواب. الفرع الثاني: مظاهر خدمة علم البيان للسنة النبوية: أولا: التشبيه: جاء في الحديث النبوي قوله صلى الله عليه وسلم: “الساعي على الأرملة والمسكين؛ كالمجاهد في سبيل الله”[54] فالمشبه الساعي، والمشبه به المجاهد، ووجه الشبه الأجر العظيم لكليهما، والغرض من التشبيه بيان مقدار الأجر وترغيبًا لفعل الخير بالسعي لسد حاجة الأرملة والمسكين. ثانيا: الاستعارة: قال صلى الله عليه وسلم: “لا تَتَمَنَّوْا لِقَاء الْعَدُوّ، وَاسْأَلُوا اللَّه الْعَافِيَة، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّة تَحْت ظِلَال السُّيُوف”[55]ففي الحديث فن من فنون البلاغة النبوية، وهو استخدامه للاستعارة التصريحية؛ حيث استخدمت كلمة ظلال (المشبه به) للدلالة على (المشبه) وهو أثر كثرة السيوف، فالجنة تدرك بكثرة ظلال السيوف وهو الثبات والصبر على القتال في سبيل الله. ثالثا: المجاز المرسل: جاء في الحديث “اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول “ في الحديث مجاز مرسل؛ حيث أطلقت اليد على المنفق والمحتاج، فيد المحتاج تمد ذليلة تطلب العطاء، ويد المنفق تمتد راضية طالبة للأجر، فالمنفق يده عليا؛ لأنه المفضل على المحتاج، واستخدم المجاز في الحديث للحض على الإنفاق، ودعوة للتعفف، وعزة النفس، كما جاءت الأفضلية بالبدء بالنفقة الواجبة على العائل قبل النفقة على المحتاجين. رابعا: الكناية: جاء في الحديث ” من كشف قناع امرأة وجب لها المهر”[56] فكنى عن الدخول بكشف القناع؛ لأنه يكشف في تلك الحالة غالبًا، والدخول هو النكاح الشرعي، فاستخدم الرسول عليه الصلاة والسلام الكناية كأسلوب جمالي ليضفي على الألفاظ رونقها، ويعرض لنا الحقائق عرضًا غير مباشر لبيان المعنى المراد. المطلب الثالث مظاهر خدمة علم البديع للنص الشرعي الفرع الأول: مظاهر خدمة علم البديع للقرآن الكريم أولا: الجناس: قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ}، الشاهد على الجناس في هذه الآية هو لفظة “الساعة” المكررة مرتين، الأولى يُقصد بها يوم القيامة، والثانية هي المدة الزمنية من الوقت، وهذا يسمى جناس تام، لتوافق الكلمتين في الحروف وترتيبها. ثانيا: السجع: من المحسنات البديعية أسلوب السجع، وهو ما اتفقت فيه الفاصلتان أيْ الكلمتان الأخيرتان في كلِّ جملة في الوزن والقافية مع اختلاف ما عداها، وهو واقع كثيرا في القرآن الكريم خاصة في سور المفصل ومنه قوله تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَويٰ مَا ضَلَّ صَٰحِبُكُمْ وَمَا غَويٰ﴾[النجم: 1-2]. ثالثا: أسلوب المشاكلة: عرفه البلاغيون بأنه ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديرا[57]. وسماه الرماني بالمزاوجة[58]. ومن أمثلته قوله تعالى: ﴿وَجَزَٰؤُاْ سَيِّية سَيِّية مِّثْلُهَا﴾ [الشورى: 37]. قال البقاعي:” …وردها على حد المماثلة، وثانيا بتسمية سيئة وان كان على طريق المشاكلة … “[59]. الفرع الثاني: مظاهر خدمة علم البديع للسنة النبوية: أولا: الطباق أو المطابقة: وهو جمع الضدين، جاء في الحديث ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت “[60]فجاء بالضدين القول والصمت للدلالة البلاغية على المعنى المراد من الانتباه والحذر في القول. ثانيا: الجناس، وهو من المحسنات البديعية اللفظية، جاء في الحديث: “الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ”[61] فجاء الجناس الناقص بين (ائتلف واختلف)، وتماثل الكلمات؛ لإظهار الوقع الجمالي للألفاظ في أذن السامع فيتأثر بسماعها، وقد يأتي الجناس تامًا كما في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: “أًلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ محارمه”[62]فاتفق اللفظ في الشكل واختلف في المعنى. ثالثا: التورية: ذكر الإمام البخاري بعض المواقف في طريق الهجرة، منها أنهم لقوا بعض المسافرين الذين يسكنون في طريق الهجرة، وهم يعرفون أبا بكر ولا يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيسألونه من الرجل الذي معك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل. قال فيحسب أنه إِنما يعني الطريق، وإنما يعني سبيل الخير[63]. فالتورية في لفظ “السبيل” ومعناه الطريق يعني أنه يدلّه على الطريق، لكن المعنى البعيد المقصود هو أنَّ الرسول-صلى الله عليه وسلم- يدلّه إلى الخير. المبحث الثالث: مظاهر التكامل المعرفي بين علمي أصول الفقه وعلوم البلاغة في خدمة النص الشرعي فحيث يتوقف استنباط الأحكام من نصوص القرآن والسنة على معرفة الأصولي بأساليب العربية وطرق الدلالة فيها، ومدلولات ألفاظها: إفراداً وتركيباً، فقد اعتنى الأصوليون باستقراء الأساليب العربية وعباراتها، وما يطرأ على الكلام من: عموم وخصوص، وإطلاق وتقييد، وقصر، وتوكيد، ونفي، واستفهام، وما يدل عليه سياق الكلام جملة من: إيماء، وإشارة، وتنبيه، وفحوى، وأمثاله. واستخرجوا من هذا ومما قرره علماء العربية من أمثال؛ سيبويه، والفراء، والأخفش، والكسائي، وابن جني وغيرهم ضوابط لفهم النصوص الشرعية فهماً صحيحاً[64]. المطلب الأول: المظاهر العامة للتكامل لمعرفي بين أصول الفقه وعلوم البلاغة: أولا: علم أصول الفقه وعلوم البلاغة كلاهما من علوم الآلة، التي لا تقصد لذاتها، ولكنها وسيلة إلى علم الغاية والمقصد. ثانيا: يتكامل علم أصول الفقه مع علوم البلاغة في فهم كلام الله عز وجل وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلم الأصول، وعلوم البلاغة من أصول التفسير، بل إن أصول تفسير كلام الله عز وجل هي نفسها أصول الفقه. ثالثا: تكامل علم الأصول مع علوم البلاغة من حيث المباحث، فإن مباحث أساسية في علم الأصول أصلها من صلب علوم البلاغة، ومباحث أصلها بلاغية دققها علماء الأصول واستفاد منها البلاغيون. رابعا: التكامل من حيث خدمة النص الشرعي، فكلاهما يخدم النص من حيث لفظه ومعناه كما سيأتي تفصيله. المطلب الثاني: مظاهر التكامل بين علم المعاني وأصول الفقه في خدمة النص: الفرع الأول أسلوب الأمر: الأمر بحث أصولي وبلاغي، لكن خدمة الأمر الأصولي للنص الشرعي تخالف خدمة الأمر البلاغي، فغرض الأصولي من الأمر أولا: مفهوم الأمر عند الأصوليين والبلاغيين 1-مفهوم الأمر عند الأصوليين: يقول التلمساني معرفا الأمر بقوله: “أما حده: فهو القول الدال على طلب الفعل على جهةالاستعلاء“[65]. ويعرفه السمعاني بأنه” استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه ثم هو أمر بصيغته وليس أمر بالإرادة وعند المعتزلة هو أمر بإرادة الأمر المأمور[66]. وقد ذكر السبكي اختلاف الأصوليين في ماهية الأمر فقال: “الأمر: أم ر، حقيقة في القول المخصوص مجازا في الفعل، وقيل: للقدر المشترك وقبل مشترك بينهما قيل وبين الشأن والصفة والشيء”[67]، قال الشارح المحلي: “أَيْ هَذَا مَبْحَثُهُ وَهُوَ نَفْسِيٌّ وَلَفْظِيٌّ”. خلاصة حقيقة الأمر عند الأصوليين ما ذكره الإمام القرافي بقوله: “يتحصل أن الأمر والنهي وما سواهما مما يتعلق بالكلام هل ذلك موضوع للساني أو النفساني، أو مشترك بينهما؟ ثلاثة مذاهب. حجة الأول المبادرة للفهم، وحجة الثاني بيت الأخطل وهو: إن الكلام لفي الفؤاد وإنما … جعل اللسان على الفؤاد دليل وحجة الاشتراك الجمع بين الأدلة، والاشتراك هو المشهور”[68]. 2-مفهوم الأمر عند البلاغيين: يعرف السكاكي الأمر بقوله: والأمر في لغة العرب عبارة عن استعمالها أني استعمال نحو لينزل وانزل ونزال وصه على سبيل الاستعلاء[69]. ويعرفه محمود العالم بقوله: “الأمر وهو طلب حصول الأمر على جهة الاستعلاء“، ويعرفه البسيوني البياني مع بيانه المقصود من الاستعلاء بقوله: ” الأمر هو لطلب حصول الفعل على جهة الاستعلاء، بأن يعد الآمر نفسه عاليا، سواء كان عاليا في الواقع أم لا”[70]. ومجمل تعريفات البلاغيين للأمر القديمة والحديثة لا تكاد تخرج عن تعريفه بأنه طلب الفعل على جهة الاستعلاء. ثانيا: صيغة الأمر بين الأصوليين والبلاغيين: 1-صيغة الأمر عند الأصوليين: لقد اختلف الأصوليون هل للأمر صيغة تخصه أم لا؟ على مذهبين: المذهب الأول: أن للأمر صيغة موضوعة له تدل عليه حقيقة بدون قرينة كدلالة سائر الألفاظ الحقيقية على موضوعاتها ومعانيها، وهي صيغة “افعل” قال الشريف التلمساني: “وأما صيغته-أي الأمر- فهي صيغة افعل”[71]. قال القاضي حسين: “وإنما خص الأصوليون افعل بالذكر لكثرة دورانه في الكلام”[72]. المذهب الثاني: أن الأمر ليس له صيغة تدل عليه، وإنما صيغة “افعل ” مشتركة بين الأمر وغيره، ولا يحمل على أحدهما إلا بقرينة. 2-صيغ الأمر عند البلاغيين: أما البلاغيون فللأمر عندهم أربع صيغ وهي: افعل، والفعل المضارع المقترن بلام الأمر، واسم الفعل، والمصدر، قال أحمد الهاشمي” وله أربع صيغ: فعل الأمر – كقوله تعالى «يا يحيى خذ الكتاب بقوة»، والمضارع المجزوم بلام الأمر – كقوله تعالى «لينفق ذو سعة من سعته»، واسم فعل الأمر – نحو «عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم»، والمصدر النائب على فعل الأمر – نحو سعياً في سبيل الخير[73]. ثالثا: دلالات الأمر بين الأصوليين والبلاغيين: دلالات الأمر بين الأصوليين والبلاغيين متقاربة، فالدلالات التي عند البلاغيين نفسها عند الأصوليين، وقد ذكر الزركشي أن لصيغة الأمر زهاء ثلاثين معنى ثم ساقها قال: “وترد صيغة ” افعل ” لنيف وثلاثين معنى”[74]، ومن تلك الدلالات: 1-الدعاء في قوله تعالى «رب أوزعني أن اشكر نعمتك». (2) والالتماس كقولك لمن يساويك – أعطني القلم أيها الأخ. (3) والارشاد – كقوله تعالى «إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمى فاكتبوه، وليكتب بينكم كاتبٌ بالعدل». (4) والتهديد – كقوله تعالى «اعملوا ما شئتم، إنه بما تعملون بصير» (5) والتعجيز – كقوله تعالى «فأتوا بسورة من مثله» (6) والإباحة – كقوله تعالى «وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر». (7) والتسوية – نحو قوله تعالى «وإصبروا أو لا تصبروا» (8) والإكرام – كقوله تعالى «ادخلوها بسلامٍ آمنين» (9) والامتنان – نحو قوله تعالى «فكلوا مما رزقكم الله» (10) والإهانة – كقوله تعالى «كونوا حجارةٍ أو حديداً» (11) والدوام – كقوله تعالى «إهدنا الصراط المستقيم» (12) والتمني – كقول امرىء القيس ألاَ أيها الليل الطويل ألا انجلي… بصبح وما الاصباح منك بأمثل (13)والاعتبار – كقوله تعالى «أنظروا إلى ثمره إذا أثمر» (14)والأذن – كقولك: لمن طرق الباب «ادخل» (15)والتكوين – كقوله تعالى «كن فيكون»[75]. الفرع الثاني: أسلوب النهي: أولا-مفهوم النهي عند الأصوليين والبلاغيين 1-تعريف البلاغيين: هو طلب الكف عن الشيء على وجه الاستعلاء مع الإلزام. 2-تعريف الأصوليين: القول الدال على طلب الامتناع من الفعل على جهة الاستعلاء. ثانيا-صيغ النهي بين الأصوليين والبلاغيين: 1-صيغة النهي عند الأصوليين: اختلف الأصوليون هل النهي له صيغة معينه أم لا على مذهبين: لمذهب الأول: أن النهي له صيغة موضوعة في اللغة تدل بمجردها عليه، وهي: “لا تفعل”. المذهب الثاني: أنه لا صيغة للنهي في اللغة، وإنما صيغة “لا تفعل” مشتركة بين الأمر وغيره، ولا يحمل على أحدهما إلا بقرينة، ولكل مذهب أدلته مبسوطة في أصول الفقه. 2-صيغة النهي عند البلاغيين: قال الهاشمي: وله صيغة واحدة، وهي المضارع المقرون بلا الناهية: كقوله تعالى «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً» وقد تخرج هذه الصيغة عن أصل معناها إلى معانٍ أخر، تستفاد من سياق الكلام وقرائن الأحوال. 3-نخلص مما سبق أن صيغة النهي بين الأصوليين والبلاغيين، اتفاق واختلاف، فالبلاغيون يتفقون مع المذهب الأصولي الذي يرى أن للأمر صيغة تدل عليه، ويختلفون مع المذهب الثاني الذي ينكر ذلك. ثالثا-دلالات النهي: دلالة النهي بين علم الأصول وعلم المعاني متقاربة، فصيغة النهي وهي: ” لا تفعل ” تستعمل لمعان كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية ولغة العرب، وهي كما يلي: الأول: التحريم كقوله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله). الثاني: الكراهة كقوله تعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ). الثالث: الإرشاد كقوله تعالى: (لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ). الرابع: الدعاء كقول تعالى: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا). الخامس: التقليل والاحتقار كقوله تعالى: (لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم)، فهو قليل وحقير، بخلاف ما عند اللَّه. السادس: بيان العاقبة: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ): أن عاقبة الجهاد: هي الحياة الأخروية السعيدة. السابع: التسكين والتصبر كقوله تعالى: (لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى). الثامن: اليأس كقوله تعالى: (يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم). المطلب الثالث: مظاهر التكامل المعرفي بين علم البيان وأصول الفقه في خدمة النص الفرع الأول: الحقيقة المجاز: مبحث المجاز تناوله الأصوليون والبلاغيون لكن الحيثية مختلفة في خدمة النص، فالأصولي غايته من المجاز بيان احتمالية اللفظ ورجحان الحقيقة على المجاز، أو رجحان المجاز على الحقيقة إن عضد المجاز دليل، أو امتنعت الحقيقة، أما البلاغي فتناوله للمجاز لإظهار إعجاز القرآن الكريم، وجمالية ألفاظه. أولا: تعريف المجاز: المقصود بالمجاز هنا المجاز اللغوي المرسل، وهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقته غير المشابهة، مع قرينة مانعة من المعنى الأصلي. ثانيا: علاقات المجاز: للمجاز المرسل علاقات كثيرة في علم الأصول والبيان، أوصلها الزركشي إلى نيف وثلاثين، لكن أشهرها مما تكامل فيه الأصول والبيان هي: (1) -السببية: وهي إطلاق اسم السبب على المسبب، وإن شئت، فقل: إطلاق العلة على المعلول. (2) والمسببية: وهي كون المنقولُ عنه مسبباً، لشيء آخر: (وينزل لكم من السماء رزقا) أي: مطراً يسبِّب الرزق. (3) والكلية: هي كون الشيء متضمناً للمقصود ولغيره، نحو (يجعلون أصابعهم في آذانهم) أي أناملهم. (4) والجزئية: وهي ذكر لفظ الجزء، وإرادة الكل، كقوله تعالى (فتحريرُ رقبة مؤمنة). (5) واعتبار ما كان، تسمية الشيء باسم ما كان عليه، نحو: (وآتوا اليتامى أموالهم) أي الذين كانوا يتامى. (6) واعتبار ما يكون – هو النظر إلى المستقبل، وذلك فيما إذا أطلق اسم الشيء على ما يؤول إليه، كقوله تعالى (إني أراني أعصر خمراً) أي: عصيرا يؤول أمره إلى خمر. ثالثا: خدمة المجاز للنص الشرعي بين علم أصول الفقه وعلم البيان: 1-خدمة المجاز الأصولي للنص الشرعي: قصد الأصولي من المجاز خدمة النص الشرعي من حيث احتماله وتعدد معناه، كي يستنبط الحكم من المعنى الخفي المرجوح، لتعذر حمل اللفظ على المعنى الراجح الذي هو الحقيقة، ومثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “أيما رجل أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه”. صاحب المتاع هو حقيقة فيمن المتاع بيده، وهو المفلس، ومجاز فيمن كانت بيده، فهذا مجاز مرسل علاقته باعتبار ما كان. 2-خدمة المجاز البلاغي للنص الشرعي: خدمة المجاز البلاغي للنص الشرعي خدمة جمالية، إذ هو من أحسن الوسائل البيانية التي تهدي إليها الطبيعة؛ لإيضاح المعنى؛ إذ به يخرج المعنى متصفًا بصفة حسية، تكاد تعرضه على عيان السامع؛ لهذا شُغفت العرب باستعمال «المجاز» لميلها إلى الاتساع في الكلام، وإلى الدلالة على كثرة معاني الألفاظ، ولما فيه من الدقة في التعبير، والمجاز وسيلة لإظهار إعجاز القرآن الكريم. الفرع الثاني: الكناية: قال الزركشي: “اعلم أن العرب تعد الكناية من البراعة والبلاغة وهي عندهم أبلغ من التصريح” وهي مبحث بلاغي أصولي مع اختلاف غاية كل علم وتكامله في خدمة النص الشرعي. أولا: تعريف الكناية: 1-تعريف الكناية عند الأصوليين: عرفها الأصوليون ومنهم الزركشي بأنها: اسم لما استتر فيه مراد المتكلم من حيث اللفظ كقوله في الطلاق: أنت خلية، أو برية، أي طالق. 2-تعريف الكناية عند البيانيين:“أن يذكر لفظ دال على شيء لغة، ويراد به غير المذكور لملازمة بينهما خاصة، والغرض منه إما قبح ذكر الصريح نحو {أو جاء أحد منكم من الغائط} أو إخفاء المكنى عنه عن السامع. ثالثا: أنواع الكناية: تنقسم الكناية بحسب المعنى الذي تشير إليه إلى ثلاثة أقسام: ـ كناية عن صفة كما تقول (هو ربيب أبي الهول) تكنى عن شدة كتمانه. ـ كناية عن موصوف كما تقول (أبناء النيل) تكنى عن المصريين. ـ كناية عن نسبة. ثانيا: بعض تطبيقات الكناية في القرآن الكريم والحديث الشريف: 1-كناية الله تعالى عن الجماع بالملامسة والمباشرة والرفث والدخول، والسر في قوله تعالى: {ولكن لا تواعدوهن سرا}، والغشيان في قوله تعالى: {فلما تغشاها}. 2- الكناية لغرض ترك اللفظ إلى ما هو أجمل كقوله تعالى: {وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض} فالإفضاء كناية عن الجماع وهي كناية عن موصوف. 3- قوله تعالى: {وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم}، فقبض الأيدي يدل على شدة البخل والمبالغة فيه، قال البقاعي: “{ويقبضون أيديهم} أي يشحون فلا ينفقون إلا وهم كارهون كناية عن شدة البخل”[76]. 4-في الحديث: “كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أيقظ أهله وشد المئزر” فكنى عن ترك الوطء بشد المئزر وكنى عن الجماع بالعسيلة وعن النساء بالقوارير لضعف قلوب النساء. الخاتمـــــــــــــــــــــــــــة: خلاصات وتوصيات: أولا: الخلاصات والنتائج: بعد هذه الجولة العلمية البحثة في موضوع التكامل المعرفي بين علوم البلاغة وعلم أصول الفقه في خدمة النص الشرعي، نخلص إلى ما يلي: 1-علوم البلاغة وأصول الفقه من مشكاة واحدة بينهما مباحث مشتركة، وخدمة متكاملة للنص الشرعي. 2-علم أصول الفقه خدم النص الشرعي من جهتين جهة الثبوت وجهة التفسير. 3-علوم البلاغة خدمت النص الشرعي من جوانب كثيرة جمالية وإعجازية، واستنباطية، وتفسيرية وغيرها. 4-أوجه التكامل بين علم أصول الفقه وعلم المعاني كثيرة أهما الأمر والنهي والخبر والحذف والذكر. 5-أوجه التكامل بين علم أصول الفقه وعلم البيان تتجلى في المجاز والكناية. 6-أصول الفقه وعلوم البلاغة يتكاملان في أن كليهما من علوم الآلة، وكليهما شرط في تفسير النص الشرعي. 7-علم البديع خدم النص الشرعي في جانبه الصوتي الجمالي. 8-التكامل بين علوم البلاغة وعلم أصول الفقه في خدمة النص يتداخل ويتمايز، وهذا هو التكامل المنشود. 9- الأصوليين بحثوا قضية تفسير النص؛ ليستخلصوا المعنى الدقيق والأرجح، في حين ركَّز البلاغيون على الجانب التأثيري، وكيفية أداء المعنى ليوافق مقتضى الحال. فكلاهما غايته المعنى في خدمة النص الشرعي. ثانيا: توصيات استشرافية: 1-توجيه الباحثين إلى العناية بعلم الأصول وعلوم البلاغة في خدمة النص الشرعي. 2-إنشاء مجلة علمية خاصة بالتكامل المعرفي الذي يخدم النص الشرعي. 3- إنشاء مركز إلكتروني يعنى بالتكامل المعرفي بين علوم اللغة والعلوم الشرعية لخدمة النص الشرعي. 4-اقتراح بحوث تعنى بالتكامل المعرفي بين علم البديع وعلم الأصول لخدمة النص الشرعي. 5-بحث يعنى بالأمر والنهي بين الأصوليين والبلاغيين في خدمة النص الشرعي. 6-بحث يعنى بالحذف والذكر بين الأصوليين والبلاغيين في خدمة النص الشرعي. لائحة المصــــــــــــــــــــــــــــــــــادر والمراجع: أولا: القرآن الكريم برواية ورش ثانيا: المصادر والمراجع: 1ـ الإبهاج في شرح المنهاج (منهاج الوصول للقاضي البيضاوي المتوفي سنه 785هـ)، تأليف: تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي وولده تاج الدين عبد الوهاب، نشر: دار الكتب العلمية -بيروت، عام: 1416هـ – 1995 م. 2ـ الإتقان في علوم القرآن، المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة: 1394هـ/ 1974 م. 3ـ الاستعارة لابن كيران بشرح البوري، ط دار المعرفة. 4ـ أسرار البلاغة فى علم البيان، المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (المتوفى: 471 هـ)، المحقق: عبد الحميد هنداوي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة: الأولى، 1422 هـ – 2001 م. 5ـ إيصال السالك شرح منظومة ابن أبي كف، للشيخ محمد يحيي الولاتي، عناية عبد الكريم قبول، دار الرشاد الحديثة المغرب. 6ـ تاج العروس من جواهر القاموس، المؤلف: محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)، المحقق: مجموعة من المحققين، الناشر: دار الهداية. 7ـ التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، المؤلف: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى: 1393هـ)، الناشر: الدار التونسية للنشر – تونس، سنة النشر: 1984 هـ. 8ـ جامع البيان عن تأويل آي القرآن، المؤلف: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، 1422 هـ. 9ـ الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري، المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، الناشر: دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422هـ. 10ـ جواهر البلاغة، أحمد الهاشمي، ضبط وتدقيق: د. الصميلي، ط: المكتبة العصرية. 11ـ حسن الصنيع في علم المعاني والبيان والبديع، البسيوني البياني، مطبعة التقدم، ط1، 1322ه. 12ـ دلائل الإعجاز، المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (المتوفى: 471 هـ)، الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة الأولى، 1995، تحقيق: د. محمد التنجي. 13ـ رسائل ابن حزم الأندلسي، لأبي محمد علي ابن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ)، تح: إحسان عباس، الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر. 14ـ شرح اللمع في أصول الفقه، تأليف: أبي إسحاق إبراهيم الشيرازي (المتوفى: 476 هـ)، تح: عبد المجيد تركي، ط: دار الغرب. 15ـ شرح تنقيح الفصول، لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (ت ٦٨٤هـ)، المحقق: طه عبد الرؤوف سعد، الناشر: شركة الطباعة الفنية المتحدة، الطبعة: الأولى، ١٣٩٣ هـ – ١٩٧٣م. 16ـ الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، المؤلف: أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين – بيروت، الطبعة: الرابعة 1407 هـ – 1987. 17ـ صناعة الكتابة لرفيق خليل عطيوي، ط دار العلم للملايين. 18ـ العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تاليف: أبي على الحسن بن رشيق القيرواني (المتوفى: 463 هـ)، تح: محمد محيي الدين عبد الحميد، نشر: دار الجيل، ط: الخامسة، 1401 هـ – 1981 م. 19ـ الفتح المبين بشرح الأربعين، أحمد ابن حجر الهيتمي، عني به: أحمد جاسم، قصي الحلاق، أبو حمزة الشيخي الدّاغستاني، نشر: دار المنهاج، جدة – ط: الأولى، 1428 هـ – 2008 م. 20ـ قواطع الأدلة في الأصول، المؤلف: أبو المظفر، منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى السمعاني التميمي الحنفي ثم الشافعي (المتوفى: 489هـ)، المحقق: محمد حسن محمد حسن اسماعيل الشافعين الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة: الأولى، 1418هـ/1999م. 21ـ كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، التهانوي، محمد علي، تحقيق: علي دحروج، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، ط1، 1996م. 22ـ الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، لأيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي، أبي البقاء الحنفي (ت ١٠٩٤هـ)، تحقيق: عدنان درويش – محمد المصري، الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت. 23ـ الكوكب الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع الفقهية، الإسنوي، جمال الدين، تحقيق محمد حسن عواد، دار عمار للنشر والتوزيع، عمان، ط1، 1985م. 24ـ اللمع في أصول الفقه، المؤلف: أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (المتوفى: 476هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الطبعة الثانية 2003 م – 1424ه. 25ـ متن الورقات، مع شرحه قرة العين للإمام الحطاب، بحاشية الهدة للشيخ السوسي، ط دار سحنون، ط الأولى 1444ه. 26ـ المحصول، لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ)، دراسة وتحقيق: الدكتور طه جابر فياض العلواني، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثالثة، 1418 هـ – 1997 م. 27ـ المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المعروف بصحيح مسلم، المؤلف: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261 هـ)، المحقق: مركز البحوث بدار التأصيل، الناشر: دار التأصيل – القاهرة. 28ـ المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، تأليف: أحمد الفيومي (المتوفى: نحو 770هـ)، الناشر: المكتبة العلمية – بيروت. 29ـ معترك الأقران في إعجاز القرآن، للسيوطي، دار الكتب العلمية، 1408ه. 30ـ معجم مقاييس اللغة تأليف: أحمد بن فارس (المتوفى: 395هـ) تح: عبد السلام هارون، ط: دار الفكر، عام: 1399هـ – 1979م. 31ـ معجم مقاييس اللغة، المؤلف: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ)، المحقق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ – 1979م. 32ـ مفتاح العلوم، المؤلف: يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكاكي الخوارزمي الحنفي أبو يعقوب (المتوفى: 626هـ)، ضبطه وكتب هوامشه وعلق عليه: نعيم زرزور، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، 1407 هـ – 1987 م. 33ـ مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول (ومعه: مثارات الغلط)، تأليف: أبي عبد الله محمد التلمساني، تحقيق: فركوس، ط: مؤسسة الريان – بيروت، ط: الأولى، 1419 هـ – 1998 م. 34ـ المفردات في غريب القرآن، المؤلف: أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ)، المحقق: صفوان عدنان الداودي، الناشر: دار القلم، الدار الشامية – دمشق بيروت، الطبعة: الأولى – 1412 هـ. 35ـ منهجية التكامل المعرفي للدكتور فتحي ملكاوي، نشر المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الولايات المتحدة الأمريكية، طبعة خاصة بالمغرب عام 1434ه-2012م. 36ـ الموافقات في أصول الشريعة، لأبي إسحاق الشاطبي، تحقيق مشهور آل سلمان، ط دار ابن عفان، الطبعة الأولى 1417ه/1997م. 37ـ نشر البنود على مراقي السعود، المؤلف: عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي، تقديم: الداي ولد سيدي بابا – أحمد رمزي، الناشر: مطبعة فضالة بالمغرب. 38ـ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، المؤلف: إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي (المتوفى: 885هـ)، الناشر: دار الكتاب الإسلامي، القاهرة. 39ـ نظم مرتقى الوصول لابن عاصم، مع شرحه سلم الحصول للشيخ محمد الحسن الخديم، الطبعة الأولى 2017م. 40ـ نهاية السول شرح منهاج الوصول، تأليف: عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي الشافعيّ (المتوفى: 772هـ) نشر: دار الكتب العلمية -بيروت-لبنان، الطبعة: الأولى 1420هـ- 1999م. 41ـ الوسيط في تفسير القرآن المجيد، المؤلف: أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي (المتوفى: 468هـ)، تحقيق وتعليق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، الدكتور أحمد محمد صيرة، الدكتور أحمد عبد الغني الجمل، الدكتور عبد الرحمن عويس، قدمه وقرظه: الأستاذ الدكتور عبد الحي الفرماوي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1415 هـ – 1994 م. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] منهجية التكامل المعرفي حسن فتحي ملكاوي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، طبعة خاصة بالمغرب، 1434ه-2012م، ص 25-32. [2] رسائل ابن حزم الأندلسي، لأبي محمد علي ابن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ)، تح: إحسان عباس، الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 4/90. [3] الإتقان في علوم القرآن، المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة: 1394هـ/ 1974 م، 1/16. [4] الكوكب الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع الفقهية، الإسنوي، جمال الدين، تحقيق محمد حسن عواد، دار عمار للنشر والتوزيع، عمان، ط1، 1985، ص38. [5] اللمع في أصول الفقه، المؤلف: أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (المتوفى: 476هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الطبعة الثانية 2003 م – 1424ه، ص 127. [6] الموافقات في أصول الشريعة، لأبي إسحاق الشاطبي، تحقيق مشهور آل سلمان، ط دار ابن عفان، الطبعة الأولى 1417ه/1997م، 2/102. [7] كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، التهانوي، محمد علي، تحقيق: علي دحروج، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، ط1، 1996، ج1، ص1020. [8] معجم مقاييس اللغة تأليف: أحمد بن فارس (المتوفى: 395هـ) تح: عبد السلام هارون، ط: دار الفكر، عام: 1399هـ – 1979م، 5/356. [9] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، تأليف: أحمد الفيومي (المتوفى: نحو 770هـ)، الناشر: المكتبة العلمية – بيروت، 2/608. [10] متن الورقات، مع شرحه قرة العين للإمام الحطاب، بحاشية الهدة للشيخ السوسي، ط دار سحنون، ط الأولى 1444ه، ص 262. [11] مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول (ومعه: مثارات الغلط)، تأليف: أبي عبد الله محمد التلمساني (المتوفى: 771)، تحقيق: فركوس، ط: مؤسسة الريان – بيروت، ط: الأولى، 1419 هـ – 1998 م، ص 129. [12] شرح تنقيح الفصول، لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي (ت ٦٨٤هـ)، المحقق: طه عبد الرؤوف سعد، الناشر: شركة الطباعة الفنية المتحدة، الطبعة: الأولى، ١٣٩٣ هـ – ١٩٧٣ م، [13] الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، لأيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي، أبي البقاء الحنفي (ت ١٠٩٤هـ)، تحقيق: عدنان درويش – محمد المصري، الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت، ص 524. [14] نهاية السول شرح منهاج الوصول، تأليف: عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي الشافعيّ (المتوفى: 772هـ) نشر: دار الكتب العلمية -بيروت-لبنان، الطبعة: الأولى 1420هـ- 1999م، ص 7. [15] ينظر: شرح الكوكب الساطع للإمام السيوطي، دار السلام، ط الثالثة 1433ه-2012م، 1/39. [16] ينظر: نهاية السول للإسنوي ص 8. [17] الصحاح للجوهري، مادة فقه، 6/2243. [18] نهاية السول للإسنوي ص 8 [19] شرح اللمع في أصول الفقه، تأليف: أبي إسحاق إبراهيم الشيرازي (المتوفى: 476 هـ)، تح: عبد المجيد تركي، ط: دار الغرب، 1/157. [20] المحصول، لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي، دراسة وتحقيق: الدكتور العلواني، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثالثة، 1418 هـ – 1997 م، 1/78. [21] شرح الكوكب الساطع للسيوطي، 1/49. [22] الإبهاج في شرح المنهاج، تأليف: تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي وولده تاج الدين عبد الوهاب، نشر: دار الكتب العلمية، عام: 1416هـ – 1995 م، 1/19. [23] معجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة بلغ. [24] المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، مادة بلغ. [25] العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تاليف: أبي على الحسن بن رشيق القيرواني، تح: محمد محيي الدين عبد الحميد، نشر: دار الجيل، ط: الخامسة، 1401 هـ – 1981 م، 1/242. [26] مفتاح العلوم، ليوسف السكاكي، تعليق: زرزور، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت، ط: الثانية، 1407 هـ – 1987م، 415. [27] حاشية الدسوقي على مختصر المعاني لسعد الدين التفتازاني، المؤلف: محمد بن عرفة الدسوقي، تح: هنداوي، الناشر: المكتبة العصرية، 1/105. [28] المصدر نفسه 1/278. [29] المصدر نفسه 1/128. [30] نشر البنود، للشنقيطي، 1/83. [31] ينظر مفتاح الوصول، للتلمساني، ط الرسالة ناشرون، ص 15. [32] مجموع الفتاوى (19/85، 86) . [33] مفتاح الوصول ص 306. [34] مفتاح الوصول ص 322. [35] مفتاح الوصول للتلمساني ص 569-571. [36] مفتاح الوصول للتلمساني، ص 584. [37] ينظر: تاج العروس: مادة (قصر). [38] ينظر الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي تح أبي الفض، الهيئة المصرية، ط 1394ه،1974، 3/166. [39] ينظر التفسير الوسيط للواحدي، 3/504. [40] قيل للفارسى: ما البلاغة؟ قال: معرفة الفصل من الوصل. [41] ينظر مفتاح العلوم للسكاكي، ص 120. [42] التحرير والتنوير لابن عاشور 1/227. [43] صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب من الإيمان ما يحب لأخيه ما يحب لنفسه، رقم: 13. [44] صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب إقامة الحدود على الشريف، رقم: 6787. [45] صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلوات الخمس كفارة، رقم: 528. [46] الفتح المبين بشرح الأربعين، أحمد ابن حجر الهيتمي، عني به: أحمد جاسم، قصي الحلاق، أبو حمزة الشيخي الدّاغستاني، نشر: دار المنهاج، جدة – ط: الأولى، 1428 هـ – 2008 م، ص 462. [47] دلائل الإعجاز للجرجاني، ص 5-6. [48] أسرار البلاغة : 48. [49] الإتقان، للسيوطي، 3/120. [50] مفتاح العلوم، للسكاكي 170. [51] ينظر: صناعة الكتابة لرفيق خليل عطيوي، ط دار العلم للملايين ص 200. [52] العمدة لابن رشيق القيرواني، 1/268. [53] ينظر الاستعارة لابن كيران بشرح البوري، ط دار المعرفة، ص 38. [54] صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب الساعي على الأرملة، رقم: 6006. [55] صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كراهة تمني لقاء العدو، رقم: 1742. [56] رواه الدارقطني [57] معترك الأقران في إعجاز القرآن، للسيوطي، دار الكتب العلمية، 1408ه، 1/312. [58] ينظر: النكت في اعجاز القرآن ضمن ثلاث رسائل: 99. [59] نظم الدرر للبقاعي 17/335. [60] صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، رقم: 6018. [61] صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب الأرواح جنود مجندة، رقم: 2638. [62] صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، رقم: 1599. [63] صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة. [64] ينظر: أصول الفقه لأي زهرة ص 110-111. [65] مفتاح الوصول [66] قواطع الأدلة [67] جمع الجوامع للسبكي، مع شرحه تشنيف المسامع للزركشي، 2/572. [68] شرح تنقيح الفصول، للقرافي، ص 126. [69] مفتاح العلوم ص 318. [70] حسن الصنيع في علم المعاني والبيان والبديع، البسيوني البياني، مطبعة التقدم، ط1، 1322ه، ص68. [71] مفتاح الوصول، التلمساني، ص 369. [72] البحر المحيط في أصول الفقه، للزركشي، 3/275. [73] جواهر البلاغة، أحمد الهاشمي، ضبط وتدقيق: د. الصميلي، ط: المكتبة العصرية، ص 71. [74] ابحر المحيط في أصول الفقه للزركشي، 3/275. [75] جواهر البلاغة للهاشمي، ص 74. [76] نظم الدرر: 8/ 520.