أطروحة دكتوراه عن كتاب مختصر الواضحة، دراسة وتحقيق.

مختصر الواضحة لفضل بن سلمة الجهني ت 319هـ
دراسة وتحقيق
من كتاب الأكرية إلى كتاب العتق
أطروحة دكتوراه في وحدة تكوين: الاختلاف في العلوم الشرعية مجالاته، أسبابه، آثاره
إعداد الباحثة: فاتحة الأنصاري
تاريخ المناقشة يوم الاثنين 28 يونيو 2021 م
الموافق ل 17 ذو القعدة 1442 ه
أمام اللجنة المتكونة من:
ـ الدكتور سلام أبريش أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن طفيل بصفته رئيسا
ـ الدكتور محمد بوطربوش أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن طفيل بصفته مشرفا
ـ الدكتور أحمد الزيادي أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن طفيل بصفته مقررا
ـ الدكتور أنس الغبيسي أستاذ التعليم العالي مؤهل بصفته مقررا
 وذلك برحاب كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة.
 تقرير البحث:
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، الحمد لله عظيم النِّعم صاحب الجود والكرم، الحمد لله الهادي إلى طريق الحق والعلم.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آلـه وصحبه الطاهرين وعلى من اسْتَن بسنته إلى يوم الدين.
وبعد
      لقد مَنّ الله علي أن هداني ووفقني إلى الاشتغال على كتاب قيم من أهم كتب التراث الفقهي المالكي، وهو مختصر واضحة عبد الملك بن حبيب لفضل بن سلمة الجهني الأندلسي، بالدراسة والتحقيق لبعض أبوابه الفقهية.
      ولا يخفى على دارس للفقه المالكي ما لكتاب الواضحة لعبد الملك بن حبيب من قيمة علمية، فهو  من أهم الكتب الفقهية التي اعتمدت في المذهب، لدى المتقدمين خاصة في الأندلس، والتي يطلق عليها بأمهات كتب المذهب المالكي، حيث فضلها علماء المالكية عن غيرها من المدونات، وفي ذلك يقول ابن حزم(ت456ﻫ): «والمالكيون لا تمانع بينهم في فضلها واستحسانهم إياها»([1])، وقال أيضا: «وألفت عندنا تآليف في غاية الحسن، لنا خطر السبق في بعضها… ومنها في الفقه الواضحة»([2])، قال المقري: «ورأيت في بعض التواريخ أن تواليفه بلغت ألفا، ومن أشهرها كتاب الواضحة في مذهب مالك كتاب كبير مفيد، ولابن حبيب مذهب في كتب المالكية مسطور وهو مشهور عند علماء المشرق»([3]).
      وتفضيل المالكية للواضحة يعود لما اشتمل عليه هذا الكتاب من آراء المدارس المالكية التي تتلمذ ابن حبيب على أئمتها، وخصوصا المدنيون والمصريون، فهو «كتاب شامل يضاهي المدونة في بيانه وتكوينه الداخلي» كما قيل([4])، بالإضافة إلى اختيارات ابن حبيب الكثيرة، والتي كان يخالف فيها المذهب أحيانا أو ينتقد بعض أقواله، حتى عد من العلماء الخلافيين([5]) وذلك لسعة علمه، وجمعه بين رواية الحديث والأثر،  وجودة النظر في الفقه، قال العتبي في معرض ذكره للواضحة: «رحم الله عبد الملك ما أعلم أحدا ألف على مذهب أهل المدينة تأليفه، ولا لطالب أنفع من كتبه، ولا أحسن من اختياره»([6]).
      ورغم مخالفة ابن حبيب للمذهب أحيانا، إلا أنه كان يجنح إلى الصواب في اختياراته حتى قال عنه إبراهيم ابن القاسم: «رحم الله عبد الملك لقد كان ذاباً عن قول مالك، وإن خالفه في البعض بما يسوغ إلا الحق. ولا أخذ إلا بالصواب»([7]).
      وقد اعتنى المالكية بكتاب الواضحة اختصارا وتعليقا وتعقيبا وتدريسا، ومن أهم الجهود على هذا الكتاب: كتاب مختصر الواضحة لفضل بن سلمة الجهني، الذي يعد من أهم ما ألف على الواضحة، وقد انتهج في اختصاره للواضحة أسلوبا نقديا، وتعقب على ابن حبيب كثيرا من آرائه، ولذلك اعتبر من الكتب الجيدة في المذهب، قال عياض: «وله مختصر الواضحة زاد فيه من رأيه وتعقب على ابن حبيب كثيرا من قوله، وهو من أحسن كتب المالكيين».
      وعلى الرغم من أهمية المؤَلَّف ومُؤَلِفه إلا أنه لم يحقق له أي كتاب، ولم تنجز له أية دراسة على حد علمي.
      وهذا ما شدني إلى هذا الكتاب، وجعلني متحفزة لإخراجه إلى الوجود خاصة بعد علمي بمكان تواجد النسخة النادرة منه من قبل بعض الباحثين والأساتذة الفضلاء.
      فاستشرت أستاذي المشرف الدكتور محمد بوطربوش باتخاذه موضوعا لبحث الدكتوراه فشجعني على الاشتغال عليه وقبِل الإشراف على هذا الموضوع، وأعانني بتوجيهاته المنهجية وخبرته العلمية في تحقيق المخطوطات. فجزاه الله عني خير الجزاء.
أسباب اختيار الموضوع:
      إن اختياري تحقيق ودراسة اختصار الواضحة لفضل بن سلمة يعود لسببين أو اعتبارين اثنين: أولهما يعود إلى الكتاب نفسه، وثانيهما يعود لصاحب الكتاب.
      فبالنسبة للكتاب :فاختصار الواضحة يعتبر من الكتب القيمة والمعتمدة في الفتوى والاجتهاد الفقهي في المذهب المالكي، حيث يلخص مؤلفا مهما يعد من أمهات المذهب، وهو الواضحة لابن حبيب، الذي فقدت آثارها إلى يومنا هذا، ما خلا جزء صغير منها، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فاختصار الواضحة هو من الكتب التي تلقاها العلماء بالقبول، وأثنوا عليها وعلى صاحبها، وأكثروا من النقل منها، بل منهم من فضلها على أصلها- الواضحة لابن حبيب- خاصة وأنه يجمع بين دفتيه اجتهادات ابن حبيب واختياراته الفقهية، بالإضافة إلى  اختيارات فضل بن سلمة التي تمثل أسلوبه النقدي لأقوال ابن حبيب وآرائه، كما ذكر عياض حيث قال: «وله مختصر الواضحة زاد فيه من رأيه، وتعقب على ابن حبيب كثيرا من قوله، وهو من أحسن كتب المالكيين»([8])
      أضف إلى ذلك أن هذا الكتاب لم يسبق إلى تحقيقه على حد علمي، خاصة وأنه إلى أمد قريب كان يعد من المفقودين رغم أهميته، لهذا قررت أن أسهم بنصيب في إحياء هذا التراث المالكي بتحقيق جزء من هذا الكتاب، وهو السفر السادس منه، على أمل أن يخرج هذا السفر النادر إلى الوجود لتستفيد منه الأمة الإسلامية عامة، وطلاب العلم الشرعي خاصة، ويكون إضافة نوعية للمكتبة الفقهية.
      أما مؤَلِفُ الكتاب: وهو فضل بن سلمة الجهني الذي يعد من العلماء الذين اشتهروا بالمناظرة، وسعة علمه باختلاف أصحاب مالك، وبحفظه وضبطه لأقوالهم، يقول ابن الحارث الخشني في ذلك: وكان «ممن نشأ في ذلك الوقت من شبابها وأحداثها، فتدرب في صناعة العلم، وعرف وجوه المناظرة فيه، ثم انصرف إلى الأندلس، فأوطن بجانة وأكب على النظر والمناظرة»([9])، وقال علي بن الحسن: «وكان من أوقف الناس على الروايات وأعرفهم باختلاف أصحاب مالك»([10]). ويدل على ذلك انتقاداته وتعقباته لابن حبيب السلمي في كتابه اختصار الواضحة كما سبقت الإشارة إليه.
صعوبات البحث:
      من المعلوم أن أي عمل لا يخلو من صعوبات، تعترض سيره، وتعيق التقدم فيه، وأثناء عملي في إعداد هذا البحث واجهتني بعض الصعوبات أهمها:
ـ تطلب تحقيق هذا المخطوط أن أسافر إلى مكان تواجده في مدينة مكناس عدة مرات للاطلاع عليه، ثم تصويره، وأحيانا تطلب الأمر إعادة تصوير بعض الورقات منه بعدما تبين عدم وضوحها بسبب رداءة التصوير الأول، ولا يخفى على أحد ما يتطلبه من بذل الجهد والمال في سبيل ذلك.
ـ رغم أن قراءة المخطوطة ليست بالصعوبة البالغة على من له تجربة في ذلك، خاصة وأنه كتب بخط واضح، إلا أن التعامل مع نسخة فريدة فيها بتر وطمس وانبهام أو اضطراب عبارة في مواضع عدة ليس بالأمر الهين.
ـ صعوبة التعامل مع مخطوط ليس به ترقيم أو تعقيبة تدل على ترتيب الكتاب، إلى أن لاحظت وجود رموز أعلى الورقات من جهة اليمين، تبين لي بعد البحث والتقصي أنها رموز للقلم الفاسي، فاجتهدت في التعرف على هذه الرموز وترجمتها إلى الترقيم العادي المعروف، حتى أتمكن من ترتيب الكتاب وجعله متناسق العبارة متسلسل المواضيع والمسائل.
ـ فقدان الأجزاء الأخرى للمخطوط، حيث لم أجد للكتاب سوى السفر السادس منه والذي يتضمن بعض الأبواب الفقهية في مجال المعاملات، في غياب لمقدمة المؤلف أو خاتمته التي تساعد في التعرف على عمل المؤلف في كتابه ومنهجه.
ـ ندرة الدراسات والأبحاث حول شخصية فضل بن سلمة وكتابه مختصر الواضحة رغم كثرة النقول عنه في كتب المذهب، إذا لم نقل أنها منعدمة، خاصة أنه لا يوجد للمؤلف كتاب مطبوع أو مخطوط غير هذا الكتاب الذي ظهر للوجود بعد أن كان مختفيا في مكتبة خاصة إلى وقت قريب.
ـ الكثير من المصادر الفقهية التي اعتمدها المؤلف في كتابه هي في حكم المفقود، وبعضها مخطوط، أهمها كتاب الواضحة لابن حبيب، الشيء الذي صعب علي التعرف على منهج المؤلف وطريقة اختصاره للكتاب.
لكن رغم هذه الصعوبات والعقبات وما يتطلب هذا البحث من صبر طويل ونفس عميق لم أنثني عن الاستمرار في تحقيق الكتاب وإخراجه للوجود بعد أن كان طي النسيان، رغم زادي القليل وبضاعتي المزجاة في العلم والفقه، وما توفيقي في ذلك إلا بالله العلي العظيم فهو نعم المولى ونعم النصير.
وصف نسخة الكتاب المخطوطة:
توجد نسخة فريدة وحيدة للكتاب توجد بالخزانة العلمية بمركز التوثيق والأنشطة الثقافية التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمكناس، وهي نسخة تم اقتناؤها من الخزانة العلمية الخاصة للعالم المؤرخ المغربي الأستاذ عبد الكريم الفيلالي([11])، عدد أوراقها 180 ورقة (360 صفحة).وهي نسخة تنقص منها ورقتين (الورقة الثانية والرابعة على الأغلب)، بها بعض التمزيق والطمس خاصة الورقة الأولى والتي تليها، وبهامش بعض الورقات يوجد تعليقات هي عبارة عن تصحيحات، واستدراكات لنقص في النسخة الخطية. أو تنبيهات على بعض الأقوال في بعض المسائل المتضمنة في باب من الأبواب.
كتب على وجه الورقة الأولى للمخطوطة: “السفر السادس من مختصر فضل بن سلمة الجهني لواضحة عبد الملك بن حبيب السلمي رضي الله عنهما، فيه من الكتب: كتاب الأكرية، كتاب المزارعة والمغارسة، كتاب المساقاة مع كتاب القراض، كتاب الشركة، كتاب الجعل والإجارة، كتاب الأحباس والصدقات، كتاب التدبير والكتابة وأمهات الأولاد والمعتق وإلى أجل والمعتق ببلد”.
وتحت هذه العناوين، كتبت مسألة فقهية، نقلت من كتاب البيان والتحصيل لابن رشد.
وفوق عناوين هذه الكتب، كتبت بعض الرموز، استشكلتُها في أول الأمر وتبين لي بعد البحث أنها رموز يطلق عليها القلم الفاسي([12])، وهو عبارة عن ترقيم كان يستعمل قديما بغرض الإلغاز والتعمية، ويوجد يسار أعلى وجه كل ورقة من المخطوط، وقد استطعت بعد التعرف على هذا الترقيم ومقابلته بالترقيم العادي، أن أعيد ترتيب أوراق المخطوط، بعد أن لاحظت عدم تسلسل الكلام وغياب انسجامه في معض المواطن.
      إلا أن بعض الأوراق لم أجد بها هذا الترقيم، وهي معدودة بعضها في أول المخطوطة والآخر في آخرها وهي لا تتعدى أربع ورقات، لذلك اجتهدت في ترتيبها حسب الموضوع وسياق الكلام. كما أن هناك ست ورقات بها ترقيم مكرر، لم أستطع تبين سبب ذلك، ولعه استدراك لخطأ في الترتيب من الناسخ بهذه الطريقة والله أعلم.
      وعلى الهامش الأيمن من الورقة الأولى تمليك طمست أكثر كلماته، حيث كتب: “أحمد الله، تملك بالشراء عبيد الله………في أوائل ربيع……. عام ثلاثة وستين”.
وعلى ظهر الورقة الأولى كتب:
“بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد عبدك يا رب
في اختلاف المكري والمتكاري أو الصناع في تعجيل الكراء من غير شرط كان بينهما: قال عبد الملك: قول مالك في الأكرياء يطلبون كراهم قبل أن يحملوا ما تُكُوروا على حمله…”
      وكتب في الثلاثة الأسطر الأخيرة من آخر ورقة من هذا السفر: ” ولو قالت القافة إنه ليس منه ما انقطع بذلك نسبه، ولا مورثه إلا بادعاء الاستبراء، ولا دعوى له في ذلك؛ لأنه قد شك ألا يكون استبرئ استبراء حسنًا حين قال: اذهبوا بولدي إلى القافة، ورواه لي مطرف أيضا، وقاله لي أصبغ. كمل كتاب العِتق والحمد لله رب العالمين”.
      ولا يوجد إشارة إلى اسم الناسخ أو تاريخ النسخ، سوى ما يرجح كون هذه النسخة الفريدة هي نسخة مقابلة بالنسخة الأم، أي النسخة التي كتبت بخط المؤلف، حيث وجد في آخر كتاب الإجارة في الورقة [95ظ]:” تم السفر الحادي عشر من الأم من كتاب فضل، وبتمامه جميع البيوع، يتلوه إن شاء الله في الثاني عشر كتاب الأحباس والصدقات”.
      بالإضافة إلى استدراكات وتصحيحات لأخطاء ثبتت في المتن عند المقابلة، يكتب في آخر بعضها ما يفيد المقابلة على نسخة المؤلف مثل: “…صح من الأصل”، “…و في الأم”، “هذا المحوز عليه كتب على الغلط، وكان مكتوب في الطرة…”. أو صح وأحيانا يضع دائرة صغيرة كالصفر في نهاية الكلام أو الفقرة، وهي عبارة عن نوع من الزخرفة كان يستعملها النساخ قديما. وأحيانا أخرى يضع دائرة على شكل حرف الهاء أو رقم ثمانية Ø وهو رمز يفيد المقابلة. 
      وقد كتب المخطوط بخط مغربي واضح، تم التمييز فيه بين عناوين الأبواب والمتن، وكذلك بين ما قاله ابن حبيب وبين ما قاله فضل بن سلمة، وذلك باستعمال سمكين للخط، سمك رقيق وآخر سميك.
خطة البحث ومنهج التحقيق:
وقد اقتضت طبيعة البحث أن يتكون من شقين: شق يتعلق بقسم الدراسة، وشق يتعلق بقسم التحقيق.
فبالنسبة للشق الأول المتعلق بالدراسة فقد جعلته في ثلاثة فصول تسبقها مقدمة:
خصصت الفصل الأول: للتعريف بابن حبيب وكتابه الواضحة وفصلته إلى مبحثين، وكل مبحث يتضمن مطالب.
المبحث الأول:  عرفت فيه بابن حبيب وعلمه، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: في اسمه، ونسبه، ونشأته.
المطلب الثاني: شيوخه وتلاميذه، وعصره
الثالث: مؤلفاته، ووفاته.
المبحث الثاني: خصصته للتعريف بـ كتاب الواضحة وفيه أربعة مطالب:
الأول: في بيان أهمية كتاب الواضحة ونقل أقوال العلماء فيه.
الثاني: في بيان المخطوط منه والمحقق والمطبوع منه.
الثالث: في عرض جهود المالكية على الواضحة.  
أما الفصل الثاني من هذه الدراسة فقد عرفت بفضل بن سلمة الجهني الأندلسي وبعلمه وكتابه مختصر الواضحة موضوع هذا البحث، وقد جاء في خمسة مباحث:
المبحث الأول: في التعريف بصاحب مختصر الواضحة وفيع ثلاثة مطالب:
       الأول: اسمه، ونسبه، ونشأته
       الثاني: شيوخه وتلاميذه
       الثالث: أقوال العلماء فيه ومؤلفاته ووفاته
المبحث الثاني: في بيان موضوع مختصر الواضحة وقيمته العلمية في المذهب المالكي.
المبحث الثالث: في دراسة ظاهرة الاختصار الفقهي في المذهب المالكي خاصة في القرون المتقدمة إلى حدود القرن الرابع الهجري.
المبحث الرابع: في عرض مصادر فضل بن سلمة في مختصره.
المبحث الخامس: دراسة منهج ابن حبيب في الواضحة
المبحث السادس: دراسة منهج فضل بن سلمة في مختصره
ثم الفصل الثالث: الذي خصصته لدراسة المخطوط، وبيان منهجي في التحقيق، وفيه مبحثان
المبحث الأول: في توثيق كتاب مختصر الواضحة:          
المبحث الثاني: في دراسة الكتاب المخطوط وفيه مطلبان:
الأول: وصف النسخة المعتمدة في التحقيق
الثاني: المنهج المتبع في التحقيق.
وقد اعتمدت في تحقيقه على  المنهج التالي:
أولا: الحرص على إخراج نص الكتاب إخراجا سليما، قريبا مما كتبه المؤلف، وعدم التدخل في النص بتصحيح أو تغيير إلا في مواضع قليلة مما يترجح لدي بأوجه من أنه سهو أو نسيان من الناسخ، مع بيانه والتعليق عليه في مكانه.
ثانيا: إخراج نصوص هذا الجزء من الكتاب وفق الرسم الحديث، وطريقة الكتابة العصرية، وضبطها بالنقط والفواصل وعلامات الاستفهام والتعجب… مع التركيز على ضبط الكلمات بالشكل، والتي تشكل على القارئ العادي، من أجل البيان ورفع الإشكال.
تتبع أقوال كل من ابن حبيب وفضل بن سلمة والتمييز بينهما، وذلك بالرجوع إلى السطر في بداية كلام أحدهما، وكذلك قمت بتحبير العبارتين: “قال عبد الملك” أو ” قال فضل”، وكتابتهما بخط سميك لتمييز الأقوال عن بعضها.
ثالثا: توثيق نصوص الكتاب المحقق وذلك على الشكل التالي:
توثيق الآيات القرآنية، بعد كتابتها في المتن وفق الرسم العثماني برواية ورش عن نافع، وذلك بالإحالة على السورة ورقم الآية.
تخريج الأحاديث الواردة في المتن بعزوها إلى مظانها المطبوعة، مع ذكر الكتاب والباب الذي ذكر فيه الحديث، ورقم الحديث والجزء والصفحة، مع التنبيه إلى درجة صحة الحديث في بعض الأحيان.
تتبع أقوال ابن حبيب وتعقبات فضل بن سلمة في بعض المصادر الفقهية وتوثيقها منها، وأخص بالذكر هنا ثلاث مصادر أساسية كانت العمدة في التوثيق وهي المدونة لسحنون والنوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني والبيان والتحصيل لابن رشد، بالإضافة إلى مصادر أخرى. وقد اجتهدت في تقديم الطبعات العلمية على الطبعات التجارية في التوثيق ما أمكن، وأحيانا أعتمد أكثر من طبعة للكتاب الواحد لأسباب معللة كالاختلاف في الروايات أو ضبط بعض الكلمات المبثوثة في بعض النقول بين الطبعات المختلفة.
شرح الكلمات الغريبة والصعبة من مصادرها اللغوية المعتمدة، كما تم الاعتناء أيضا بالمصطلحات الشرعية بتوثيقها من مصادر المصطلحات الفقهية والحدود.
تم التعريف بالأعلام بشكل مختصر، لإزالة الغموض عنهم.
وضع عناوين للأبواب الفقهية المضمنة في هذا الجزء من الكتاب، حتى يسهل الرجوع إليها والاستفادة منها. مثل كتاب الأكرية وكتاب المغارسة، وكتاب الشركة…
كل ما وجد في النسخة الخطية من تعليقات أو طرر أو تنبيهات يتم الإشارة إليه في التعليق.
وضعت رموزا وإشارات مساعدة كالمعقوفات والحاصرتين وعلامات الترقيم وأرقام الصفحات وغيرها كما هو مبين في قسم الدراسة.
وختمت التحقيق بفهارس عامة بغية تسهيل الرجوع إلى المادة العلمية وهذه الفهارس هي:
1 ـ فهرس الآيات القرآنية.
2 ـ فهرس الأحاديث والآثار.
3 ـ فهرس الأعلام الذين ورد ذكرهم في القسم التحقيقي.
4 ـ فهرس الكتب
5- فهرس المصادر والمراجع.
6 ـ فهرس الموضوعات.
وأسأل الله العلي القدير أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، ويتقبله مني بقبول حسن، ويكون فاتحة خير علي وينفعني به في الدنيا والآخرة.
والحمد لله الذي هدا نا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها لابن حزم، تحقيق ذ إحسان عباس 1/2/ 181.
([2]) رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها لابن حزم 1/2/178 ـ 181، وانظر نفح الطيب: 4/161.
([3]) نفح الطيب ط دار صادر ح إحسان عباس: 2/6.
([4])  دراسات في مصادر الفقه المالكي ص52.
([5])  المستوعب لتاريخ الخلاف العالي ومناهجه عند المالكية ذ محمد العلمي 2/624.625.
([6]) ترتيب المدارك: 4/126.
([7]) ترتيب المدارك: 4/126.
([8]) ترتيب المدارك: 5/222، الديباج ص: 315 [421].
[9] – أخبار الفقهاء والمحدثين بالأندلس ص: 297.
([10]) ترتيب المدارك5/221.
يوجد في هامش بعض أوراق المخطوط ختم مكتوب عليه: خزانة عبد الكريم الفيلالي. ينظر مجلة دعوة الحق العدد 406، السنة السابعة والخمسون- جمادى الأولى 1435ه/مارس2014، ينظر مقال الخزانات العلمية بمركز التوثيق والأنشطة الثقافية للأستاذ أحمد شاوف صفحة 141.
([12]) اختلف في تاريخ ظهور هذا النوع من الترقيم، والمعروف أنه كان يستعمل عند القضاة والعدول في مسائل تقسيم التركات وما يتعلق به بفاس، ويسمى أيضا بالترقيم الرومي أو الرشم الزمامي. ينظر إرشاد المتعلم والناسي في صفة أشكال القلم الفاسي لأحمد بن العياشي السكيرج باعتناء تامر عبد المنعم الجبالي ص 5. منشور في مجلة معهد المخطوطات العربية بالقاهرة مجلد رقم 53 ج2 ذو القعدة 1430/2009.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى