البعد العقدي والسلوكي عند الإمام الحسن اليوسي (1102هـ)

الباحث حسن العسري

عنوان دكتوراه من إعداد الباحث حسن العسري، تحت إشراف أناس لغبسي، وتكونت لجنة المناقشة من الأساتذة الدكاترة: كريمة بوعمري، عبد الرحمن نباتة، ورضوان غنيمي، وذلك بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة محمد الخامس الرباط، بتاريخ 1443موافق 2021/2022.
ملخص الأطروحة:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد؛ فإنه  لما كان شرف العلم متعلقا بشرف المعلوم، كان العلم بالله والعلم لله من أجل وأعظم العلوم، ولما كان الحسن اليوسي ممن قعد للمباحث العقدية والسلوكية، وجال في تفاصيلها، ونالت تحريراته وتحقيقاته منها النصيب الأوفى والحظ الأوفر في تصانيفه ورسائله، أتت هذه الأطروحة والتي عنونتها ب: “البعد العقدي والتربية السلوكية عند الإمام الحسن اليوسي”  لتكشف النقاب عن هاتين المرتبتين العظيمتين من مراتب الدين، مرتبة الإيمان وما ينضوي تحتها من أبعاد عقدية وإيمانية، ومرتبة الإحسان وما تضمنته من أبعاد تربوية ومقاصد سلوكية.
أهمية البحث
 تكمن أهمية البحث، في كونه يهدف إلى:
ـ الكشف عن جهود أحد أعلام الغرب الإسلامي، في تقريره العقيدة وترسيخ السلوك عند العامة والخاصة، من أجل تثبيت دعائم الدين وتوطيد أركان الوحدة العقدية والسلوكية في هذا القطر، ومواجهة كل أشكال الانحراف العقدي والسلوكي الذي عرفه المغرب في هذه الفترة.
ـ الوقوف على جملة من المباحث العقدية والسلوكية التي علقت بها شوائب الانحراف الفكري والكلامي والفلسفي، والتي عالجها الإمام اليوسي بردها إلى أصولها بمنهج أصيل، وطريقة محكمة.
ـ إبراز جوانب من شخصية هذا الإمام الذي كان من أولئك العلماء العاملين الصادقين المجتهدين، وبيان إسهاماته في تجديد الدراسات العقدية، وتقعيد التربية السلوكية، نظرا لمنهجه الفريد في التحقيق والتحليل والنقد.
ـ التأكيد على المنهج التكاملي للشريعة الإسلامية، فلا عقيدة دون سلوك، ولا سلوك دون عقيدة، فإذا كانت العقيدة هي جذور الدين والشعائر سيقانها وفروعها، فإن السلوك والتربية ثمرتها، ولا شك أن بفساد الجذور تفسد الثمرة، ولا صلاح للثمرة دون صلاح الجذور.
ـ بيان الجوانب الإصلاحية والتجديدية، التي جاء بها اليوسي إن على مستوى العقيدة، وإن على مستوى السلوك، بعد أن كادت تعصف بالمغرب عواصف التقليد، والتفكك، والانحلال، والتقتيل، والتكفير.
ـ توضيح المناهج والخصائص والأبعاد، التي اعتمدها اليوسي في تقريره للدرس العقدي والدرس التربوي السلوكي.
ـ الكشف عن صفحة من الصفحات المميزة لتاريخ المغرب، والاطلاع على حلقة من حلقاته المتعلقة بالقرن الحادي عشر، الذي تميز بالاضطرابات والفتن والحروب وعدم الاستقرار الداخلي والخارجي.
ـ بيان المواد الخام المشكلة لعقل وقلب المسلم، فأما مادة تشكيل العقل الإسلامي فهو خطاب العقيدة بكل مباحثها، وأما مادة تشكيل القلب فهي التربية السلوكية القائمة على المقاومة والمجابهة والمجادة والتخلية والتحلية والكف عن كل شهوات النفس وملذاتها.
إشكالية البحث
يعالج هذا البحث إشكالية تتمثل في مدى إمكانية الوقوف على الأبعاد العقدية والسلوكية المؤطرة للرؤية الإصلاحية والتجديدية في علمي العقيدة والتصوف عند الإمام الحسن اليوسي. وتنبثق عن هذه الإشكالية عدة تساؤلات أهمها:
ـ إلى أي حد استطاع الإمام اليوسي أن يسهم في خدمة وبناء الدرسين العقدي والسلوكي في مدرسة الغرب الإسلامي تأصيلا، وتقعيدا، وتأليفا، وتوجيها، ومنهجا، وممارسة وسلوكا؟
ـ وكيف تحددت معالم الدرسين العقدي والسلوكي في مصنفات اليوسي؟ وما هي أهم خصائصهما ومميزاتهما؟ وهل افترقت هذه المعالم والأبعاد عن غيرها من المدارس والتوجهات أم تشابهت؟
ـ وما هي المنطلقات الفكرية العقدية والسلوكية التربوية التي أطرت النظرة الإصلاحية عند الإمام اليوسي في المجالين العقدي والصوفي؟
منهج البحث:
اعتمدت في دراسة هذا الموضوع ومعالجة مسائله وقضاياه على مناهج متعددة أجملها فيما يلي: المنهج التاريخي، والمنهج الوصفي، والمنهج المقارن، والمنهج التحليلي الاستنباطي الاستنتاجي.
ـ أما المنهج التاريخي فقد اعتمدته عند الحديث عن الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية للعصر الذي عاش فيه اليوسي، حيث يقتضي المقام السرد التاريخي للأحداث، وذكر الأحوال العامة التي تميز بها المغرب في تلك الحقبة من الزمن.
ـ وأما المنهج الوصفي فيمكن اعتباره المنهج الغالب على أي بحث علمي، وهو الذي تبنى عليه باقي المناهج، فلا يمكن الوصول إلى التحليل والاستنتاج دون المرور بالوصف، وقد اعتمدت هذا المنهج عند دراستي للمباحث العقدية والسلوكية هادفا من ورائه التعرف على خصائصها ومميزاتها وأبعادها.
ـ وأما المنهج المقارن فقد وظفته في بعض القضايا والمباحث العقدية والسلوكية، وكيف عالجها اليوسي بالمقارنة مع غيره من العلماء واقفا عند أوجه الشبه والاختلاف، والطرق والوسائل التي اعتمدها اليوسي في ترجيح مسألة من المسائل مخالفا غيره من أئمة العقيدة والسلوك، ومعرفة السابق من اللاحق.
ـ وبخصوص المنهجين التحليلي والاستنباطي، فقد تم توظيفهما عند الوقوف على بعض القضايا التي عالجها اليوسي بغية إبراز الدوافع التي جعلته يتبنى هذا الموقف أو ذاك، مستنتجا بعض النتائج من خلال عرض آراء اليوسي وأقواله والوقوف على مسلماته بعد فك غامضها وشرح مبهمها. 
خطة البحث:
لقد استقرت خطة البحث في شكلها النهائي على مقدمة، وثلاثة أبواب، وخاتمة، وفهارس.
ـ أما المقدمة فقد بينت فيها أهمية الدراسة، وأسباب اختيار الموضوع، وإشكالية البحث، وبعض الدراسات السابقة، والمنهج المتبع في الدراسة.
ـ باب تمهيدي وهو بمثابة تمهيد للبحث، وتناولت فيه ترجمة الإمام اليوسي، والعصر الذي عاش فيه، وقد قسمته إلى ثلاثة فصول، تحدثت في الفصل الأول عن السياق التاريخي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري الذي عاش فيه اليوسي، أما الفصل الثاني فقد خصصته لميلاده وحياته ونشأته ومكانته العلمية وأقوال العلماء فيه، أما الفصل الثالث فقد ذكرت فيه أشياخه وتلاميذه، وأهم مصنفاته وتآليفه، وختمته بوفاته رحمه الله تعالى.
ـ وبخصوص الباب الأول، والمعنون ب “البعد العقدي عند الإمام الحسن اليوسي”، فقد رتبته في ثلاثة فصول، تطرقت في الفصل الأول منه إلى البحث عن خصائص الدرس العقدي الأشعري، والتي أجملتها في خصائص الوسطية والاعتدال، والشمول، والواقعية، وعدم تكفير المخالف من أهل القبلة مالم يأت بما ينقض أصول الاعتقاد.
ـ أما الفصل الثاني، فقد وسمته ب “الآراء العقدية عند الإمام الحسن اليوسي”، تطرقت فيه إلى دارسة الذات الإلهية من حيث كونها ذاتا واجبة الوجود، والمسالك العقلية والنقلية التي اعتمدها اليوسي في إثباتها، ودراسة مسألة أول واجب على المكلف، وموقف اليوسي من التقليد في العقائد. أما المبحث الثاني فقد خصصته للحديث عن الأسماء والصفات عند الحسن اليوسي وبينت فيه معتقده في إثباتها وتأويلها وتفويضها.
وكذا الفعل الإلهي والفعل الإنساني، وبينت مفهوم الكسب عند اليوسي، وخلق الأفعال، ونفي السببية والتأثير والعلية، وقضايا التحسين والتقبيح والجبر والاختيار والقضاء والقدر.
إضافة إلى الحديث عن النبوات والسمعيات، وما يتعلق بهما من القضايا كحكم الرسالة ومقاصد الرسالة وفوائدها وعصمة الأنبياء، وما يجوز في حقهم وما يمتنع، ودلائل المعجزة، واليوم الآخر، وما يتعلق بها من القبر، والبعث، والحشر، والنشر، والصراط، والميزان، والجنة، والنار، ونحوها من الأخبار كالإمامة، وعدالة الصحابة، مبينا معتقد اليوسي فيها وآراءه حولها.
ـ أما الباب الثاني، فقد أسدلت فيه الستار عن البعد السلوكي والتربوي عند الحسن اليوسي، وقد قسمته إلى ثلاثة فصول، تطرقت في الفصل الأول منه إلى مصادر التربية السلوكية وأصولها عند اليوسي وطريقته وسنده فيها، وقد نظمت عقده في ثلاثة مباحث، ذكرت في المبحث الأول مصادر التربية السلوكية وأصولها عند الحسن اليوسي، وتحدثت في المبحث الثاني عن الطرق الصوفية ومشارب التصوف عند الإمام. أما المبحث الثالث فقد تطرقت فيه إلى السند الصوفي للشيخ اليوسي وأهم شيوخ التصوف الذين أخذ عنهم الطريقة.
ـ أما الفصل الثاني، فقد حددت فيه معالم التربية السلوكية وخصائصها عند اليوسي، وقسمته إلى مبحثين، عنونت الأول منهما بمعالم التربية السلوكية عند اليوسي، وبينت أهم هذه المعالم التي حصرها في اتخاذ الشيخ المربي، ودوام الفكر والنظر، والكرامـة، والخلوة، والصمت، والسهر، والصوم، والذكر، والسماع، والاحتفال بالمولد النبوي، والسبحة، والسياحة، ولبس الخرقة، وتجديد التوبة.  أما المبحث الثاني فقد بينت فيه أهم الخصائص التي أجملتها في التدبر العقلي والبعد عن التجريد، والجمع بين الفقه والتصوف، والتصدي لآفات النفس ومكائد الشيطان، والتعلق بالذات المحمدية، وتحقيق المقصد الروحي للجهاد والإنفاق والجمع بين التجرد والتسبب.
ـ أما الفصل الثالث، فقد تحدثت فيه عن أهم الصفات السلوكية عند الحسن اليوسي سواء تعلقت بالمقامات أو تعلقت بالأحوال، وقد جعلته في مبحثين، درس المبحث الأول منهما الصفات المقامات، وبينت أهم المقامات، كالزهد، والصبر، والتواضع، والذكر، والحياء، والتوبة، والفقر، والورع، في حين خصصت المبحث الثاني لدراسة صفات الأحوال، وذكرت أهم الأحوال التي تعرض لها اليوسي كالخوف، والرجاء، والأنس، والشوق، والوجد، والسكر، والفقر، والشكر، واليقظة، والمحاسبة.
ـ لأختم هذه الأطروحة بخاتمة ضمنتها أهم نتائج البحث وخلاصاته، وتوصياته والآفاق التي تطرحها هذه الدراسة في مجال البحث العلمي عامة، ومجال البحث في الدراسات الإسلامية على وجه الخصوص.               

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى