الباحث الدكتور محمد رفيق
تقرير مناقشة أطروحة دكتوراه
تاريخ المناقشة: 12 صفر 1437ھ / 24 نونبر 2015م
تقديم
كان لموقع تارودانت الاستراتيجي بمنطقة سوس، ولما تزخر به من ثروات طبيعية متنوعة، دور كبير في جذب واستقطاب زعماء سياسيين وثوار، وعلماء وصناع وتجار، فأثرت بذلك في الأحداث التاريخية وتأثرت بها عبر مسارها التاريخي، فقد تعددت أدوارها وتطورت من قاعدةٍ عسكريةٍ ومعقلٍ للحامية السلطانية بالسوس، إلى مركزٍ اقتصادي وتجاري، ومحطةٍ هامة في طريق القوافل التجارية من شمال المغرب إلى الصحراء الكبرى، إلى عاصمةٍ سياسية لعدة دول وإمارات، ثم حاضرةٍ علميةٍ وثقافية، أمَّ وجهتَها العلماء والأدباء، وحج إليها طلبةُ العلم، ونهلوا من معينها، فغدت بذلك بوتقةَ تلاقت فيها أجناسٌ بشرية مختلفةُ من أمازيغَ وعربٍ وزنوج وعلوجٍ ويهود، وتمازجت تمازجا أفرز تفاعلا ثقافيا متنوعا بصم شخصيةَ المدينة على مر التاريخ.
ولم تكن تارودانت وحيدةً في هذا المسار وفريدةً في تلك الأوصاف، بل شاركتها فيه مدن مغربيةٌ عدة مثلَ فاسَ ومراكشَ وسلاَ وآسفي وغيرِها، ولكن هذه الحواضرَ قد وجدت من يبرز تاريخها، ويجلي تراب النسيان عن تراثها، ويظهر عطاءاتها، ويكشف تميزَها الفني وإبداعَها الأدبي، بينما ظلت تارودانت تشكو من الإغفال وتعاني من الإهمال، فكان هذا باعثا من بواعث اختيار هذا الموضوع لإبراز الدور الثقافي والأدبي للمدينة، وإظهار تجلياته المتنوعة.
لقد أسهمت مجموعةٌ من الباحثين بجهود جبارةٍ ومشكورة، كشفت من خلالها عن جوانبَ متنوعةٍ من تراث المدينة بتحقيق المخطوط ونشره، وبالتعريف بالمسار التاريخي للمدينة ومحيطها وإبرازه، وبتبيان دورها الاقتصادي وتحديده، لكن تلك الصورة التي أبرزت جاءت عامة شاملة، امتزجت فيها الجوانب الثقافية بالسياسية والاجتماعية بالاقتصادية وغيرها..، ومن أبرز من يمثل هذا الاتجاه العلامةُ محمدٌ المختار السوسي رحمه الله في جل كتاباته وعلى رأسها “المعسول” و”خلال جزولة” و”الإلغيات” و”إيليغ قديما وحديثا”، لذا كانت الحاجةُ ماسةً إلى رسم الصورة الأدبية للمدينة ومحيطها، في وضوحها واستقلاليتها، وشموليتها وهذا داع من دواعي هذه الدراسة، وهدف من الأهداف التي تسعى لتحقيقها.
لقد أشار عميدُ الأدب المغربي الدكتور عباسُ الجراري إلى أَن الأدبَ المغربيَ لا يمكنُ رصدُ تجلياته وتتبعُ تطوراته إلا عبرَ إفرادِ قضاياهُ بالدراسة وتخصيصِ ظواهرِه بالتناول والتمحيص، ويعتبر الإشعاعُ الأدبيُّ برودانةَ في فترة الدراسة ( عصر السعديين وبداية العصر العلوي ) من الظواهر الجديرة بالبحث والنبش، فقد نبغ خلاله أدباء وشعراء، وارتفعت راية الشعر العربي في سوس خفاقة، تفاخر غيرها من حواضر المغرب، لذلك جعل هذا البحث من مهامه الكبرى كشف بواعث بزوغ هذه الظاهرة الأدبية وعوامل إشعاعها وازدهارها وتبيان أسباب أفولها واضمحلالها.
ولم يكن اختيار هذه الفترة التي تمتد على مدى قرنين من الزمن من سنة ستةَ عشرَ وتسعمائةٍ إلى سنة ثمانيةَ عشرَ ومائةٍ وألفٍ للهجرة اعتباطا ولا ضربة لازب، بل كان اختيارا واعيا، باعتبار تارودانت قد تربعت خلال هذه الفترة على عرش الأحداث، وحازت مراتبها الأولى، فهي عاصمة السعديين السياسية على مدى ثلاثين سنة وزيادة، وظلت محط اهتمامهم إثر ذلك، كما اتخذها الحاحيون والثوار العلويون عاصمة لإماراتهم التي أنشأوها. فتوفرت لها بذلك شروط موضوعية أهلتها لتحقيق نهوض ثقافي وعلمي وأدبي متميز، بز فيه الأدباء الرودانيون أقرانهم من نواحي المغرب وأقطاره الأخرى.
صعوبـــات البحث:
لقد اعترضت مسار إنجاز البحث عدةُ صعوباتٍ أوجزها فيما يأتي:
ـ قلةُ المصادر التي تؤرخ لمدينة تارودانت وتكشفُ عن تراثها الأدبي والعلمي، وقد تجلى هذا النقصُ في فراغات وفترات بياض تخللت زمنَ الدراسة، ومرد ذلك لقلة العنايةِ بالتدوين في أنحاءِ سوسٍ ككل، وضياعِ وتلفِ أغلبُ ما تم تدوينه، وما سلمَ من ذلك ضنَّ به أصحابُه، فظل حبيسَ الخزانات الخاصة يعسُر الوصولُ إليه، فكان من النتائج السلبية لذلك صعوبة رصد إبداع كل أدباء رودانة.
ـ توزعُ الإبداع الأدبي الروداني بين مصادرَ متنوعةٍ تاريخيةٍ وفقهيةٍ، وأخلاقية /صوفيةٍ، وغيرها، مما اقتضـى جردا لتلك المصادر وتتبعا لكل ما له صلةٌ بالموضوع لرصده وعزله، ودراسته.
ـ سمةُ الحركية التي تطبع الأديب الروداني وتنقله بين بوادي سوس وحواضر تارودانت ومراكش وغيرهما، تصعب من عملية تحديد المتنِ الشعري والنثري المتوصل إليه ليتلاءمَ مع شرط الدراسة. يضافُ إلى ذلك كونُ جلِّ القصائد لا توثق للحظةِ إنشائها ولا لمقام إنشادها، مما يضفي ضبابية على زمن الإبداع وعلى لحظة ومكان تلقيه، مما تطلب مساءلةً للنصوص الشعرية ذاتِها وللنصوص التاريخية لكشِف هذا الالتباس. ولا يُستثنى من هذا الأمرِ إلا منتوجُ الشاعرِ عبدِ الرحمان التمنارتي.
ـ بلغ مجموعُ الشعراء المرصود شعرهم أو جزء منه حوالي ثلاثةٌ وثلاثون شاعرا، بمجموع من النصوص يصل إلى تسعة وثمانين ومائة نص شعري، وهو متن شعري شديدُ التنوع والاختلاف زمنيا وفنيا وموضوعاتيا، مما يجعل الإمساك بمفاصله وتحديد خصائصه المشتركة أمرا بالغ الصعوبة.
المنهجية
وظفت الدراسة مجموعة من المناهج منها التاريخي والوصفي والتحليلي والإحصائي، حسب ما تقتضيه مراحل البحث ومحطاته:
1 ـ فقد تم توظيف المنهج التاريخي في تتبع الأحداث التي عرفتها المدينة خلال مسارها التاريخي منذ الفتح الإسلامي إلى نهاية فترة حكم محمد العالم، بغية رسم الصورة التاريخية لها، وإبراز أهم العوامل المؤثرة في الحياة الثقافية والأدبية بها، كما تم تطبيقه في ربط النصوص الأدبية بالظروف التي تؤطرها.
2 ـ وهيمن المنهج الوصفي على جل محاور البحث، باعتباره وسيلة أساسية في تبيان تجليات الحياة الأدبية وصورها المتنوعة، وإبراز حركيتها.
3 ـ وفرض المنهج التحليلي نفسه أثناء التعامل مع النصوص التاريخية، والنصوص الإبداعية استخلاصا لدلالاتها، واستخراجا لأبعادها ولخصائصها الفنية المميزة لها.
4 ـ وتمت الاستعانةُ بالمنهج الإحصائي في إحصاء النصوصِ الإبداعية شعرا ونثرا وتصنيفِها حسب أجناسها وأغراضها ومواضيعها وتحديدِ نسب حضورها، ونصيبِ كل أديب من أدباء فترة الدراسة، ومدى إسهامِه في الحركة الأدبية بالمدينة، ومقارنةِ هذه النسب فيما بين مراحل الدراسة، واستخلاصِ الدلالات الممكنة.
خطة البحث:
لقد تم تناول موضوعَ البحث وَفق تصميم يتكونُ من مدخلٍ تمهيدي وثلاثةِ أبواب وأحدَ عشرَ فصلا تنضوي تحت كل فصل عدةُ مباحثَ بلغَ مجموعُها واحدا وأربعين مبحثا:
ففي التمهيد تم التعريف بالموضوع وبمنهجية الدراسة، وبالدراسات السابقة، كما حددت الاصطلاحات الأساسية في البحث.
وخصص البــاب الأول بفصوله الثلاثة لتناول الإطـار العام للبحث، فتناول الفصل الأول تارودانت قبل فترة الدراسة تعريفا وتأريخا ورصدا لحركية التعريب بها وإبرازا لمظاهر الحياة الثقافية والأدبية فيها، وتناول الفصل الثاني تارودانت خلال فترة الدراسة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وأفرد الفصل الثالث لرصد بواعثِ النهوض الأدبي، وتبيانِ معاناة التراث الأدبي من الضياع والتلف، وتحديدِ سمات الأديب الروداني، وعرضِ المنتوج الأدبي الشعري منه والنثري.
أما البـاب الثــاني فقد خصص فصوله الأربعة لدراسة المتن الشعري، فاهتم الفصل الأول بالشعر السياسي فعرض للمديح والرثاء السياسيين وللنقائض السياسية، واختص الفصل الثاني بالشعر الديني فتناول شعر المديح النبوي، وشعر الشوق والحنين، وشعر الضراعة والتوسل، وشعر الجهاد والدعوة الإسلامية، وأفرد الفصل الثالث للشعر الذاتي فتناول شعر الغزل وشعر الإخوانيات والشعر التعليمي وشعر الوصف وتكفل الفصل الرابع بتبيان الخصائص الفنية فتناول البنية الهيكلية واللغة الشعرية والصور الشعرية والبنية الإيقاعية.
واختص البــاب الثــالــث بفصوله الأربعة كذلك بدراسة متن النثر الفني فتناول الفصل الأول الرسائل والمناظرات وعرض لمضامينها، وتناول الفصل الثاني الخطب والمقامات والتراجم، وتناول الفصل الثالث قضايا النقد الأدبي النظرية والتطبيقية، واختص الفصل الرابع بالخصائص الفنية للنثر الفني: البنية الهيكلية، واللغة والأسلوب، ثم الصور الفنية والمحسنات البديعية.
وقد أفردت لكل فصل خاتمة ضمنتها أهم الخلاصات التي تم التوصل إليها في كل فصل على حدة، ثم استجمعت تلك الخلاصات جميعِها في مجملٍ مركز لأهم النتائجِ التي توصلت إليها الدراسة عنونته بالخاتمة.
كما ذيلت البحث بملحق ضم تراجم الأدباء الذين كان لهم إسهام قل أو كثر في الحياة الأدبية بتارودانت، مع الإشارة إلى آثارهم الأدبية والإبداعية، والإحالة على مصادرها ومظانها.
وأضيفت فهارس تفصيلية للآيات القرآنية والأحاديث النبوية والنصوص الشعرية والأعلام البشرية والجغرافية والمصادر والمراجع والمحتويات والمضامين.
نتائج الدراسة
يمكننا إجمال أهم النتائج التي خلص إليها البحث فيما يلي:
ـ كانت الحركة الأدبية بتارودانت طفرة بارزة، لم تسبقها مقدمات بالمدينة ممهدة لظهورها، ذلك أن بداياتها شهدت فترة كمونها وتبرعمها وتطورها في بوادي سوس ومدارسه، باعتبارها محاضن آمنة ومستقرة، حتى إذا تأمنت تارودانت، وازينت، أتاها الأدباء والشعراء متحدرين من جبال سوس أفواجا متتابعة، يخطبون ودها، ويلتمسون عطاءاتها، ويقتنصون ما تحتويه من فرص.
ـ إن هذه الحركة الأدبية كانت ترجمة أمينة لما يعتمل في الساحة الأدبية السوسية من قضايا وظواهر وتطورات، فقد كانت تارودانت بمثابة ملتقى تصب فيه كل روافد الإقليم السوسي، وكانت سوقا أدبية يتبارى فيها أدباء سوس في مجامعهم ونواديهم الخاصة..
ـ عكست الحركة الأدبية بتارودانت كل أشكال الصراع السياسي الدائر داخل الإقليم وخارجه، فقد انخرط فيه أدباؤها وأدلى شعراؤها فيه بدلوهم، ونال بعضهم جزاءه حظوة وقربى، وأدى بعضهم الآخر ثمن هذا الانخراط نفيا وإبعادا وتشريدا وقتلا.
ـ من أهم السمات التي طبعت هذه الحركة سمةُ القطيعةِ وغيابِ الاستمرارية فالمتتبع لمسار تارودانت التاريخي والسياسي والثقافي والأدبي، يجد نفسه أمام قطائعَ تاريخيةٍ منفصلةٍ، أو فترات متقطعةٍ، تفصل بينها فجواتُ صمتٍ تاريخي وثقافي وأدبي، ومن أمثلته البارزة غياب أي أثر أدبي روداني ذا شأن لفترة تزيد على خمسين سنة، وهي الفترة الممتدة ما بين ستين وألف للهجرة، سنةَ وفاة الأديب عبدِ الرحمان التمنارتي، وعشرةٍ ومائة وألف للهجرة، سنةَ إيقاد الأمير محمد العالم شعلة الأدب في المدينة.
ـ إن عطاءَ الحركة الأدبية يكون في تجددِها واستمرارِها وبناءِ اللاحقِ من الأدباء على إبداعاتِ السابقين منهم، فيكتملُ الصرحُ الأدبي ويعلو ويسمو ويتألق، وفي ظل القطيعة، تكون البداياتُ متشابهةً بين مرحلة وأخرى، وتكون نهاياتُها دون المدى، بل قد يحدث أن تكون فتراتٌ سابقةٌ أغنى إبداعا وأرقى مستوى فني من فتراتٍ لاحقة، ومثاله إبداع الفترة السعدية، مقارنة بالمرحلتين المواليتين، وخاصة فترةَ محمد العالم.
ـ قام العامل السياسي بدور مزدوج في تارودانت، فقد كان من أكبر العوامل التي دفعت بالإبداع الأدبي إلى البروز والتألق، انعكس ذلك على صعيد الأغراض والمضامين وعلى المستوى الفني والإبداعي كذلك، لا من حيث الكم ولا من حيث الكيف. كما أثر هذا العامل سلبا على الإبداع الأدبي في فترات أخرى بإخماد بعض الحكام لجذوته، لعدم اهتمامهم به وعدم احتفائهم بأهله، أو لكون الأدباء قد انفضوا عن الحاكم لكونه ثائرا وخارجا عن السلطة الشرعية، لذلك لم نعثر على أثر أدبي واحد في أي من الحكام المعارضين للسلطة المركزية ممن تداولوا على حكم تارودانت أو كانوا في نواحيها.
ـ زاحم العامل الديني العامل السياسي من حيث الحضور ومن حيث الإنتاج الأدبي، وقد عكس تشبع الأدباء بالثقافة الإسلامية، فتجلى ذلك في الأغراض الشعرية ذات الطابع الديني: من مديح نبوي ومولديات وشوق وحنين وضراعة وتوسل،
ـ اقتصر الإبداع الأدبي الروداني في مجالات تداوله وتلقيه على دوائر أربع وهي:
ـ الدائرة السياسية: وتستأثر بالشعر السياسي بكافة أغراضه من مدح ورثاء وهجاء ونقائض ووصف للحروب وشعر مولديات،
ـ الدائرة الدينية: وتتداول فيها الأغراض والفنون المرتبطة بالمجال الديني من خطب ومناشير ومديح نبوي وشوق وحنين، ..
ـ الدائرة الاجتماعية: وتبرز من خلال الإخوانيات التي توزعت بين المواضيع الاجتماعية والمواضيع العلمية وما ينشأ بين العالم والمتعلم من حوارات وتواصل ومجاذبات، ..
ـ الدائرة الذاتية: ويقتصر فيها الأديب على خويصة نفسه وذاته، فيعبر عن شجونها وآلامها وآمالها وأمانيها، وتعكسه من الأشعار: الغزل بأنواعه، والتوسل والضراعة.
ـ الترسم والاتباع: غلب على الإبداع الأدبي الروداني خلال فترة الدراسة طابع المحاكاة والتقليد، فالأدباء ترسموا خطى سابقيهم من الأدباء ونسجوا على منوالهم ونهجوا نهجهم، مما جعل بعض النصوص تحيل ضمنيا على نظيرة لها سابقة، تكاد تطابقها لفظا ومعنى في غالب مقاطعها،
ـ ولكنه مع ذلك يحمل ملامح تجديدية وسمت الأدب الروداني بميسمها الخاص وإن بدت محتشمة، منها:
ـ توظيف البعد الديني بقوة في المديح السياسي، بالتركيز على صفات الحاكم الدينية وعلى النسب العربي والنبوي الشريف.
ـ عدم اقتصار الشعراء على مدح الحاكم، فضمنوا قصائدهم توجيهات ونصائح، بل واشتملت بعض القصائد على لائحة مطالب، يلتمس الشاعر والأديب من الممدوح والحاكم القيام بها في مزج صريح بين وظيفة الشاعر ووظيفة العالم.
ـ التحوير في أشكال بعض الفنون النثرية بما يتناسب والمقام وما تتطلبه اللحظة الشعرية، في خروج سافر عن النمط المعهود في الجنس الأدبي الموظف، ونموذجه مقامة محمد الهلالي في مدح الأمير محمد العالم.
أفق مفتوح
لا تدعي هذه الدراسة استيفاء الجوانب كلها بحثا واستقصاء، ولكنها تمثل لبنة في صرح شامل ما ينفك يكبر ويكتمل لاستكمال الصورة الأدبية لتارودانت في حركيتها المتقلبة والمتجددة مصارعة عوائق الإبداع والنهوض الأدبيين، لذا تغيى هذا البحث إثارة شهية الباحثين بفتحه الباب مشرعا أمامهم لخوض غماره في الأدب الروداني في القرون الهجرية الموالية: الثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر، وهي فترات أوفر حظا من حيث الوثائق، والنصوص الإبداعية، خصوصا وقد برز فيها أدباء كبار أمثال محمد الهوزيوي، والجيشتيميين: عبد الرحمان، وولده أحمد، وغيرهم. كما يبقى الباب مشرعا أمام البحث المدقق والمفصل في قضايا وظواهر أدبية عرفها الأدب السوسي وضمنه الأدب الروداني.
شكر وامتنان:
إنه ما كان لهذا البحث أن يستوي قائما على سوقه، وأن يدرج قاطعا مراحله، لولا تضافر جهود ثلة من الأساتذة الباحثين الأجلاء الذين أعتز بدعمهم ومساندتهم وعلى رأسهم:
أستاذي المشرف الدكتور محمد الحاتمي الذي أشكر له بذله الكبير، وصبره وسعة صدره، وتشجيعه المتواصل، لكي يبقي جذوة البحث متقدة ومتواصلة لدي، وهي التي كادت تخبو بفعل كثرة الشواغل والصوارف، فإياه أشكر على كل ما بذله من توجيه وتصحيح واستدراك وتشجيع.
كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى أعضاء اللجنة العلمية الموقرة التي عكفت على هذا الجهد المتواضع دارسة ومنقبة، لتسديد رؤياه وتصويب مساره وتصحيح اعوجاجه وتقويم منآده، الذين أشرف بمناقشتهم لهذا البحث وأسعد بملاحظاتهم وهم أستاذي الفاضل الدكتور: اليزيد الراضي، والأستاذ الدكتور صالح أزوكاي ، والأستاذ الدكتور علي المتقي، والأستاذ الدكتور المهدي السعيدي.
كما أتوجه بالشكر الخالص إلى ثلة أساتذة الوحدة الكرام الذين رفدوا مسارنا نحن الطلبة الباحثين بصبر ودأب ونكران ذات، معبرا عن عميق عرفاني لما أسدوه لنا وبذلوه.
وأتوجه بخالص الامتنان لكل من أسهم في إنجاز هذا البحث بطريقة غير مباشرة، عبر الاستفادة من بحوثهم العميقة وتحقيقاتهم القيمة ودراساتهم الجادة في التراث الأدبي السوسي والروداني، وأخص بالذكر أسرة آل الراضي ممثلة في أستاذي الفاضل الدكتور اليزيد الراضي وكريمته الدكتورة آمنة الراضي ببحوثهما التي خصا بها آثار ومخطوطات الشخصية الأدبية الرئيسة في تارودانت خلال فترة الدراسة” عبد الرحمان التمنارتي” فذللت بذلك الكثير من صعوبات البحث، فلهما كامل الشكر والامتنان.
كما أتوجه بكامل التقدير والاحترام لإدارة الكلية ممثلة في السيد العميد ونائبه وإدارة السلك الثالث التي وفرت للباحثين شروط البحث وذللت لهم صعابه.
ولكل مسهم من قريب أو بعيد ممن لم يتسع المقام لذكره، فللجميع خالص الشكر والعرفان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زر الذهاب إلى الأعلى